واصل الشعب الجزائري، أمس الجمعة، التظاهر بكثافة للأسبوع التاسع على التوالي بعدما شجعتهم التنازلات التي حصلوا عليها منذ بداية حركتهم الاحتجاجية، بينما دعت الرئاسة سياسيين إلى حوار جماعي أعلنت حركة مجتمع السلم مقاطعته. ويتظاهر الجزائريون بالملايين في شوارع مدن البلاد منذ 22 فبراير الماضي، وقد نجحوا في دفع عبد العزيز بوتفليقة للتخلي عن ولاية رئاسية ثانية بعد حكم دام 22 عاما بلا منازع، ثم إلى إلغاء الاقتراع الرئاسي الذي كان مقررا في 18 أبريل، ثم مغادرة السلطة. وقدمت السلطات تنازلا جديدا لمطالب الشارع هذا الأسبوع تمثل بتغيير رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز الذي كان أحد «الباءات الثلاث» (ثلاثة أسماء من رموز السلطة تبدأ بحرف الباء) الذين طالب الجزائريون برحيلهم، وهو من المقربين لعبد العزيز بوتفليقة. ويطالب الشارع أيضا بتنحي كل من رئيس الدولة الانتقالي عبد القادر بن صالح ورئيس الوزراء نور الدين بدوي. ويؤكد رحيل بلعيز أن المحتجين يحصلون على تنازل جديد بعد كل يوم جمعة من المظاهرات، لذلك يبدو أن استقالته لن تكون كافية لتهدئة المتظاهرين الذين يطالبون برحيل جميع شخصيات «نظام» بوتفليقة، وقيام مؤسسات انتقالية تتولى مرحلة ما بعد بوتفليقة. من جهته، قال رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح إن ما وصفها بالمحاولات اليائسة الهادفة للمساس بأمن البلاد واستقرارها قد فشلت وستفشل مستقبلا بفضل الجهود التي يبذلها الجيش. وأضاف أن هناك قوى كبرى تعمل على إعادة صياغة خريطة العالم على حساب حرية الشعوب ووفقا لمصالحها. مشاورات سياسية سياسيا، وجهت الرئاسة الجزائرية أول أمس الخميس دعوات لأحزاب وشخصيات ومنظمات من أجل المشاركة في جلسة حوار جماعية، لبحث سبل تجاوز الأزمة التي تشهدها البلاد. وبحسب مصادر حزبية متطابقة، فإن الأمانة العامة للرئاسة وجهت دعوات للطبقة السياسية من أجل «لقاء جماعي تشاوري» الاثنين المقبل يشرف عليه عبد القادر بن صالح. وأفادت المصادر بأن اللقاء هدفه «التشاور حول الوضع السياسي الراهن وكيفية تسيير المرحلة الانتقالية» بعد استقالة بوتفليقة وتولي عبد القادر بن صالح الرئاسة المؤقتة بموجب الدستور. غير أن حركة مجتمع السلم (أكبر حزب إسلامي بالجزائر) دعت إلى مقاطعة جلسة الحوار، وقالت إنها تلقت دعوة من الرئاسة للمشاركة لكنها لن تحضر هذا الاجتماع، وتدعو جميع القوى السياسية والمدنية إلى مقاطعته. وأوضحت «حمس» أن هذا اللقاء هو ذاته اعتداء على الإرادة الشعبية، وزيادة في تأزيم الأوضاع، معتبرة أن سياسة فرض الأمر الواقع هي التي أوصلت البلد إلى ما هو عليه. ولفتت الحركة إلى أن «الاستمرار في التعنت في عدم الاستجابة للشعب الجزائري الذي طالب بإبعاد رموز النظام في إدارة المرحلة الانتقالية، والشروع في انتقال ديمقراطي حقيقي عبر الحوار والتوافق الوطني ستكون عواقبه خطيرة على الجزائر والجزائريين ويتحمل أصحاب القرار الفعليين مسؤوليتها».