أضحى تقليدا سنويا أن يتم تخصيص شهر أكتوبر من كل عام لتعزيز جهود التعبئة والتوعية في مجال مكافحة سرطان الثدي، فيما أصبح معروفا بحملة “أكتوبر الوردي”، حيث اتخذ هذا اللون كرمز عالمي للتحسيس بالمرض. ويعد سرطان الثدي أكثر الأمراض السرطانية التي تصيب النساء، لكن خطورته تكمن في كونه مرضا صامتا، بما أن أعراضه لا تظهر إلا في المراحل المتقدمة جدا حيث تتضاءل نسبة الشفاء منه. لذلك لم يكن من المستغرب أن يخصص لحملة مكافحة الداء شهر كامل ضمن مبادرة عالمية تحمل شعار الشريط الوردي الذي تم اعتماده كرمز للحملة رسميا عام 1992 بعد أن بدأ استخدامه من قبل مؤسسة “سوزان كومين” التي وزعته على المشاركين في أحد سباقات الناجين من السرطان في نيويورك عام1991. ومنذ ذلك الحين، خلال شهر أكتوبر، تتكاثف جهود النساء، سواء منهن المتعافيات أو المريضات بالسرطان، وهن يرتدين الملابس الوردية أو يحملن الشارة الوردية، لون الأنوثة والأمل، من أجل دعم بعضهن البعض في المعركة ضد السرطان، وهي المعركة التي لن يتأتى الانتصار فيها إلا من خلال انتشار الوعي بضرورة الكشف المبكر الذي يخول الشفاء من الداء بنسبة تفوق 90 بالمائة. نعم فالشفاء من المرض الخبيث لم يعد مستحيلا.. أهمية التشخيص المبكر يتم سنويا تسجيل حوالي 1.38 مليون حالة جديدة للإصابة بسرطان الثدي و458 ألف حالة وفاة من جراء الإصابة به، وفقا لتقديرات الوكالة الدولية لبحوث السرطان. ولا تقتصر الإصابة بسرطان الثدي على النساء فقط، بل إنه قد يصيب الرجال أيضا. وتبين في السنوات الأخيرة أن معدلات الإصابة بالسرطان آخذة في الارتفاع بشكل مطرد في البلدان منخفضة الدخل وتلك متوسطة الدخل بسبب زيادة متوسط العمر المتوقع وارتفاع معدلات التمدن واعتماد أساليب الحياة الغربية. ولا يوجد حاليا إلمام كاف بأسباب الإصابة بسرطان الثدي، لذا فإن الكشف المبكر عنه لا يزال يمثل حجر الزاوية الذي تستند إليه مكافحة المرض. وثمة فرصة كبيرة في إمكانية الشفاء من سرطان الثدي في حال كشف عنه في وقت مبكر وأُتيحت الوسائل اللازمة لتشخيصه وعلاجه. ولكن إذا كشف عنه في وقت متأخر فإن فرصة علاجه غالبا ما تكون قد فاتت، وهي حالة يلزم فيها تزويد المرضى وأسرهم بخدمات الرعاية الملطفة تخفيفا لمعاناتهم. وتفيد التقديرات أن معظم حالات الوفيات (269 ألف حالة) تتمركز في البلدان منخفضة الدخل وتلك المتوسطة الدخل، بسبب عدم تشخيص جل حالات إصابة المرأة بسرطان الثدي إلا في مراحل متأخرة، ومرد ذلك أساسا إلى الافتقار إلى الوعي بأهمية الكشف المبكر وإلى العقبات التي تعترض النساء في سبيل الحصول على الخدمات الصحية لعلاجه. وتدعو منظمة الصحة العالمية الحكومات إلى تنفيذ برامج شاملة لمكافحة سرطان الثدي في إطار تطبيق خطط وطنية لمكافحته. وتوصى البلدان منخفضة الدخل وتلك المتوسطة الدخل باتباع استراتيجيات بشأن الكشف المبكر عن