يستعد مهرجان تطوان لسينما البحر المتوسط، لإسدال الستار على دورته الخامسة والعشرين، مساء يومه السبت. في هذه الساعات تكون لجنة التحكيم قد احتجبت للبت في مصير الأفلام المشاركة ضمن المسابقة الرسمية، وإعلان النتائج التي توصلت إليها، في المساء، خلال حفل الختام بمسرح سينما اسبانيول. وإلى ذلك الحين يبقى السؤال معلقا، بخصوص من سيفوز وفي أي بلد من ضفتي حوض المتوسط سترسو النجمة الذهبية للمهرجان، حيث يوجد في حلبة التباري كما هو معلوم 12 فيلما في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، من المغرب وسوريا ومصر وفلسطين واليونان وإسبانيا وإيطاليا وفرنسا وتركيا، ويمثل المغرب في هذه المسابقة فيلما (الميمات الثلاث: قصة ناقصة) للمخرج سعد الشرايبى و(التمرد الأخير) للمخرج جيلالى فرحاتى. وفى مسابقة الأفلام الوثائقية يتنافس 11 فيلما من إسبانيا وفرنسا وكرواتيا وجورجيا والجزائر وسوريا ومصر وتونس ولبنان. ويرأس محمد كلاوي هذه السنة لجنة تحكيم النقد التي تسلم جائزة مصطفى المسناوي، ويرأس المخرج الجزائرى مالك بن إسماعيل لجنة تحكيم الأفلام الوثائقية، فيما يرأس الإيطالى روبرتو جياكومو بسشيوتا لجنة تحكيم الأفلام الروائية الطويلة. تكريمات مساء اليوم، كذلك وخلال الحفل الختامي سيكرم المهرجان الفنانة المصرية نيللي كريم، التي يرافقها زميلها النجم المصري كريم عبد العزيز كضيف شرف. كما ستكرم المخرج الإسبانى خوصي لويس منيارو. والتكريمات، عادة دأب عليها مهرجان تطوان لسينما البحر المتوسط، وقد كرم في دوراته الماضية، يوسف شاهين وصلاح أبوسيف وعمر كابور وروني آليو ونادية لطفي وكلود لولوش ولويس بيرلانغا وأنطونيوني وكمال الشناوي وروسيليني ومحمد ملص وكلاوديا كاردينالي وهدى سلطان ومحمد الركاب ونور الشريف. ويأتي تكريم النجمة المصرية نيللي كريم التي تعد من أشهر نجمات السينما المصرية منذ مطلع الألفية الجديدة، تقديرا للأدوار الناجحة التي أدتها في الأفلام المصرية، منذ فيلم “سحر العيون” و”شباب على الهواء” و”هروب مومياء” و”إسكندرية –نيويورك”، مرورا بفيلم “إنت عمري” و”فتح عينك” و”آخر الدنيا” و”واحد صفر”، وصولا إلى “زهايمر” و”الفيل الأزرق”، ثم “اشتباك” الذي صعد بها إلى منصة مهرجان “كان” في دورته الأخيرة، وقد حازت نيللي كريم على مجموعة من الجوائز، في مهرجانات عربية ودولية. كما يكرم مهرجان تطوان الإسباني الشهير “لويس منيارو”، والذي قدم العديد من الأفلام للسينما الإسبانية والعالمية، بصفته مخرجا ومنتجا، أغلبها في جنس سينما المؤلف، وقد حظيت بالترحيب والتنويه في مهرجانات دولية شهيرة. وقد توج لويس منيارو بالسعفة الذهبية في مهرجان “كان” عن فيلم “العم بونمي يتذكر حيواته الماضية”، وجائزة الكرة الزجاجية في المهرجان الدولي للسينما في كارلوفي عن فيلم “الفارسة” وجائزة لجنة التحكيم في مهرجان سان سبيستيان عن فيلم “أيطا”. عروض خارج المسابقة الرسمية وتميز برنامج فقرة “خفقة قلب”، بالنسبة لنسخة هذه السنة، ببرمجة أربعة عروض سينمائية من أصناف وهويات مختلفة، احتضنت عرضها قاعة “أبنيدا”. ويتعلق الأمر، على التوالي، بفيلم “معركة الجزائر”، وهو فيلم وثائقي من توقيع المخرج الجزائري مالك بن إسماعيل، الذي وقع عليه الاختيار هذه السنة كرئيس