في غفلة منا و من الزمن إنتقل إلى دار البقاء اللاعب ظلمي و بالهدوء الذي يطبع سلوكه سلم الروح لباريها عشية أول أمس الخميس. ويغادر عبد المجيد في أسبوع كان يتهيأ فيه لمجموعة من المواعيد حيث إنتقل يوم الثلاثاء إلى مقر مؤسسة محمد السادس للرياضيين الأبطال، رفقة مجموعة من الرياضيين المنعم عليهم بأداء مناسك الحج. و شرع في الترتيبات لرحلة إيمانية، ثم إلتحق بولاية الدارالبيضاء ليسحب الدعوة لحضور حفل الولاء في تطوان، و يستعد للإنتقال إلى طنجة لمتابعة مباراة كأس أبطال فرنسا. لكنه كان على موعد مع الرحيل . في ذاك اليوم عرج عبد المجيد على فضاء مرس السلطان كعادته حيث يبتسم بطلعته أصدقاؤه، شعر بالإعياء يداهمه، تحول إلى بيت أصهاره، العياء، وعكة، إضطرابات صحية، وبعد فترة وجيزة خضع فيها للكشف الطبي توفي الرجل . وفي رحيل ظلمي نودع لاعبا إستثنائيا، مبدعا أحبته الجماهير، عشقته من خلال فنه الرفيع و سلوكه الراقي في الفضاءات الرياضية . عبد المجيد من مواليد 19 أبريل 1953 في الدارالبيضاء، إستنشق أولى النفحات في درب السلطان. من عائلة جذورها ماركسية، والده السي عمر مقاوم ومن مؤسسي فريق نادي الشعب بحي الأحباس. إرتبط عبد المجيد بكرة القدم في دروب و أزقة الحي و كان يتردد على ملاعب لارميطاج (الشيلي)، كان لاعبا متميز وسط أقرانه و مدافعا عن فريق دربه يحمل رقم 10 على قميصه، وهناك إنتبه إليه محمد رحيمي (يعري) المكلف بالأمتعة حاليا بنادي الرجاء و عمل على إقناعه بالإلتحاق بالفريق وكان ذلك ليلع مباشرة لفئة الشبان، وفي سنة 1971 شارك في أول مباراة ضمن الكبار تحت إشراف المدرب عبد القادر لخميري، جمعت الرجاء بحسينية أگادير ووجد ظلمي نفسه مع مجموعة من النجوم: بيتشو -بينيني – حمان -سعيد غاندي وغيرهم. أحرز مع الرجاء ثلاثة ألقاب في كأس العرش رفقة جيل: كوسكوس- الصفوي- امجيد – جواد -حمزة – أيت الرامي -العرابي – بتي عمر -فتحي -السوادي – البشير.. حمل قميص المنتخب الوطني و بصم المسار بقوة في فئتي الشبان والكبار وكان ضمن الفريق الفائز باللقب الوحيد في كأس أمم إفريقيا، وفي كأس العالم بالمكسيك 1986، و لعب لمنتخب الشرطة رفقة العربي أحضان -عبد العزيز أنيني – أحمد نجاح – عليبو- مجاهد – أنفال – بن إدريس – الحارس عبد القادر ….. في سنة 1986 إنتقل إلى فريق جمعية الحليب، و كان الحدث مثيرا للجدل في وسط الرجاويين وفي مدار الكرة وطنيا. وفي الأربعاء 10 أكتوبر سنة 1990 إستقبله الرجاويون في حصة تدريبية بملعب الرجاء بعد فترة الإغتراب . في يوم 15 أكتوبر 1992 أحرز ظلمي جائزة الروح الرياضية و اللعب النظيف من منظمة اليونيسكو بباريس، بحضور المدير العام فيردي كو ماريور و رئيس إللجنة الدولية للروح الرياضية ويلي دوم . وفي سنة 1993 دخل ظلمي القفص الذهبي و عقد القران بزوجته ليندا و أنجبا: عثمان، ألماز، شيرين وحمزة . يغادرنا اليوم عبد المجيد بعد سنوات الإبداع و التميز و الطرب، حيث لم يكن لاعبا عاديا بل فنانا، لا يضرب الكرة، يلاطفها، و بعبقرية المراوغة أحدث بصمة و أسلوبا، ظلمي يتعامل مع الكرة بطريقة لا يدركها إلا هو … وستحتفظ حارات درب السلطان وغيرها من الأماكن التي تحتفظ له بذكريات تتأهل لتوديع إبنها البار، لاعب كبير، فكلنا عابرون في هذا الزمن العابر لكن يبقى صدى العبور، و عبد المجيد في حظوره المميز بارع في نحت الأحاسيس و تقديم المتعة و الفرجة بلغة الجسد، وبذلك سيبقى حاضرا بتاريخه خالد في وجدان الرياضيين، و الرجال من طينة ظلمي لا ينتهون بوفاتهم بل يستمرون بيننا خالدون.