الاستراتيجية الأولى: المبادرة يعتبرها الشخص العادي آخر الاستراتيجيات التي يجب أن يتبناها. بينما يعتبرها الشخص المتميز أول الاستراتيجيات. وهي تتلخص في المبادرة بعمل معين بأسلوب أكثر كفاءة وأسرع تميزاً. كما أن المبادرة تحتل المركز الأول من الاستراتيجيات، فهي أول ما يراقبه المحيطون بك حين الالتحاق بهم، حيث تكون محط أنظار الجميع ليروا طموحاتك. ودلت البحوث أن الموظف الجديد يجب أن يظهر مهارات المبادرة خلال الستة شهور أو السنة الأولى من العمل. وإلا وصف بين الفريق بأنه غير منتج وغير مفيد للفريق. إن المبادة لا يتم تعلمها بالمدارس وإنما في بيئة العمل ويحدث ذلك ببطء ومشقة. وتتميز المبادرات بالآتي: - البحث عن مسؤوليات إضافية تتجاوز المتوقع في التوصيف الوظيفي. - مباشرة أعمال إضافية لصالح الزملاء أو المجموعة. - التمسك بإصرار بفكرة أو مشروع والاستمرار في ذلك حتى يتحقق النجاح. - قبول بعض المخاطر الشخصية بتولي مسؤوليات جديدة. وتعتبر الفكرة الجديدة أفضل بداية للمبادرة. لكن مجرد كتابة الفكرة في مذكرة ورفعها لرئيسك ليس كافياً. فإن متوسطي الأداء يعتبرون أن مسؤولياتهم تنتهي عند هذا الحد، وأن الرئيس وحده المسؤول عن متابعتها. أما المتفوقون فيدعمون مبادراتهم بإبداء التزامهم الشخصي وحماسهم تجاه اقتراحاتهم. وهم لا يشترطون أن يكون المبادر مسؤولاً عن التطبيق الكامل للفكرة. لكنهم يتفقون على وجوب التزامه بمتابعتها حتى الانتهاء من تطبيقها، ولا يعني ذلك أن كل مبادرة يجب أن تتكلل بالنجاح، فالمحاولة هي ما يتوقعه الناس، وهي أصعب جزء في المهمة. إن المتقنين يعلمون جيداً أن جهوداً مماثلة قد يصيبها الفشل. وعموماً فالجهد المبذول هو الذي يحدد درجة أداء الشخص عند تقييم المبادرة. سواء جاءت النتيجة ناجحة أم باءت بالفشل. ومعرفة كيفية اختبار المبادرات الصحيحة يعد سمة أخرى من سمات المتميزين. فالمبادرات سلاح ذو حدين: أولهما القلق من الدخول في صراع مع الآخرين، لأنك غالباً ما ستهدد الوضع الراهن بتغييره عندما تبادر بفعل شيء جديد. فأحياناً تتضمن المبادرة البحث عن إصلاح ما أفسده بعض الزملاء، مما يسبب العداء. والذين يأخذون زمام المبادرات يعرفون كيف يعبرون مراحل الصراع رغم ما تخلفه من نفوس جريحة وغاضبة. والحد الثاني في المخاطرة هو أنك ستعرض سمعتك للمخاطرة مرتين. مرة في سلامة اختيار المبادرات، وأخرى في احتمال نجاحك أو فشلك في تنفيذها. الاستراتيجية الثانية: شبكات العلاقات يظن الشخص العادي أن شبكة العلاقات تضم أولئك الذين يبقونه على علم بآخر النكات أو الشائعات أو الأخبار التافهة المنتشرة في المؤسسة. أما الشخص المتميز فيسأل نفسه الآتي: - إذا كنت أعرف حجم المعلومات التي تعلمتها وفهمتها، فهل أعرف حجم ما أجهل؟ أو لنطرح السؤال بصيغة أخرى:- ما النسبة المئوية للوقت الذي أقضيه في البحث عن شخص أو مصدر للحصول منه على معرفة لازمة لإتمام العمل؟ في عام 1986م أجاب معظم من تم سؤالهم بتوفر 75% من المعلومات بأذهانهم، مع اعتمادهم على الآخرين في تحصيل نسبة ال 25% الأخيرة. أما في السنين الأخيرة فقد هبطت نسبة المعلومات التي يعرفها الموظف إلى حوالي 20%. وقد تدعو نتيجة هذا الاستقصاء المديرين للقلق بشأن موظفيهم، بأن يحكموا عليهم بالنقص أو القصور أو قلة التدريب. والحقيقة هي أن الموظفين والمؤسسات يعانون من مشكلة قصور أو نقص المعرفة. فهناك الكثير مما يحتاجون لمعرفته ليتموا أعمالهم بشكل جيد. وفي هذه الحالات لا بديل عن شبكات المعارف. وهي الوسيلة التي يلجأ إليها المتميزون للتغلب على نقص معارفهم. إن العيب ليس في الموظفين، بل في التنظيم الإداري الذي يطلب منهم من المعارف أكثر مما يعطيهم منها. هل تعلم عزيزي القارئ أن الخبراء يقدرون أن حجم المعلومات والمعرفة التي أنتجت في القرن العشرين وحده تفوق بكثير ما أنتج خلال تاريخ الإنسانية السابق كله. وبينما يحتاج العاملون الأذكياء كثيراً من هذه المعلومات ليصبحوا أكثر إنتاجية في أعمالهم، لا يتمكن حتى أفضلهم من استيعابها كلها بمفرده. فنجد أن وكالة الإعلان التي نجحت في السبعينات باستخدام التلفاز والإذاعة والمطبوعات، تفشل في التسعينات إذا لم تستعن بخبراء في (الأنترنت). الاستراتيجية الثالثة: إدارة الذات يعتقد الشخص العادي أن إدارة الذات هي إدارة الوقت التي تسمح له بتقسيم المهام المطلوبة منه على كمية الوقت المتاحة له. أما المتميز فلديه رؤية مختلفة تماماً. فهو ما يزال يجد الوقت الكافي لأداء مزيد من المهام والمبادرات. نتيجة للتغيرات التي طرأت على التنظيم الإداري الهرمي، ونتيجة للطفرات التقنية التي سمحت للعاملين بحرية أكثر. ولتغييرات أساليب الحياة بشكل تطلب مرونة جداول العمل. ولتغير طبيعة العمل نفسه، ضعفت خطوط الإدارة والرقابة التقليدية على الجماعة، مما حتم على كل الموظفين تطوير قدراتهم على إدارة ذواتهم، ولكي تتمكن من إدارة ذاتك جيداً، عليك بالآتي: 1 - أن تعرف نفسك جيداً. 2 - أن تتعرف على نوع العمل الذي تتقنه وترغب في تنفيذه. 3 - أن تسيطر على مسار مستقبلك الوظيفي بوضع خطة تربط بها نفسك إلى العمل الذي تؤديه مع ربطه بالتالي بربحية المؤسسة. 4 - أن تخطط للمشروع بالكامل. 5 - أن تجدول وقتك بوضع خطة زمنية لتنفيذ المشروع. 6 - أن تتابع مدى تقدمك في التنفيذ. 7 - أن تختزن وتسترجع المعلومات الهامة للإفادة منها. 8 - أن تستطلع المشكلات قبل حدوثها. 9 - أن تضع خطة بديلة تنفذها عند فشل الخطة المبدئية. 10 - أن تعلم من يهمهم الأمر (العملاء، الرؤساء، الزملاء) بمدى تقدمك في عملك وبما تحققه من نتائج. إن ما يتميز به المتفوقون عن غيرهم هو سلبية الغير في إدارة تدفق عملهم أو في رسم مسار مستقبلهم العملي. فأي مشروع يطلب منهم يتقبلونه برضى دون أن يدرسوا انعكاساته على ربحية المؤسسة أو على مستقبلهم العملي. ولا يخطر ببالهم التفكير فيما يخططون لعمله بعد خمس سنوات مثلاً. تقوم استراتيجية التفوق في إدارة الذات على تقويم العمل المعروض علي. والشخص الذي سأعمل تحت إمرته. وأفكر في مهمتي التالية قبل انتهاء الحالية بوقت طويل. وأنظر للأعمال الصغيرة التي أقوم بتنفيذها كلبنات في بناء أكبر. ولا تتحقق إدارة الذات عن طريق برنامج تدريبي وهمي، بل تنتج عن معرفتك لنفسك، وتحديد ما يصلح لك. وعند اكتمال تنفيذك لهذه المفاهيم، تخف قبضة الإدارة في متابعتك، وتمتلك القدرة على السيطرة على مقاليد حياتك العملية. الاستراتيجية الرابعة: رؤية الصورة الكاملة يظن الشخص العادي أن هذه الاستراتيجية تعني التشدق بأحد الشعارات الرنانة وتكرارها أمام الإدارة العليا للحصول على التأييد والمصداقية اللازمين لإبداء الرأي والمشورة