المرض وإجراء فحص سريري للمواضع الظاهرة من الثدي. وينطوي إجراء فحص للثدي بالتصوير الشعاعي على تكاليف باهظة وهو غير مجد إلا في البلدان التي تمتلك بنية تحتية صحية رصينة تمكنها من تحمل نفقات تنفيذ برنامج طويل الأجل في هذا المضمار. في المغرب، يقدر عدد حالات سرطان الثدي ب36.4 من الحالات التي تصيب النساء، بمعدل 7 آلاف حالة جديدة سنويا. ويعد سرطان الثدي، إلى جانب سرطان الرحم في الدرجة الثانية، من أبرز أسباب الوفيات في صفوف النساء، وبالتالي فإنه يمثل مشكلا حقيقيا للصحة العمومية. ولمواجهة هذا الوضع، تم تحديد مكافحة سرطان الثدي ضمن أولويات المخطط الوطني للوقاية ومراقبة السرطان، منذ انطلاقه في سنة 2010 من خلال التركيز على محاور الوقاية، والكشف المبكر، والتكفل العلاجي، والعلاجات المخففة، و كذا إجراءات مواكبة المرضى. وبفضل هذا المخطط، تحقق تقدم كبير خلال السنوات الأخيرة في مجال مكافحة الداء، وذلك من خلال رفع حظوظ العلاج بناء على الكشف المبكر الذي تستفيد منه النساء عموما وخصوصا فئة 45 إلى 65 سنة، التي يستهدفها المخطط ضمن حملات سنوية وكذا خلال عمليات الكشف السريري التي تتم طوال السنة في المراكز الصحية العمومية. كما مكن المخطط من تحسين مستوى التكفل بالحالات المسجلة من خلال ضمان الفحص والعلاج المجانيين ضمن نظام التغطية الصحية ونطام المساعدة الطبية (راميد). طرق الوقاية من سرطان الثدي يحدد الباحثون أن بعض أنماط الحياة، والبيئة، والعوامل الوراثية، تزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي، ولا يمكن تغيير العوامل الوراثية، ولكن يمكن تعديل عوامل نمط الحياة للوقاية من سرطان الثدي. وينصح الخبراء باتباع نظام غذائي منخفض الدهون حيث أظهرت الدراسات أن عدم إصابة السيدات بسرطان الثدي اقترن بتناول الأغذية قليلة الدسم، ومع ذلك يمكن استهلاك الدهون الصحية كالأحماض الدهنية الموجودة في الأسماك وزيت الزيتون. ويفيد نمط الغذاء الصحي في الحفاظ على وزن صحي وتجنب السمنة التي تعد حاليا من أسباب ارتفاع خطر الإصابة إلى جانب التدخين. ولذلك يعد تجنب التدخين وتناول الكحول أيضا من أسباب الوقاية من الداء حيث وجدت العديد من الدراسات أن هناك صلة وطيدة بين التدخين وخطر الإصابة. ويستحب أن يكون نمط الحياة الصحي مقترنا بممارسة نشاط بدنى منتظم. فقد وجدت الدراسات، أن النساء اللواتي يمارسن المشي السريع لمدة ساعة إلى ساعتين في الأسبوع، مثلا، ينخفض لديهن خطر الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 18%. ويرجح الباحثون أن اعتماد الأم على الرضاعة الطبيعية لتغذية طفلها، قدر الإمكان، يخفض ﻣﺨﺎﻃﺮ الإصابة. ويؤكدون كذلك على أهمية الحد من العلاج بالهرمونات البديلة أو الهرمونات التعويضية. فالنساء اللاتي يستخدمن العلاج بالهرمونات البديلة يصبح لديهن أيضا خطر أعلى للإصابة بسرطان الثدي عن