حوالي الساعة السادسة بعد الزوال أخدت مقعدي بمقهى بشارع ” كليز ” بمراكش ، فدلفت على يميني فوجدت فتاة تبدو في نهاية عقدها الثاني ، طلبت مني سيجارة ، فأجبتها بأني لا أدخن بل الحقيقة أني انقطعت عن التدخين منذ مدة طويلة ، و لاحظت بأن الفتاة تريد أن تتكلم بلهفة و بدون انقطاع ، ففتحت لها المجال بسؤال هل هي من مراكش ، فأجابت بأنها من مدينة الرباط و أنها ضحية علاقة جنسية نتج عنها ما نتج ، فهربت من مسقط رأسها و جاءت إلى مراكش حيث التقت بفتاة مدمنة على العلب الليلية ، فقامت هذه الأخيرة بجلبها إلى صاحب ملهى ليلي استغلها جنسيا ما يقارب سنة من الأيام ، و بين الفينة والأخرى كان يرسلها مع قنينة من الويسكي إلى بعض معارفه من أصحاب النفوذ لينال رضاهم ، ثم تركها لإبنه الذي استغلها بدوره و يفرض عليها الذهاب مع زبناء الملهى ليتقاسم معها ما تجنيه من مال ، إبن صاحب الملهى حريص على جمع المال لأنه يطمع في إنشاء ملهى أضخم من ملهى أبيه كما همس لها ذات ليلة ، انه على ملة أبيه من الذين يعشقون الثراء على حساب ماسي أبناء الشعب ، ثم تركها بدوره إلى مسير الملهى الذي أستغلها كذلك أبشع استغلال ، و بعد طردها من الملهى أصبحت مدمنة على احتساء النبيذ الرخيص بعد أن كانت تحتسي أنواع الويسكي الراقي مع صاحب الملهى الليلي ، لقد تركتها حائرة هل تعود إلى بيت أبيها التي تركته مكرهة ، أو تنتحر بجسدها في الأزقة و المقاهي و في الحانات و الملاهي ، إنها صورة مؤلمة من صور كثيرة تتحرك بيننا على مدار الساعة