من يستمع لتصريحات أحمد رضى بنشمسي على هامش الندوة التي نظمتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، يحق له أن يتساءل بنفس الصيغة التي تساءل بها يوما الشاه محمد رضى بهلوي عندما قال مستغربا (وهو يقصد أنصار الخميني) "في الحقيقة لا أعرف لماذا يهاجمون الدولة اليوم هل لخير فعلته أو لشر ارتكبته؟" فأحمد رضى بنشمسي تعامل بمنطق "القوالب والفهلوة" عندما بخس وازدرى ما قامت به الدولة من مجهودات جبارة، وما أنفقته من استثمارات طائلة لحماية الأبدان والأرواح وحفظ الصحة العامة، ودفع الأخطار المحدقة بالبلاد والعباد في زمن الجائحة الصحية. فهذا الحقوقي "الفهلوي" اعتبر أن كل ما قامت به الدولة إنما كان مجرد "حيلة متطورة" للتضييق على عمل المنظمات الحقوقية!! والمؤسف حقا أن كلام أحمد رضى بنشمسي تطبّع بطابع الاستنباطات الشعبوية المدفوعة بالنزق حتى لا نقول سوء النية. فالرجل لم يستنبط "البعد الحقوقي والمقاصد الفضلى" من الجهد العمومي الذي بذلته الدولة لاحتواء جائحة كوفيد -19 وحماية الحق في الحياة، الذي هو أحد الحقوق الأساسية للإنسان، وإنما رأى فقط "القوالب والفهلوة" معتبرا أن كل تلك الاستثمارات الضخمة التي صرفتها الدولة لم يكن المقصود منها حماية 36 مليون مواطن مغربي، وإنما كان الهدف منها هو التضييق على المعطي منجب وعمر الراضي ورفاق عزيز غالي. فتصريحات أحمد رضى بنشمسي لم تكن موغلة في الشعبوية فقط، وإنما كانت مسرفة حتى في السطحية والتفاهة. فبينما كانت منظمة الصحة العالمية تنوه بمجهودات المغرب في احتواء الجائحة الصحية، كان ممثل هيومان رايتس ووتش يرتدي منظار العدمية والفهلوة ولا يرى في كل تلك المجهودات سوى "القوالب"، الذي قال أن الدولة تعاطت بهم مع عمل المنظمات الحقوقية! وهنا يحق لنا أن نتساءل مع أحمد رضى بنشمسي : هل عندما وفرت الدولة اللقاح والتطعيم لجميع المواطنين والمقيمين بمن فيهم طالبي اللجوء والمهاجرين غير الشرعيين كانت تتعامل بمنطق الحيل المتطورة والدسائس المقيتة؟ وهل اللقاح المقتنى بأموال المغاربة الذي يسري في أوصال أدعياء الانفصال بمن فيهم دجيمي الغالية والبشير زوج أميناتو حيدر، ومحمد داداش، ومينا باعلي والبيهي بابوزيد لم يكن لقاحا خالصا لوجه الإنسانية؟ فليس هناك أدعى للسخرية من أن تجد "منشطا حقوقيا" يتعامل بمنطق الاستنباطات ويحتكم لأسلوب التنجيم والفهلوة في تقييم السياسات العمومية. وليس هناك أدعى للغثيان والتقزز من أن يحصر هذا "المنشط الكوني " مجهودات الدولة المغربية لاحتواء الجائحة الصحية في فرضية استهداف أشخاص متابعين أو مدانين في قضايا غسيل الأموال وهتك الأعراض واغتصاب النساء بسلاح حقوق الإنسان. للأسف الشديد هذا هو مستوى ومرجعية وخلفية من تعتمده منظمة هيومان رايتس ووتش "كملاحظ لها في المحاكمات الجنائية". ملاحظ لا يخجل في أن يتعامل بمنطق الفهلوة و"التترس" مع 36 مليون مغربي، وعشرات الآلاف من المقيمين الأجانب الشرعيين وغير الشرعيين، من أجل المحافظة فقط على المعطي منجب وعمر الراضي وسليمان الريسوني...الذين لا زالت جراح ضحاياهم لم تندمل بعد وهي في حاجة ""لبلسمة مستدامة في الزمن".