النساء اللاتي لا يستخدمن تلك العلاجات الهرمونية. ومن المهم التذكير هنا بأهمية الفحص الذاتي للثدي كل شهر، حيث يجب أن تهتم المراة بفحص الثدي ذاتيا كل شهر لتحديد أي كتل في الثدي. وبهذه الطريقة، يمكن منع ظهور سرطان الثدي في وقت مبكر من خلال العلاج السهل للأورام الحميدة التي قد تتكون في الثدي. الأعراض من أولى أعراض سرطان الثدي، هو اكتشاف كتلة صغيرة أو كبيرة غير مؤلمة في الثدي، وتستمر بعد انتهاء الدورة الشهرية ويمكن الكشف عنها أثناء الفحص الذاتي للثدي. ويمكن أيضا ملاحظة خروج أي إفرازات من حلمة الثدي سواء كانت صفراء اللون أو مخلوطة بدم، فهي إشارة للإصابة بسرطان الثدي. أي تغير في شكل جلد الثدي أو الحلمة هو أيضا من أعراض سرطان الثدي. ويمكن أن تلاحظ المرأة في هذه الحالة جفاف جلد الثدي أو ظهور تقرحات وجفاف الحلمة مع حدوث تشققات بها. وقد يظهر في بعض الأحيان مجموعة من الدمامل الصغيرة على الثدي أو قد يلاحظ احمرار الثدي. ومن أعراض سرطان الثدي الأخرى، نجد تورم الغدد الليمفاوية تحت الإبط، وهو ما يدل عليه بوجود كتل كبيرة أو صغيرة تحت الإبط. وفي المراحل المتأخرة، قد تشعر المرأة المصابة بسرطان الثدي بضيق وصعوبة في التنفس مع سعال مزمن. فإذا لاحظت المرأة أيا من هذه العلامات، يجب عليها التوجه إلى الطبيب فورا للاطمئنان على صحتها، فكلما تم الكشف عن المرض في المراحل الأولى، كلما كان العلاج أسرع وإمكانية الشفاء مؤكدة. علاج سرطان الثدي للتحقق من سرطان الثدي فسوف يقوم الطبيب بإجراء فحص للثدي للتحقق من أي كتل أو شذوذ. وسوف يرغب الطبيب أيضا في تنفيذ بعض الفحوصات التصويرية، وتشمل الفحوصات التصويرية فحص الماموجرافي، وهي الأشعة السينية المصممة خصيصا للكشف عن أي شذوذ في الثدي. قد يطلب الطبيب أيضا إجراء الموجات فوق الصوتية أو التصوير بالرنين المغناطيسي. وفي بعض الحالات، قد يرغب الطبيب في أخذ عينة من نسيج الثدي وفحصها تحت المجهر. علاج سرطان الثدي يختلف من مريض لآخر. وشمل الخيارات العلاج الكيماوي، العلاج الإشعاعي، العلاج المستهدف، العلاج الهرموني، والجراحة. يتضمن العلاج الكيميائي استخدام العقاقير التي تقتل الخلايا السرطانية، في حين أن العلاج الإشعاعي يتضمن استخدام أشعة عالية الطاقة لقتل الخلايا السرطانية. أما العلاج المستهدف، وهو ما يسمى أيضا العلاج البيولوجي، فهو نوع من العلاج الذي يستهدف تشوهات معينة في الخلايا السرطانية. ويستخدم نظام المناعة في الجسم لمهاجمة تلك الخلايا. ويتضمن العلاج الهرموني استخدام الأدوية التي تمنع الهرمونات التي يمكن أن تساعد في نمو الورم مرة أخرى. عادة ما يتم استخدامه بعد العلاجات الأخرى للتأكد من أن السرطان لن يعود مرة أخرى. فيما تتضمن الخيارات الجراحية إزالة الورم، الثدي بأكمله أو الغدد الليمفاوية المحيطة به. ويعتمد نوع الجراحة على شدة السرطان وانتشاره.