يمكن للسفير المندوب الدائم للجزائر لدى الاممالمتحدة أن يهاتف رئيسه المعتزل عبد المجيد تبون منتشا وفرحا بأنه عطل بيانا للمجموعة العربية، كان سيشيد بمجهودات المغرب في عمل لجنة القدس. ويمكن أن تعتبر الجزائر ما حصل «انتصارا» على المغرب ضمن المجموعة العربية ، وهي تتباهى بقدرتها على تعطيل توافق أزيد من عشرين دولة عربية! كما يمكن للمجنون ألا ينظر الى القمر الذي تُشير إليه، ويكتفي بأن يصف الاصبع التي تشير للكوكب المنير!.. ممكن انتظار كل شىء ممن يفقد البوصلة ويفقد التمييز بين الألوان والأشياء والمناسبات والأولويات.. لكن الجزائر ومندوبها «ندير العرباوي» أعماهما الحقد فوقعا في المحظور ! ولا يمكن لهما أن يلغيا شيئا بسيطا، وعميقا وله دلالة حزينه للغاية: المندوب ودولته أسقطا في الحقيقة مشروع بلاغ تقدمت به ... فلسطين!!! فالحقيقة هي كالتالي: «قد وزع الوفد الفلسطيني مسودة بيان للمجموعة العربية في نيويورك لاعتماده، يدين العدوان الإسرائيلي على المدينة المقدسة ويقر بالدور المهم للجنة القدس برئاسة جلالة الملك محمد السادس، في الدفاع عن المدينة المقدسة والحفاظ على هويتها. وأيدت جميع الدول الأعضاء في المجموعة العربية نص البيان كما قدمه الوفد الفلسطيني، باستثناء السفير الجزائري الذي عارض الإشارة إلى لجنة القدس، وحاول إدراج دعم مزعوم لرئيسه تبون للقضية الفلسطينية»!. والطريقة الملتوية التي تريد التمثيلية الديبلوماسية الحقودة أن تقدم بها الفضيحة لرأيها العام هي أنها ارادت أن تفرض «ايقاعا جديدا على عمل لجنة القدس»، والتي لا مساهمة لها فيها! وهو الشيء الذي يستوجب الملاحظات التالية من طرف المغرب: * الجزائر عطلت مقترحا فلسطينيا، مقترح بلاغ ليس المغرب الذي تقدم به، بل هي فلسطين صاحبة القضية الأولى... * التعطيل الذي أرادت أن تبرره بما هو بعيد عن القضية الفلسطينية جاء في حق المجموعة العربية برمتها، وهو خروج عن التوافق العربي الدائم حول الموقف من القضية ومن الدفاع عن المدينة المقدسة، لا سيما أن نفس الموقف سبق التعبير عنه إبان الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية في القاهرة. * ليست للجزائر أية مساهمة، لا مادية ولامعنوية في لجنة القدس، لهذا اختارت الدخول الى القضية من باب المزايدة بالحقد المباشر على المغرب. * حسنا فعل المغرب بوضع النقط على الحروف، وترك المندوب الجزائري يواجه نتيجة عمله أمام المجموعة العربية. * العنوان الأبرز هو أن الجزائر لا تتردد في استعمال أية قضية نبيلة – اليوم القدس وغدا القضية الفلسطينية- ضدالعرب كلهم، وهو ما قد سيتجدد في القمة العربية المقبلة والتي تقرر احتضانها لها في الشهور القادمة. لم يكن المغرب في حاجة الى إقرار الجزائر بما يقوم به في القدس ولصالح المقدسيين، والتي لم تدعمها ولو بدينار جزائري واحد طيلة عمل اللجنة وبيت مال المسليمن الذي يتولى المغرب (الفقير!) تغطية نفقاته بنسبة تفوق 80 ٪. وبهذا نأتي إلى صلب الموضوع: لقد نال نفس البيان، موافقة مجموعة سفراء منظمة التعاون الإسلامي في نيويورك والتي أبرزت «الدور الهام الذي تضطلع به لجنة القدس، التي يرأسها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في الدفاع عن المدينة المقدسة والحفاظ على هويتها». * الاعتراف تجديد التأكيد على ريادة الملك محمد السادس كرئيس للجنة القدس « يعد تثمينا بالإجماع من قبل ممثلي الأمة الإسلامية بنيويورك للجهود الحثيثة التي يبذلها جلالة الملك على الساحة الدولية، من أجل دعم القضية الفلسطينية والحفاظ على المكانة الخاصة للمدينة المقدسة ومساعدة السكان المقدسيين». * هذه الإشادة أثارت نفس الرفض الجزائري لكنه «جاء متأخرا وبائسا، وتجاهلته المجموعة». اي بلغة اهل كرة القدم كانت محاولة يائسة .... في الوقت البدل الضائع! ولعل المندوب انتبه متأخرا أنه راح ضحية بلادته الحاقدة، لما رأى المجموعة التي كانت هي الحاضنة الأساسية لميلاد «لجنة القدس» تقر بما يجب أن يكون من مواقف الاشادة والتقدير للمغرب... وبقي شاردا، بعد أن قدم النموذج على التدبير الذي يُعده رئيسه للقضايا العربية عندما سيتولى القمة المقبلة. ولعله انتبه كذلك بأن حضوره لم يكن مرغوبا فيه لدى مجموعة العمل الاسلامي، وهي تصادق باجماع الحاضرين على نفس البيان الذي قدمه الوفد الفلسطيني! وبتلخيص، عندما تغيب الجزائر تربح القضية الفلسطينية موقفا لصالحها، وعندما تحضر يفشل الإجماع، العربي أو الاسلامي، تخسر فلسطين موقفا لصالحها! أما مواقف المغرب، فقد صدرت ودارت حول العالم وعرف بها الجميع وقرأتها الدول التي تعرف ما معنى أن يغضب محمد السادس لصالح القدس والمقدسيين! غضب عبرت عنه الخارجية المغربية بتعليمات من الملك، رئيس لجنة القدس، حيث أن المملكة أعلنت « إدانتها الشديدة واستنكارها القوي لإقدام قوات الاحتلال الإسرائيلي على اقتحام المسجد الأقصى وإغلاق بواباته والاعتداء على المصلين العزل داخل المسجد وفي باحاته الخارجية..». بلا لف ولا دوران، كما حدث للرئيس عبد الجيد تبون وهو يتحدث عن اسرائيل لوزير خارجية امريكا انطوني بلينكن (انظر مقالات حول هذيانه مع بلينكن في أعداد سابقة من برلمان.كوم)... المغرب هو صاحب فكرة اللجنة لأنه كان وراءه قمة المؤتمر الاسلامي سابقا ومنظمة التعاون الاسلامي حاليا (وبالمناسبة ولتذكير تبون، فقد تجاوز المغرب في القمة موقفه من قادة موريتانيا، خدمة للقضية الاولى للمسلمين وقتها!)، وهو صاحب حقوق التأليف والتكوين في قضية لجنة القدس، وهو صاحب الفكرة الاساسية في خدمة القدس بواسطة بيت مال القدس ووكالته! ويكفيه هذا...