صدامات عنيفة بين القوات العمومية ومحتجين بتنغير تنتهي باعتقالات وجرحى في صفوف الجانبين عاد الهدوء نسبيا إلى مدينة تنغير، بعد مواجهات عنيفة بين مواطنين والقوات العمومية شهدتها أول أمس الأحد، على إثر مسيرة نظمتها قرابة 80 جمعية تشتغل ضمن فيدرالية الجمعيات التنموية بالمدينة، احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الهشة بعمالة تنغير المحدثة مؤخرا. وشهدت مدينة تنغير صبيحة أول أمس حالة من الغليان الشعبي مباشرة بعد نهاية المسيرة التي تحكم في أطوارها منظموها، إذ سرعان ما انفلتت الأمور من زمامها حين عمد عشرات من الشباب العاطلين، بعد محاولة القوات العمومية تفريقهم، إلى رشق عناصر الأمن بالحجارة ما أدى إلى تكسير واجهة مقر عمالة تنغير وتحطيم سيارتين عموميتين، وتحدثت مصادر أخرى عن إحراق عدد من السيارات. ونتج عن هذه المواجهات وفق حصيلة غير رسمية، إصابة عدد من المواطنين وعناصر من القوات العمومية بجروح متفاوتة الخطورة نقلوا على إثرها إلى مستشفى المدينة. ودامت المواجهات لأكثر من نصف ساعة، بحسب مصادر من المدينة، واستعملت القوات العمومية الرصاص المطاطي لتفريق المحتجين، كما ألقت قوات الأمن القبض على عشرة أشخاص بينهم تلاميذ و قاصرين أطلق سراح البعض منهم لاحقا فيما لازال بعضهم رهن الاعتقال. كما وجهت السلطات المحلية استدعاءات مستعجلة للحضور لثلاثة من أعضاء المكتب المسير للفدرالية منهم الرئيس بأمر من وكيل جلالة الملك، باعتبارهم موقعي طلب الترخيص لتنظيم هذه المسيرة. وبحسب شهود عيان، فقد عرفت المدينة استنفارا أمنيا كبيرا حيث حلت قوات الجيش ووحدات القوات المساعدة التابعتين للثكنتين العسكريتين لمركز النيف (75كلم شرق جنوبي المدينة)، ودائرة بومالن دادس (50 كلم في اتجاه مدينة ورزازات) مند يوم الأربعاء الماضي. كما شوهدت شاحنات الجيش التابعة للثكنتين المذكورتين آنفا، مركونة بإحدى المستودعات التابعة لعمالة تنغير. وتحركت المسيرة التي دعت إليها فيدرالية الجمعيات بتنغير، في حدود الساعة العاشرة صباحا، من ساحة المقاومة وصولا إلى مقر العمالة، رفع خلالها المتظاهرون شعارات تندد ب»الوضع الكارثي» الذي تعرفه المدينة جراء الركود الاقتصادي التام الذي أصبحت تعيش عليه منذ إحداث عمالة تنغير العام الماضي، رغم أن هذا القرار كان يعول عليه من قبل السكان كثيرا لتحريك عجلة التنمية بمدينتهم. وساهم في تردي أوضاع المدينة، وفي خلق حالة من الركود الاقتصادي، حسب مصادر من فيدرالية الجمعيات، «الإجراءات الصارمة التي اتخذتها السلطات المحلية بشأن منع أي نشاط اقتصادي، وتعليق عملية تسليم رخص البناء والتعمير منذ قرابة عشرة أشهر». وأضافت المصادر ذاتها، في تصريح لبيان اليوم، أن السلطات العمومية باتت تستعمل عبارة «ممنوع» في مواجهة كل الأشياء، حتى أضحى المواطنون يعتقدون أن إحداث العمالة الجديدة، أدى إلى نتائج عكسية في غير مصلحة المدينة. وذكرت المصادر ذاتها أن شللا تاما ضرب كل القطاعات ذات الصلة بالبناء والتعمير، ما ساهم في رفع نسبة البطالة إلى مستويات قياسية لم تعرفها المدينة من قبل، فالعديد من العمال المياومين الذين يشتغلون عادة في قطاع البناء أصبحوا عاجزين عن توفير لقمة عيش لأسرهم، وأصبح العديد منهم عرضة للتشرد والضياع. أضف إلى ذلك، بطالة الشباب حاملي الشهادات الذين يفوق عددهم 2000 معطل بحسب تقديرات مصادرنا، أغلقت في وجوههم آفاقق التشغيل والإدماج. وأثارت فيدرالية الجمعيات خلال هذه المسيرة، مختلف المشاكل التي تتخبط فيها عمالة تنغير، وعلى رأسها تردي الخدمات الصحية العمومية؛ إذ وصلت حد فقدان السكان لثقتهم بالمؤسسة الصحية الوحيدة التي تتوفر عليها المدينة، فضلا عن الغياب شبه الكلي للبنيات التحتية الضرورية، وغياب المرافق الاجتماعية كالنوادي الرياضية والترفيهية ودور الشباب. كما اشتكت فيدرالية الجمعيات التنموية من الحصار المفروض على جمعيات المجتمع المدني من خلال مجموعة من العراقيل الإدارية التي تمارسها السلطات المحلية مثل حرمانها من تسلم وصولات الإيداع، وتهميشها من منح الدعم المخصص للجمعيات. ومن بين المطالب التي رفعها المتظاهرون، خلال مسيرة الأحد، تمكين طلبة عمالة تنغير الذين يتابعون دراستهم الجامعية بمدن بعيدة، من المنح الدراسية، بالنظر إلى واقع تلك المناطق المعروفة بهشاشتها واتساع دائرة الفقر بها.