أجواء السياسة في بلادنا، ومؤشرات أخرى عديدة في الحياة العامة، باتت تؤكد وجود "انتظارية" غير مفهومة، وهي، في نظر العديدين، ليست قطعا في مصلحة بلادنا ومستقبلها. بلاغ حزب التقدم والاشتراكية، بمناسبة تخليد ذكرى ثورة الملك والشعب، أورد مقترحا بمثابة جواب عقلاني وموضوعي على الوضعية التي باتت تحيط بممارستنا السياسية العامة وعملنا المؤسساتي والتدبيري، ومؤداه ضرورة" استعادة وهج التعبئة الوطنية التي مكنت بلادنا، بقيادة حكيمة من جلالة الملك محمد السادس وبإسهام قوي من كل القوى المجتمعية الحية والجادة، من تدشين عهد جديد يقوي التلاحم بين الملك والشعب وقواه الحية، ويوطد دعائم المغرب الديموقراطي، الذي تضطلع فيه المؤسسات بأدوارها الدستورية كاملة، على أساس حياة سياسية سوية وسليمة يؤطرها فاعلون مجتمعيون وسياسيون ذوو مصداقية، ومجتمع مدني جاد، وإعلام حر ومستقل، وذلك بما يتيح إسهام الجميع في بناء مغرب الحداثة والتقدم الغني بتنوعه وانفتاحه وديموقراطيته". هنا تلخيص رصين للتحدي الجوهري المطروح اليوم على بلادنا، أي ضرورة "تجديد نفس البناء الديموقراطي والمضي قدما في مسار توطيد دعائم دولة القانون والمؤسسات والتفعيل السليم للمضامين المتقدمة للدستور الجديد، بما يمكن عموم جماهير شعبنا، وخاصة الفئات المستضعفة والفقيرة، من أن تنعم بالعيش السعيد في وطن حر وموحد تسوده العدالة الاجتماعية والمجالية، وقوامه المساواة والحرية والكرامة". يعني ما سبق، أنه عكس ما يتقيؤه بعض قصيري النظر، فإن الجواب المفروض أن يعتمده المغرب على كل التحديات والمشاكل والتوترات والانسدادات التي يواجهها هو المزيد من الإصرار على الديموقراطية، وصياغة جيل جديد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوقية، وضخ نفس إصلاحي ديموقراطي قوي في مسارنا المؤسساتي والتنموي بشكل عام. إن من "ينظر" اليوم للتراجعات، ومن يشعل الحرائق المختلفة والوهمية عبر وسائل الإعلام وفِي مواقع التواصل الاجتماعي، هو لا يرى أبعد من أنفه، ولا يبالي سوى بحساباته الأنانية والريعية، ولا يفهم أن المغرب ينتصر دائما بتميزه الديموقراطي، وبتعدديته وانفتاحه، وباحترامه ركائز دولة المؤسسات وثوابتها، وبالتزامه بقواعد ومقتضيات الديموقراطية وحقوق الإنسان كما هي في البلدان المتقدمة… ذكرى ثورة الملك والشعب مثلت أيضا مناسبة لتأمل هذا "السر" في قوة المغرب عبر التاريخ، وبالتالي قراءة دلالته في ضوء ظرفيتنا الحالية، وهو بالضبط "هذا التلاحم وتلاقي الإرادات بين القوى الوطنية والجالس على عرش المغرب في أداء وظيفته التي لا تعوض في مواجهة الامتحانات والتحديات التي واجهتها بلادنا…"، ومن ثم العمل الجماعي هنا والآن لاستلهام روح ثورة الملك والشعب، ولصياغة انطلاقة جديدة ومتحمسة وجماعية من أجل المغرب والمغاربة. والبداية يجب أن تكون من خلال القضاء على توتر الأجواء العامة، ومنح شعبنا الثقة في بلاده وفِي المستقبل، وصياغة تعاون منتج بين المؤسسات وداخلها، ورد الاعتبار للقوى السياسية والمجتمعية ذات الجدية والمصداقية، وبالتالي تجاوز كل السطحيات المبتذلة التي تلفنا هذه الأيام، أي أن يعود الجميع إلى الثوابت والمنطلقات الأساس، وأن يفكر الكل بحجم الوطن. محتات الرقاص