تعيش مخيمات الرابوني منذ مدة ليست بالقصيرة انفلاتا أمنيا خطيرا بعدما أصبحت مرتعا وملجأ للعصابات التي تنشط في مجال تجار المخدرات والسرقة، هذه العصابات التي تتناحر فيما بينها داخل المخيمات في إطار الصراع القبلي ومحاولة كل واحدة منها التحكم في الساحة والسيطرة عليها، في ظل غياب قيادات الجبهة التي وعلى مايبدو بدأ اليأس يتسلل لداخلها، في ظل الحصار الذي فرضه الجيش المغربي على ميليشياتها وجعلها محصورة داخل رقعة تندوف بالأراضي الجزائرية. فبعد واقعة شن عصابة إجرامية تنتمي "لفخذة" لبيهات قبيلة الركيبات هجوما مسلحا بواسطة أسلحة نارية على "مقر للشرطة" بما يسمى معسكر السمارة والمسماة بأهل احماد، واختطفت رهينتين من عناصر تنتمي لفخدة أولاد موسى من نفس القبيلة، بدعوى إضرامهما النار في إحدى سياراتهم، اندلعت أحداث دامية أخرى بما يسمى مخيم العيون بين شباب من قبيلة الرگيبات السواعد وآخرين من قبيلة "آيت وسا"، استعمل فيها الرصاص الحي وخلفت إحراق سيارتين. وتعليقا على هذه الأحداث التي أصبحت تعيشها مخيمات العار بشكل مستمر، نشرت صفحة منتدى فورساتين "من قلب مخيمات تندوف" تدوينة تطرقت فيها إلى الأوضاع التي تشهدها المخيمات، وبوادر انهيار ما يسمى بجاهز شرطة البوليساريو وتأثير ذلك على الوضع الأمني بها، في ظل تبادر إطلاق النار بين العصابات وإحراق السيارات وسرقة ممتلكات الناس. وأشار منتدى فورساتين أن جبهة البوليساريو منذ مدة زمنية فشلت في كبح جماح صراعات بينية خطيرة داخل المخيمات، ولم تستطع على هامش تلك الصراعات حماية عناصرها ممن يشتغلون في ما يسمى الشرطة من الانتقام والاختطاف وحرق السيارات، فلجأت إلى سلاح القبلية التي تدعي محاربتها، فتوسلت لشيوخ القبائل وأعيانها التدخل لإيقاف أبناءهم، وسمحت علنيا بتنظيم لقاءات قبلية غير مسبوقة سمت فيها القبيلة على "نظام جبهة البوليساريو" ، فحشدت القبائل الكبرى الهمم ونظمت تجمعات تجاوز حضورها التجمعات التي تدعو لها قيادة الجبهة باسم "الدولة ". وأكد منتدى فورستاين أن قيادة الجبهة دفعت ثمنا كبيرا حين انحنت للعاصفة في سبيل إخماد الصراعات، وزعيمها "غالي" ظل يلهث بين خيم كبار الشيوخ، ويجتمع على موائد القبائل طلبا لمساعدتها في تهدئة الوضع، ورضخ للأمر الواقع وهو يلتقط صورا لاجتماعات مع أقليات قبلية أرادت في موجة القبلية الرائجة أن تعرف ما لها وما عليها. وأضاف أيضا المنتدى في ذات التدوينة قائلا: " في غمرة التهاء القيادة وأجنحتها بالتجييش القبلي لاستتباب الوضع داخل المخيمات، ومحاولة إعادة النظام إليها، كانت مشكلة أخرى تكبر يوما بعد يوم، ألا وهي ثورة رجال الشرطة على القيادة، من جهة بسبب توقيف الكثير منهم عن العمل خلال الصراعات القبلية بسبب انتماءهم لأحد الأطراف، ومن جهة ثانية بسبب توقيف صرف أجورهم، وتركهم دون رواتب، بعدما انشغلت القيادة في تنظيم الولائم القبلية وما صاحبها من هبات وعطايا، لم تجد معه السيولة الكافية لسد مصاريف باقي مؤسساتها، وهو ما زاد الطين بلة". وأشار ذات المصدر إلى أن ما يسمى جهاز الشرطة توقف عن العمل، وأضرب عناصره عن العمل، في انتظار الحصول على الأجور، فزادت الأوضاع داخل المخيمات قتامة، وانتشرت السرقات والجرائم، واختطاف النساء، والسطو على المحلات التجارية، وغيرها من مظاهر الانفلات الأمني، قبل أن تصل إلى حد تبادل إطلاق النار وإحراق السيارات بما يسمى مخيم العيون ومخيم السمارة في مشهد فضيع ومرعب أفزع ساكنة المخيم. إن الوضع داخل مخيمات تندوف حسب منتدى فورساتين يتفاقم بشكل يومي، وانفلات أمني مقلق يدفع الناس للتفكير في الهروب من المخيمات إلى المناطق المجاورة، وحده الحظر وظروف الطوارئ من يمنع ذلك، إضافة إلى فرض الجزائر شرط التوفر على رخصة للخروج من المخيمات، وإلا شهدنا خروجا جماعيا للساكنة. ولكم أن تتخيلوا يضيف المنتدى في تدوينته حصارا مضروبا على منطقة تعاني انفلاتا أمنيا، ولا وجود لأمن ولا تنظيم، طبعا ستتحول إلى غابة، وقطعا سيعني هذا أن يأكل المحاصرون بعضهم بعضا، وأن يلتهم القوي الضعيف، وأن ينبري كل شخص للدفاع عن نفسه بالطرق الممكنة مشروعة أو غير مشروعة، وأن يلتجأ الناس إلى ذويهم وقبائلهم لتشكيل جماعات مسلحة تحمي ممتلكاتهم وحياتهم، ومعنى ذلك كله سمو العشيرة والقبيلة على النظام الوهمي لجبهة البوليساريو الهشة. واختتم منتدى فورساتين تدوينته بالإشارة إلى أن الأيام القادمة ستكون صعبة على القيادة، والأكيد أن المجرم ابراهيم غالي، سيتعب من التقاط الصور مع شيوخ وأعيان القبائل لاقناعها بمساعدته في تهدئة الأوضاع.