للجنة تحكيم المسابقة الرسمية الخاصة بالأفلام الوثائقية، وفيلم “رحلة حول غرفة أم”، وهو فيلم طويل من توقيع المخرجة الإسبانية، سيليا ريكو كلافيينو. ويتوزع الفيلمان الثالث والرابع بين كل من الفيلم الطويل “ورد مسموم” للمخرج المصري، أحمد فوزي صالح، والفيلم الطويل “في عينيا” للمخرج التونسي، نجيب بلقاضي. وبالنسبة لفقرة “استعادة”، خصصت برمجتها بالكامل، برسم الدورة الحالية للمهرجان، للإنتاج السينمائي الوطني، حيث تمت برمجة ما مجموعه سبعة أشرطة سينمائية من توقيع مخرجين مغاربة، طالما أبانت أعمالهم وإنتاجاتهم عن علو كعبهم في عوالم الفن السابع. ويتعلق الأمر، على التوالي، بفيلم “الجامع” لداوود أولاد السيد، و”القلوب المحترقة” لمحمد المعنوني، و”بيت في الحقول” لطالا حديد، و”ذاكرة معتقلة” للجيلالي فرحاتي، و”موت للبيع” لفوزي بنسعيدي، و”زمن الرفاق” لمحمد الشريف الطريبق، وكذا “منسيون” لحسن بنجلون. تداريب وورشات كانت رحلة سينمائية من كل الأفاق شهدتها الدورة الفضية إضافة الى العديد من الفقرات المتميزة ضمن برمجة غنية ومتنوعة. وقد تأرجحت هذه البرمجة بين تنظيم تداريب وورشات توخى المنظمون من ورائها الحرص على نشر الثقافة السينمائية في أوساط الشباب، عن طريق تقريب هذه الفئة المجتمعية من تقنيات اللغة السينمائية، وكذا مناهج قراءة الصورة الفيلمية. وأشرف على هذه الفقرات والأنشطة سينمائيون ومختصون مرموقون في مجال الفن السابع، سواء من المغرب أو من بلدان أخرى. وبالنسبة لفئة الأطفال، فقد تمت برمجة ورشتين، تمحورت الورشة الأولى حول “صناعة فيلم التحريك”، وهي موجهة لتلاميذ السلك الابتدائي بتطوان، فيما تعلقت الورشة الثانية ب”كتابة السيناريو والإخراج”. وفي نفس الإطار، تمت برمجة ما مجموعه ثمانية عروض للأطفال توزعت بين “أداما” لسيمون روبي، و”ونحن خارجون من المدرسة” لبول إلوارد، و”زرافة راني مصالحة” لبلوراي، و”كو العصفور الصغير” لكريستيان دي فيتا، و”ماما في أمريكا” لمارك بوريال، و”مغامرات سبيرو وفونتاسيو” لألكسندر كوفر، و”إرنيست وسيلستين” لكل من ستيفان أوبيي وفانسون باتار وبنجامين رونير، وفي الأخير “الشرير الكبير رونار” لكل من بنجامين رونير وباتريك أمبيرت. لأجل حب السينما “من يحب الحياة يذهب إلى السينما”… لأن في هذه الأخيرة تجارب إنسانية مختلفة، تتقاطع مع تجربة المشاهد أو تلتقي أحيانا، وفيها يمكن ان يعيش في جلد الشخصيات فيتألم، يحزن ويسعد معها، كل ذلك لأن السينما محفز للخيال ومنبه الحلم. ضمن فعاليات الدورة الخامسة والعشرين لمهرجان تطوان لدول البحر الأبيض المتوسط، التي تختتم مساء اليوم، تابع الحاضرون كما سلف العديد من الأفلام القوية، المتبارية ضمن المسابقة الرسمية، بشقيها الروائي الطويل والوثائقي. وواكبوا جلسات نقاش عميقة حول مواضيع راهنة، ترتبط بالسينما. وعادت بهم الذاكرة الى أفلام مغربية قديمة فازت بالدورات السابقة للمهرجان. والمهم أن الجميع احتفى بفلسطين ضيف شرف الدورة وبالسينما الفلسطينية التي أبانت عن تجلي جديد أكثر واقعية وأكثر جرأة وأكثر إبداعا، وتجاوزت تلك الأنماط التي سجنت نفسها فيها عقودا من الزمان، وصارت تقدم نفسها كسينما تتمثل حقيقة الأوضاع على الأرض، ترصد معاناة الإنسان، وتستنطق بعضا من المسكوت عنه.