دخلت احتجاجات أطر التوجيه التربوي ضمن خانة الاحتجاجات الفئوية التي بدأت تسلط عليها الأضواء نظرا للحيف الكبير الذي لحق هذه الفئة على مر عقود من الزمن. كل ذلك (الحيف والاحتقار)، رغم تكوينهم المتميز والفريد من نوعه، ورغم حساسية ومحورية الأدوار التي يلعبها أطر التوجيه التربوي في كل منظومة تريد فعلا أن تحقق الإقلاع التربوي والريادة المعرفية والتكوينية والأكاديمية والمهنية. ومن جملة الأسئلة الحارقة والمقتضبة التي تطرح بخصوص هذه الفئة التي تحتاج إلى رد الاعتبار نطرح: 1. ما جدوى ثنائية “مفتش-مستشار” في التوجيه التربوي إذا كان الإطارين لهما نفس الدبلوم ونفس التكوين ونفس المسار المهني والأكاديمي قبل التخرج؟ أي من سيؤطر ويواكب ويقيم من؟ 2. ما دلالة حرمان أطر التوجيه (المستشارين في التخطيط والتوجيه) من التعويضات على تغيير الإطار وعلى المهام والأتعاب الإضافية مثل التكليفات والتنقلات، في حين جميع الأطر الأخرى تتلقى تعويضات على ذلك (أطر الإدارة التربوية والمفتشون ورؤساء المصالح)؟ 3. كيف ستكون نفسية أطر التوجيه والتخطيط وهم يعيشون يوميا هذا الحيف والتمييز والإقصاء الواضح بالرغم من التكوين في مركز معترف به إفريقيا ودوليا ولمدة سنتين قاسيتين من جميع النواحي (تكوينية، اجتماعية ، اقتصادية، جغرافية، نفسية) ؟ 4. لماذا تجعل جميع المذكرات والنصوص المستجدة في مجال التوجيه أطر التوجيه في صلب العمليات المحورية لإنجاح أوراش الوزارة، مع “زيرو” أو “صفر” تعويض/تحفيز عن تشتت وتعدد وتجدد وتنوع وصعوبة تلك المهام؟ 5. ما قيمة عمل مستشار في التخطيط مكون على مستوى عال في مركز التوجيه والتخطيط التربوي بالرباط، ليزج به في مكتب حزين للقيام بأعمال تقنية رتيبة دون الاستفادة من تكوينه الجيد والمتعمق في شتى المجالات التي تنفع المنظومة؟ 6. ما قيمة عمل مستشار في التوجيه الذي تسند إليه أكثر من ستة مؤسسات أو يقوم بتأطير أزيد من 5000 تلميذ؟ 7. هل يعقل أن يعطي المستشار في التوجيه جميع مصاريف التنقل ونسخ وطبع وثائق العمل والمعدات كالحاسوب والهاتف من أجرته الشهرية؟ 8. كيف يعقل أن يجتاز إطار التوجيه والتخطيط التربوي امتحان كتابي وشفهي صعب للغاية ثم يخضع لسنتين من التكوين ثم يتخرج بنفس الدرجة مع قرصنة أقدميته العامة في تلك الدرجة؟ هل هو عقاب على التكوين مثلا؟ 9. لماذا تستفيد جميع الفئات من إدارة تربوية وحراس عامون والمفتشين ورؤساء المصالح (وحتى غير الخاضعة للتكوين) من تعويضات وإمكانية السكن الوظيفي إلا أطر التوجيه والتخطيط التربوي؟ 10. لماذا ينتظر بعض المسؤولين مثل المدراء الإقليميين ورؤساء مصالح تأطير المؤسسات والتوجيه من المستشار في التوجيه أن يقوموا بأكثر من طاقته في ظل قلة الموارد البشرية وتآكل أجرة المستشار نتيجة كثرة تنقلاته دون درهم تعويض؟ 11. هل يعلم الوزير والمسؤولون المركزيون أن ازدواجية مفتش/مستشار في التوجيه أو التخطيط لا توجد إلا في النظام التعليمي المغربي، الذي يعتبر فعلا مرجعا لا يحتذى به في كثرة الفئات ومزاجية المراسيم والقرارات والحيف والتمييز بين الأطر؟ 12. هل من المنطق أن يكون أطر التوجيه والتخطيط تحت إشراف أطر إدارية لها تكوين مهني وأكاديمي أقل بكثير، ولا يرقى إلى فهم واستيعاب أدوار ومهام وفلسفة التوجيه والتخطيط التربوي؟ 13. أليس من النضج التربوي التفكير في خلق مفتشية مستقلة للتخطيط والتوجيه التربوي على الصعيد المركزي والجهوي والإقليمي تكون مهمتها الإشراف المباشر على أطر التوجيه والتخطيط التربوي، بدل إلحاقهم ببنيات ومصالح إدارية وأطر غير مكونة لا تفهم “إوزة/بطة” في مجال التخطيط والتوجيه التربوي، وفي أفضل الأحوال تقوم بقراءة سطحية للمذكرات المنظمة دون النفاذ إلى روحها وجوهرها وفلسفتها الحقيقية في المجال؟