في الوقت الذي يتبجح فيه عبد المجيد تبون بجزائره الجديدة أمام الإعلام محاولا إخفاء حقيقة ما يعيشه الجزائريون من أزمات معيشية وصحية، والتي يسعى إعلام الجنرالات جاهدا إلى غض الطرف عنها وتمويه العالم، فإن البلاد تعيش منذ أسابيع، على وقع موجة غلاء حادة وغير مسبوقة في أسعار السلع والمنتجات، وسط تحذيرات من انهيار القدرة الشرائية للمواطنين في ظل سياسة العصابة الحاكمة التي استولت على ثروات البلاد وفقرت الشعب الجزائري. وتعاني الجزائر أيضا من أزمة اقتصادية منذ 2020، بسبب عدم قدرة اقتصاد البلاد على الصمود أمام جائحة كورونا التي أرخت بظلالها على الأوضاع الاقتصادية في العالم، والتي تسببت في تراجع أسعار النفط الذي يعتمد عليه اقتصاد الجزائر، ناهيك عن انخفاض أسعار الصرف في السوق المحلية بشكل كبير. وفي تقرير نشرته وكالة الأناضول التركية، فإن رئيس الجمعية الجزائرية للتجار والحرفيين، يرى أن ارتفاع أسعار المواد الزراعية على وجه الخصوص، وبعضها مستورد يعود إلى 5 عوامل رئيسية، أولها الجفاف الذي عرفته الجزائر منذ بداية العام، والكثير من المزارعين يشتكون نقص مياه السقي وجفاف الآبار وتراجع منسوب مياه السدود، مشيرا إلى أنه أدى إلى تراجع الإنتاج الزراعي، ومعه تناقص العرض وارتفعت الأسعار في ظل طلب مرتفع. أما السبب الثاني حسب رئيس الجمعية المذكورة فيعود إلى موجة الحر خلال الصيف الماضي وتأثيرها على اليد العاملة، إذ سجل نقصا كبيرا فيها بسبب درجات الحرارة القياسية التي بلغت 48 درجة في ولايات شمالية، وأثر على جني المحاصيل، فيما السبب الثالث وفق ذات المصدر، هو تضرر وكساد محاصيل زراعية بسبب الحرارة والحرائق التي طالت عدة ولايات شمالي البلاد. ويتمثل العامل الرابع حسب رئيس جمعية التجار والحرفيين الجزائريين، في ارتفاع تكاليف نقل المنتجات والمواد الأولية وتكاليف الإنتاج، فيما يرجع العامل الخامس والأخير، إلى المضاربة التي تؤدي لارتفاع الأسعار في ظل نقص المنشآت التجارية على غرار أسواق التجزئة في عديد الولايات. وبخصوص العوامل الخارجية المسببة لهذا الارتفاع الصاروخي للأسعار بالجزائر، فقد أشار التقرير المذكور إلى أن أحد المسؤولين بوزارة التجارة الجزائرية عزا هذا الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية بالجزائر إلى ارتفاعها في الأسواق الدولية، وهو ما انعكس على أسعارها محليا. وحسب ذات التقرير، فقد ارتفعت أسعار البقوليات الجافة الواسعة الاستهلاك في الجزائر، بشكل لافت في مختلف أسواق ومحلات العاصمة، حيث بلغ سعر كيلوغرام الفاصوليا 290 دينارا (2.20 دولار) صعودا من 210 دنانير خلال الصيف (1.6 دولارا)، بينما بلغ سعر كيلوغرام من الحمص 310 دنانير (2.34 دولار) صعودا من 240 دينارا (1.83 دولارا). أما أسعار العدس فارتفعت هي الأخرى من 200 دينار (1.57 دولارا) للكيلوغرام قبل أشهر إلى 260 دينار (1.96 دولار)، في حين قفز الأرز من 120 دينارا (95 سنتا) للكيلوغرام إلى 230 دينارا (1.74 دولار). وقام نشطاء بنشر صور للفاصوليا والحمص والعدس، مرفقة بمكسرات على غرار اللوز والفستق وغيرها، في إشارة إلى تصنيفها كمكسرات بسبب ارتفاع أسعارها بشكل غير مسبوق. وتعيش الجزائر أوضاعا صعبة تنذر بالانفجار في أية لحظة، في ظل السياسة التي يتبناها نظام العسكر والذي يحاول جاهدا غض الطرف عن الوضع الداخلي الذي تعيشه البلاد، من خلال افتعال أزمات خارجية يوهم من خلالها الجزائريين بأنه يتعرض لهجومات ومؤمرات، في وقت لا يأبه فيه المواطنون لهذه القصاصات مطالبين برحيله وإقامة دولة مدنية تحفظ لهم حقوقهم.