منح مجلس نواب الشعب التونسي ليلة الاثنين إلى الثلاثاء، الثقة للأعضاء الجدد في الحكومة عقب التعديل الوزاري الذي أجراه رئيسها، يوسف الشاهد الأربعاء الماضي. ولنيل ثقة البرلمان كان يتعين على أعضاء الحكومة المقترحين، أن يحصلوا على مصادقة أغلبية النواب، أي على 109 أصوات على الأقل. وينص الفصل 144 من النظام الداخلي للبرلمان على أنه "إذا تقرر إدخال تحوير (تعديل) على الحكومة التي نالت ثقة المجلس إما بضم عضو جديد أو أكثر أو بتكليف عضو بغير المهمة التي نال الثقة بخصوصها، فإن ذلك يتطلب عرض الموضوع على المجلس لطلب نيل الثقة". وكان رئيس الحكومة يوسف الشاهد (42 عاما) قد أعلن الأربعاء الماضي عن التركيبة الجديدة لحكومته بعد التعديل الوزاري والذي شمل 13 وزيرا و7 كتاب دولة. وصرح لدى إعلانه عن هذا التعديل الوزاري أنه أكد للأحزاب المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية والمنظمات الوطنية الموقعة على وثيقة قرطاج، التي قام بالتشاور معها، أن "حكومة الوحدة الوطنية ستكون في الفترة القادمة بمثابة حكومة حرب ضد الإرهاب والفساد والبطالة والتفاوت الجهوي". ويذكر أن وثيقة قرطاج، التي وقعت في 13 يوليوز 2016، تعد وثيقة سياسية وقعتها تسعة أحزاب وثلاث منظمات تونسية، وتضمنت خطوطا عامة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية، وأولويات في عدد من المجالات الوطنية، وعلى قاعدتها تم تشكيل حكومة وحدة وطنية. وتنص الوثيقة على أن أولويات حكومة الوحدة الوطنية تشمل "كسب الحرب على الإرهاب، وتسريع نسق النمو والتشغيل، ومقاومة الفساد وإرساء مقومات الحكومة الرشيدة، والتحكم في التوازنات المالية، وإرساء سياسة خاصة بالمدن والجماعات المحلية، ودعم نجاعة العمل الحكومي واستكمال تركيز المؤسسات". وتميز التعديل الوزاري بكونه شمل حقائب وزارية مهمة هي وزارات الداخلية و الدفاع و المالية و التجارة و الصناعة و الصحة. وبعد هذا التعديل، أصبحت الحكومة التونسية، تتكون من 28 وزيرا و15 كاتب دولة بعد أن كانت تضم عند انطلاق عملها في شهر غشت من السنة الماضية 26 وزيرا و14 كتاب دولة، قبل أن تصبح بعد ذلك متكونة من 25 وزيرا، إثر إلغاء وزارة الوظيفة العمومية. وكان الشاهد قد شرع قبل نحو شهر وبعد مرور سنة على تشكيل حكومته الأولى، التي نالت ثقة البرلمان في 26 غشت 2016، في مشاورات مع الأحزاب السياسية التي وقعت على وثيقة قرطاج، وهمت على الخصوص طبيعة التعديل الوزاري وملامحه الأساسية. وشهدت الساحة السياسية على إثر هذا التعديل تعبير الأحزاب والمنظمات عن مواقف تراوحت بين الترحيب والاعتراض. وفي هذا السياق ثمنت حركة النهضة، وهي أكبر الأحزاب تمثيلا في البرلمان (69 نائبا) توجه رئيس الحكومة، في التعديل الوزاري، الرامي إلى إيلاء المزيد من الاهتمام بالشأن الاقتصادي وإطلاق مشاورات مع الموقعين على "اتفاق قرطاج" حول الرؤية الاقتصادية المطلوب اعتمادها في أفق إخراج البلاد من ظرفية اقتصادية ومالية تكاد كل الأطراف تجمع على صعوبتها. أما حزب "نداء تونس"، الممثل في البرلمان ب(58 نائبا) فقد أكد على لسان مديره التنفيذي، حافظ قائد السبسي على دقة المرحلة التي تفرض على جميع الأطراف الوقوف مع حكومة الوحدة الوطنية حتى تتمكن من تحقيق أهداف هذه المرحلة، بما يخدم عملية الانتقال الديمقراطي والإقلاع الاقتصادي، ومجابهة التحديات الكبرى التي تواجه تونس. وفي المقابل أكدت الجبهة الشعبية (15 نائبا) (معارضة) أنها "لن تمنح