يفترق الجاران في منعرج وعر ' وأصبحا شبحين يصعب معرفتهما ' نظرا لشدة الظلام وسواد الليل.ولكثرة نباح كلاب القرية ' إيذانا باقتراب غريب من الكوخ ' تخرج زنبة ' وفي يديها كما العادة القنديل الباهت الضوء' لتجد أباها ' وقد قفز من فوق ظهر بغله الأبيض ' وشيئا فشيئا 'بدأت تخف شدة نباح الكلام' كسمة من سمات الاستقرار والأمان للقرية السابحة في الظلام الدامس. كما العادة ' ايطو وراء المنسج التقليدي ' تتفنن في تنميق زريبتها الامازيغية ' وبجانها الأثير يرسل بين الفينة والأخرى ' أغاني "حادة اعكي " القديمة الرائعة . وفي صدر الكوخ "كانون" من صنع "خلا" حداد القرية المعروف على الصعيد المحلي . يرسل هذا الكانون المملوء بحطب أشجار البلوط 'لهيب نيران ذهبية جذابة ' لها دفئ يحمل الجالسين بجواره إلى عالم الخيال والمتاهات الفكرية الأخاذة . يدخل حدو الكوخ مبينا السلع لزوجته 'وهو في أوج الاعتزاز برجولته ومسؤوليته الأسرية.تلتفت إليه ايطو مبتسمة من اجل اظهار حبها الدفين له , ورضاها بشهامته و صموده في مواجهة الحياة القاسية . - الحمد لله ' رجعت بخير و في صحة جيدة . - الحمد لله 'وشكرا لك أنت أيضا ' كفى من هذه الزريبة المضنية .تعالي واجلسي بجانبي إني مشتاق للحديث معك - غير ملابسك : السلهام ' والقميص الفضفاض والعمامة . - هذه هي الملابس التي جعلتك تهتمين بي أول مرة التقينا في احيدوس . - صحيح يا حدو ' إنها والله لذكريات خالدة ' لقد كنت جميلا وسيما بهذه الملابس الأصيلة !!! تلتحق بهم زنبة ' يغير الزوجان حديثهما بطريقة عفوية 'والحياء واضح على وجوههما . محمد همشة .