والتصويت على قرارات المجالس العليا. أما المتميزون فيبحثون عن بلورة الممارسات العملية داخل أطر وصور ذهنية واضحة. ويضحون حتى بحياتهم في سبيل التعرف على الرؤى الهامة لغيرهم. وهم يفعلون ذلك هادفين لفهم العلاقة بين عملهم وبين الجهد الأكبر للفريق. فالمختصون ذوو القدرة على رؤية الصورة الكاملة قادرون على فهم ما تحدثه التغيرات الطفيفة في المشروعات التي تتطلب مشاركة الآخرين. وهكذا يهدفون إلى تكوين فهم عميق وشامل لمجال عملهم، يقودهم إلى التعرف على تأثير جهودهم والإحساس بكيانهم الفردي داخل المجموعة. وهم يمارسون عملهم أكثر من زملائهم العاديين. ونتيجة لذلك يتعرضون لمدى أوسع من المشكلات التي تثير فيهم حاسة الابتكار والبحث عن الحلول. وقليلاً ما تعطلهم المشاكل أو يحبطهم الفشل. الاستراتيجية الخامسة: مهارات التبعية يعتقد الشخص العادي أن التبعية هي الخضوع السلبي لآراء المديرين والرؤساء، والتظاهر بتنفيذ أوامر القائد. أما المتميز فيعلم أن فكرة التبعية والإخلاص تعتبر إحدى التحديات الكبيرة، ليس فقط لصعوبة إتقانها، ولكن لصعوبة قبولها. التبعية هي استراتيجية العمل التي توجه تعاملاتك مع القادة. وهي تركز على جميع العلاقات مع الناس الذين يملكون النفوذ في المنظمة ولهم سلطة عليك. وهناك اعتقاد شائع يصاحبنا منذ الطفولة وحتى الشيخوخة وهو أن القيادة شيء متميز جليل نطمح إليه. بينما التبعية شيء مخز يجب أن نبتعد عنه. فتبعية المتميز تعني العمل بإخلاص على نجاح الرئيس والمؤسسة، وفي نفس الوقت ممارسة الاستقلالية الفردية وتكوين رأي خاص عن الأهداف والواجبات والمشاكل المتوقعة وطرق العمل. وهؤلاء ذوو قدرة على العمل بتعاون تام مع القائد لإنجاز أهداف المؤسسة حتى مع وجود فروق في الشخصية أو في الآراء. وهم لاعبون أساسيون في تخطيط أعمال المؤسسة. كيف يتبع المتميزون قادتهم ؟ لا بد من توفر مهارات الاتباع الآتية: 1 - لديهم اهتمام والتزام ودوافع تتعدى المكاسب الشخصية. 2 - يتميزون بوعي حقيقي وجريء عند تنفيذهم للمهام أو تطبيقهم للسياسات. 3 - لديهم قدرة على السيطرة على أنفسهم أثناء التعامل مع القادة. الاستراتيجية السادسة: مهارات القيادة لا تعني مهارات القيادة عند الشخص العادي أكثر من القدرة على فرض الرأي والسيطرة على الآخرين والتحكم فيهم والحرص على استعراض هذه القدرة والتفاخر بها كلما سنحت الفرصة لذلك. أما المتميز فيعمل كقائد غير ذي سلطة وبهدوء ودون استعراض، فالقادة الصغار لا تكون لهم عادة سلطة رقابة مباشرة على أحد، ولا معانون يعتمدون في صرف أجورهم على رحمتهم. فالزملاء يتعاونون بإرادتهم مع القادة الصغار، تحت تأثير مهاراتهم القيادية وليس أسواطهم الاستعراضية. هذا الأسلوب المختلف في القيادة يعد استجابة للتغير الذي حدث في الإدارة للعبور من عصر الصناعة إلى عصر المعلومات. فالقيادة الصغيرة تمارس بين الأقران، وغالباً داخل فريق العمل. ولا تتوقف درجة نجاحها على سلطة القائد بل على نفوذ الخبير ومصداقيته. مهارات القيادة الصغيرة: المعرفة: خبرة محترمة ورأي سديد في أمور تتعلق بأهداف المجموعة. العلاقات الإنسانية: الاهتمام بزملائك وبأهدافهم مثلما تهتم بنفسك وبأهدافك، وكنتيجة لذلك، يتحرك زملاؤك للعمل معك بإرادتهم لتحقيق الهدف. الدافعية: ممارسة أنشطة القيادة التي تعاون المجموعة معاونة