ثقتها لحكومة يوسف الشاهد الجديدة"، لأنها "لا ترى فيها حكومة حرب على الفساد والبطالة والإرهاب، بل حكومة حرب على قوت غالبية الشعب التونسي ومصالحه". وترى الجبهة أن التعديل الوزاري "ليس سوى إعادة توزيع للحقائب داخل الائتلاف الحاكم، في تمسك بمنطق المحاصصة الحزبية الضيقة"، مشيرة إلى أن هذا المنطق طغى على تشكيل الحكومات المتعاقبة منذ انتخابات 2014". أما حزب "حركة مشروع تونس"، (24 نائبا) فأكد أنه "يدعم الحكومة الحالية وتجديد الثقة في رئيسها"، معبرا عن أسفه لما حصل من "ضغوطات من قبل أحزاب أخرى للإبقاء على المحاصصة". ومن جهته عبر الاتحاد العام التونسي للشغل عن الأمل في أن يكون التعديل الوزاري الذي أعلن عنه رئيس الحكومة يوسف الشاهد، قد خضع للتحري في سير الوزراء المعينين وملفاتهم حتى لا يكونوا محل أية شبهة وأن يكون الاختيار قد تم على أساس مقياس الكفاءة، وفق ما صرح به الناطق الرسمي باسم الاتحاد، سامي الطاهري الخميس. وتجدر الإشارة إلى أن التعديل الوزاري الجزئي ليوم 6 شتنبر يكتسي أهمية خاصة بالنظر إلى عدد الحقائب التي شملها (13 حقيبة وزارية و7 كتاب دولة) وإلى نوعية الوزارات التي شملها (الداخلية والدفاع والمالية والتجارة …). وتميز التعديل الوزاري الذي وصف بالواسع، والذي جاء بعد فترة من الترقب والجدل، باستحداث ثلاث وزارات، هي وزارة التجارة ووزارة الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، وكذلك وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية بعد أن كانت كتابة دولة تابعة للمالية، فضلا عن إحداث وزارة لدى رئيس الحكومة، مكلفة بمتابعة الإصلاحات الكبرى. كما تم استحداث 4 كتابات دولة جديدة، وهي كتابة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية مكلفة بالديبلوماسية الاقتصادية وكتابة دولة لدى وزير الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة وكتابة دولة لدى وزير التجارة خاصة بالتجارة الخارجية وكتابة دولة لدى وزير الصحة، إلى جانب نقل كتابة الدولة للهجرة والتونسيين بالخارج من إشراف وزارة الخارجية إلى وزارة الشؤون الاجتماعية. وفي المقابل تم حذف كتابة الدولة لدى وزير الفلاحة المكلفة بالإنتاج الفلاحي. وقد حافظ وزيرا الخارجية خميس الجهيناوي والعدل غازي الجريبي على منصبيهما، في حين تم تكليف لطفي براهم بوزارة الداخلية وعبد الكريم الزبيدي بوزارة للدفاع. وضمن التركيبة الجديدة للحكومة، حافظ 15 وزيرا على حقائبهم. كما سبق لثلاثة وزراء جدد، أن تقلدوا نفس مناصبهم الجديدة، في أوقات سابقة، وهم عبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع الوطني ورضا شلغوم وزير المالية وحاتم بن سالم وزير التربية. وتضم التركيبة الجديدة 6 نساء فقط (3 وزيرات و3 كاتبات دولة)، بعد أن كانت الحكومة السابقة تضم 8، وهن سلمى اللومي وزيرة السياحة ونزيهة العبيدي وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وماجدولين الشارني وزيرة شؤون الشباب والرياضة، إلى جانب سنية الشيخ كاتبة دولة لدى وزير الصحة وسارة رجب كاتبة الدولة لدى وزير النقل وسيدة الونيسي كاتبة الدولة المكلفة بالتكوين المهني والمبادرة الخاصة. ويذكر أنه على عهد الحكومة السابقة بلغت نسبة النمو، خلال الستة أشهر الأولى من السنة الحالية 1.9 بالمائة، مقارنة ب1 بالمائة خلال نفس الفترة من سنة 2016، وشهدت القطاعات الحيوية ارتفاعا في مردوديتها على غرار قطاعات إنتاج الفوسفاط والسياحة والفلاحة.