دعا خبراء وإعلاميون ومهندسون معماريون مسؤولي الجماعات الترابية، إلى الاهتمام والعناية بالتراث المادي واللامادي للمدن لأنه يمثل قيمة مضافة في التنمية المجالية ويساهم في الحفاظ على الخاصية الهوياتية للمغاربة. وأكد المشاركون في ملتقيات “ذاكرة الرباطسلا” حول موضوع الإعلام والتراث، الذي نظمته الثلاثاء الماضي، جمعية “ذاكرة الرباطسلا” على أهمية وسائل الإعلام في تعميم الوعي والتحسيس بغنى وتنوع التراث الثقافي المادي واللامادي لحاضرتي أبي رقراق الرباطوسلا. وأوضح فكري بنعبد الله رئيس جمعية “ذاكرة الرباطسلا” الدور الذي تضطلع به الجمعية في هذا الإطار، مشيرا إلى أن أيام التراث التي تنظمها الجمعية كل سنة تعتبر من أهم التظاهرات الثقافية التي تعرفها مدينتي الرباطوسلا، مؤكدا الحاجة إلى تعاطي إعلامي جدي مع التراث الوطني بصفة عامة، وتراث الرباطوسلا بصفة خاصة، وجعله شأنا مجتمعيا على غرار باقي القضايا الأخرى التي تهم المجتمع. وأضاف فكري بنعبد الله، أن هذا اللقاء الذي ينعقد تحت شعار “ملتقيات ذاكرة الرباطسلا .. الإعلام والتراث” يندرج ضمن سلسلة من الملتقيات التفاعلية التي تتيح الفرصة لتبادل الأفكار والتشاور بخصوص التراث بين مهني القطاع وممثلي وسائل الإعلام، والإجابة على مجموعة من الأسئلة من قبيل كيف يمكن لوسائل الإعلام أن تلعب دورها في المراقبة والحماية وتثمين التراث المادي واللامادي والمحافظة عليه. وفي السياق ذاته، انتقد الكاتب والصحفي الصديق معنينو تعاطي وسائل الإعلام العمومية مع التراث المغربي، وخاصة القنوات العمومية الممولة من دافعي الضرائب، داعيا إلى رفع مذكرة للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري من أجل إلزام الإعلام العمومي في دفاتر التحملات بالعناية بالتراث وإعطائه المكانة التي يستحقها ضمن خريطة برامجه. وأضاف معنينو أن عدم اهتمام القنوات العمومية بالتراث يحدث قطيعة بين الأجيال، ويعمق الشعور بالبعد عن الوطن بالنسبة للأجيال الصاعدة، والابتعاد عن الجذور والأصول، داعيا وزير الثقافة والاتصال إلى العناية بالتراث المغربي في شموليته، وحث القنوات العمومية على إنتاج برامج تعنى بالتراث وتقريبها من عموم المواطنين، وخاصة الشباب من أجل ربطهم بماضيهم وأصولهم التاريخية. من جانبه، أوضح المهندس المعماري فؤاد أقلعي مدير مجموعة إعلامية مختصة في الهندسة المعمارية والبناء ، أنه، بعد عملية جرد المواقع التراثية، يصبح من الضروري اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتثمينها وتأهيلها وترميمها حسب حالة كل موقع، مؤكدا على دور وسائل الإعلام في الحفاظ على التراث الوطني، حمايته وتثمينه، مبرزا الدور الذي تضلع به الجمعيات المهتمة كجميعة ذاكرة الدارالبيضاء وجمعية ذاكرة الرباطسلا في مجال العناية والمحافظة ونشر الوعي بأهمية التراث المادي واللامادي للمدينتين. واقترح المهندس أقلعي، في السياق ذاته، خلق نوادي صحفية متخصصة في التراث والتي يمكن، بحسبه، أن تشكل قوة ضغط وقوة ترافعية حول مختلف القضايا التراثية وأن تكون حاملة لها، بهدف تثمين التراث وإبراز أهميته الاجتماعية والثقافية والتنموية باعتبارها عاملا أساسيا في التنمية المجالية. وخلال هذا اللقاء الذي أداره الخبير الاقتصادي والخبير في التواصل المؤسساتي إدريس العيساوي، أفاد المهندس المعماري عبد الرحمان الشرفي، أن تسجيل إحدى المعالم التراثية ضمن التراث العالمي المعترف به من طرف اليونسكو يزيد بنسبة 15 في المائة من عدد السياح الذين يزورونه، ليؤكد الأهمية الحيوية التي يكتسيها الاهتمام بالتراث سواء كان ماديا أو لا ماديا، بالنظر إلى الدور الذي يطلع به في التنمية المستدامة. واستعرض عبد الرحمان الشرفي تجربته الشخصية من خلال مواكبته لملف تسجيل الرباط ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم “اليونسكو”، وهو ما ساهم بشكل كبير، في نظره، في تثمين الجوانب الثقافية والمعمارية والتاريخية لعاصمة المملكة. يشار إلى أن جمعية “ذاكرة الرباطسلا” تأسست سنة 2014 بمبادرة من عدد من المتطوعين المولوعين بالتراث ، وهي تعمل من أجل تسليط الضوء على التراث المادي واللامادي لحاضرتي أبي رقراق والتعريف بغنى هذا التراث وأهميته . ويرتكز عمل الجمعية على محاور رئيسية هي تحسيس السلطات والمختصين والمهنيين الشباب والتلاميذ وعموم الجمهور بأهمية التراث الثقافي والمعماري والحضري والمجالي واللامادي، وإنجاز أبحاث لتعميق المعرفة حول تراث الحاضرتين، والعمل على نشر وتعميم الإنتاج المعرفي المستخلص من الأبحاث والدراسات المنجزة بهذا الخصوص محليا ودوليا، وتحفيز وتبني مبادرات تهدف للحفاظ على التراث وتقديم المشورة لجميع المبادرات ذات الصلة عمومية كانت أو خاصة .