إن الحديث عن تشي جيفارا مهمة صعبة نظراً لما لهذا الرجل من تأثير في تاريخ الإنسانية، فهو رجل لم يكترث يوماً للسقوط، لطالما هناك شخص آخر سيلتقط بندقيته ويواصل الإطلاق من بعده، على حد قوله، مواقفه الجريئة نقشت اسمه في التاريخ وجعلت منه الثوري القادم من المستقبل بامتياز، والرجل المؤسس لبدايات زمنية تخلد النضال الحقيقي. ويصادف اليوم 11 دجنبر، الخطاب التاريخي لتشي جيفارا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك عام 1964، اللقاء الذي كرس فيه فكره الثوري مناهضا اللاعدالة. ساهم السفر في تغيير نظرة تشي جيفارا للعالم، فبعد سفره خلال سنته الدراسية الأخيرة في كلية الطب في جامعة بوينس آيرس، إذ تخرج منها عام 1953، إلى جميع أنحاء أمريكا اللاتينية مع صديقه ألبيرتوغرانادو، على متن دراجة نارية، أصبحت له نظرة جديدة للعالم. وبدأ بطرح الأسئلة بعمق، حول وحدة أمريكا الجنوبية والظلم الكبير الواقع من الإمبرياليين على المزارع اللاتينية البسيطة، كما تأثر بشكل لافت بعد مشاهدة الفقر المتوطن هناك. أحلام تشي جيفارا لم تكن لها حدود، قاد التغيير وكان يعلم أن “الثورة يصنعها الشرفاء، ويرثها ويستغلها الأوغاد” نقش اسمه في تاريخ الثورة الكوبية والحركة الثورية للقارة الأمريكية، ليصبح بذلك أكبر رموز النضال البشري. كبر جيفار على كتابات لكتاب أمريكا اللاتينية، مثل هوراسيو كيروغا وسيرو أليغريا وخورخي إيكازا وروبين داريو وميغيل استورياس، حيث كان يدون بخط يده مع مفاهيمه وتعاريفه أفكارهم في كتاباته الخاصة، كما تأثر بفلسفات المثقفين البارزين من وجة نظره، وقام أيضاً ببعض الدراسات التحليلية لبوذا وأرسطو، بجانب دراسته لبرتراند راسل عن المحبة والوطنية، والمجتمع من جاك لندن وفكرة نيتشه عن الموت، وفتن بأفكار سيغموند فرويد، من حيث الأحلام والرغبة الجنسية والنرجسية وعقدة أوديب. شكل تشي جيفارا رمزاً للمقاومة شكلاً ومضموناً، ابتداءً من مقاومته للمعاناة الصحية التي واجهها، حيث عانى من نوبات الربو الحادة التي عاشها طوال حياته، إلا أن هذا القصور لم يمنعه من البراعة والتحدي، حيث كان رياضياً مارس السباحة، وكرة القدم والغولف والرماية، وقاد الدراجات التي قادته إلى أنحاء مختلفة خارج الأرجنتين، ومكنته من اكتشاف العالم بأعين جديدة، منحته رؤية دفعت به إلى أن يصبح جيفارا رمز الثورة الكوبية. أعدم جيفارا في التاسع من أكتوبر في بوليفيا بعد يوم واحد من اعتقاله ومحاكمته محاكمة ميدانية سريعة. كان موت جيفارا الغامض لحظة حاسمة ليس فقط في تاريخ عائلته، بل في العالم فعندما نشرت الوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية شائعات تدعي فيها اختفاء إرنستو جيفارا في ظروف غامضة، ومقتله على يد زميله في النضال القائد الكوبي فيدل كاسترو، مما اضطر الزعيم الكوبي للكشف عن الغموض الذي اكتنف اختفاءه من الجزيرة للشعب الكوبي فأدلى بخطابه الشهير. غير أن في 7 أكتوبر أبلغ مخبراً القوات البوليفية الخاص بموقع جيفارا وفرقته في معسكر بواد جورو، وقامت القوات بمحاصرة المنطقة، وجرح جيفارا وأسر حين كان يحاول قيادة الفرقة مع “سيمون كوبا سارابيا”، وتم تقييده واقتيد إلى مبنى مدرسة متهالك بني من الطين في قرية قريبة من قرية لا هيغويرا، وبعد يوم ونصف حيث رفض أن يتم استجوابه من قبل ضباط بوليفيين، وفي صباح يوم 9 أكتوبر أمر الرئيس البوليفي رينيه باريينتوس بقتل جيفارا.