حقيقية لإتمام تنفيذ الهدف. الاستراتيجية السابعة: روح الفريق يكتفي الشخص العادي من هذه الاستراتيجية بأن ينضوي تحت لواء أحد فرق العمل ويفعل ما يطلب منه فقط. أما المتميز فيعلم أن أول مبادئ روح الفريق ضروري لإنجاز المهام المركبة والمعقدة، وأن حجم العمل أصبح أضخم من أن ينفذه فرد واحد، حتى لو كان جد متميز. فقد أصبحنا في زمن العمل الجماعي. جموع من الفرق تستخدم روح الفريق لتحقيق إنجازات تعتمد على القدرة الذهنية، ولسوء الحظ تصاب بالفشل أكثر مما تحرز من النجاح في عقدنا الحالي وذلك لسببين: 1 - عدم تطابق أفعال المديرين مع أقوالهم. فثقافة كثير من الإدارات العليا ترتبط بالأسلوب الفردي وتمجيد الذات، وقد أدى افتقار روح الفريق على مستوى المديرين إلى حيرة المرءوسين. 2 - مكافأة القادة وعدم مكافأة أفراد الفريق. كل هذه المصاعب تجعل العمل داخل الفرق مهمة شاقة على كل أعضاء الفريق. عدا الذين يستطيعون خلق المناخ المناسب للعمل وزيادة الإنتاجية. الاستراتيجية الثامنة: المعرفة التنظيمية تتضمن المعرفة التنظيمية مراعاة المصالح المختلفة لكل مكونات المشروع. وأنه من الممكن تطعيم البيئة بمفهوم ربح لكل الأطراف دون أن يضطر أحدهم للكسب على حساب خسارة الآخر. فالمعرفة التنظيمية بالنسبة لهم تعني القدرة على إدارة المصالح المتنافسة داخل بيئة العمل لترويح فكرة أو فض نزاع أو تحقيق هدف. والذين لا يتقنون المبادرة أو لا تتوافر لديهم القدرة على التصور مثلاً سيجدون أنفسهم عاجزين في مجال المعرفة التنظيمية. مهارات المعرفة التنظيمية: لكل منظمة هيكلان تنظيميان، أحدهما رسمي والآخر غير رسمي. والتنظيم غير الرسمي أكثر أهمية بالطبع لكونه يعبر عن شخصية المنظمة وثقافتها بشكل أدق، حيث تتحدد مراكز القوى الحقيقية في المنظمة بعيداً عن الألقاب الوظيفية الرسمية، وحتى تصبح نجماً لمنظمتك عليك التعرف على التنظيم غير الرسمي وعلى العلاقات المستترة خلفه. وللمنظمة أيضاً شخصيتها أو ثقافتها التنظيمية الخاصة بها. بدءاً من ملابس العاملين، وانتهاء بالأماكن التي يتبادل فيها العاملون أسرار وشائعات العمل. وعليك أن تدرس شخصية المنظمة، وأن توافق بين سلوكك وشخصيتها، كما يجب عليك اكتساب ثقة الآخرين. الاستراتيجية التاسعة: العرض والاستمالة تمثل هذه المهارة بالنسبة للشخص العادي أهم المهارات على الإطلاق والأولى في الترتيب، وهو بذلك يعتقد أنها تعني القدرة على جذب انتباه الإدارة والشخصيات المهمة في الشركة من خلال بعض العروض والتصميمات التي تستعرض المهارة أكثر مما تحمل فائدة حقيقية للمؤسسة. أما بالنسبة للمتميز فيشكل العرض والاستمالة آخر المهارات الأساسية، إلا أن دورها حيوي في دعم شهرته في بيئة العمل. إذ أن إتقان مهارة العرض والاستمالة تسمح لك بإقناع من حولك بالثقة في خبرتك وفي رسالتك وذلك بغرض الحصول على التأييد اللازم لمبادراتك أو لإيضاح تصوراتك، أو قبول قيادتك. لكن هذه المهارة وحدها لا يمكنها تعويض النقص في أي مهارة أساسية من مهارات العمل الأخرى. إنها اللمسة الجمالية أو النغمة الأخيرة في سيمفونية التميز، ورغم أنها لن تصنع أو تدمر إنتاجيتك على المستوى المحلي، إلا أنها تحد فعاليتك لمن هم بالمستوى الأعلى في مؤسستك. إنها تزيد من صلابتك. وتساعد على كسب نفوذ أكبر أو ترقيتك إلى طبقة المديرين.