للإيمان بالقدر آثار على الفرد والمجتمع نذكر أهمها: 1. القدر من أكبر الدواعي التي تدعو إلى العمل والنشاط والسعي بما يرضي الله في هذه الحياة، والإيمان بالقدر من أقوى الحوافز للمؤمن لكي يعمل ويقدم على عظائم الأمور بثبات وعزم ويقين. 2. ومن آثار الإيمان بالقدر أن يعرف الإنسان قدْر نفسه، فلا يتكبر ولا يبطر ولا يتعالى أبدًا؛ لأنه عاجز عن معرفة المقدور، ومستقبل ما هو حادث، ومن ثمّ يقر الإنسان بعجزه وحاجته إلى ربه تعالى دائمًا. وهذا من أسرار خفاء المقدور. 3. ومن آثار الإيمان بالقدر أنه يطرد القلق والضجر عند فوات المراد أو حصول مكروه، لأن ذلك بقضاء الله تعالى الذي له ملك السموات والأرض وهو كائن لا محالة، فيصبر على ذلك ويحتسب الأجر، وإلى هذا يشير الله تعالى بقوله: «ما أصاب من مصيبة في الارض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها أن ذلك على الله يسير، لكيلا تاسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم، والله لا يحب كل مختال فخور»سورة الحديد: 21 - 22 4. الإيمان بالقدر يقضي على كثير من الأمراض التي تعصف بالمجتمعات وتزرع الأحقاد بين المؤمنين، وذلك مثل رذيلة الحسد، فالمؤمن لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله؛ لأنه هو الذي رزقهم وقدر لهم ذلك، وهو يعلم أنه حين يحسد غيره إنما يعترض على المقدور. وهكذا فالمؤمن يسعى لعمل الخير، ويحب للناس ما يحب لنفسه، فإن وصل إلى ما يصبو إليه حمد الله وشكره على نعمه، وإن لم يصل إلى شيء من ذلك صبر ولم يجزع، ولم يحقد على غيره ممن نال من الفضل ما لم ينله؛ لأن الله هو الذي يقسم الأرزاق. 5. والإيمان بالقدر يبعث في القلوب الشجاعة على مواجهة الشدائد، ويقوي فيها العزائم فتثبت في ساحات الجهاد ولا تخاف الموت، لأنها توقن أن الآجال محدودة لا تتقدم ولا تتأخر لحظة واحدة. 6. والإيمان بالقدر من أكبر العوامل التي تكون سببًا في استقامة المسلم وخاصة في معاملته للآخرين، فحين يقصر في حقه أحد أو يسيء إليه، أو يرد إحسانه بالإساءة، أو ينال من عرضه بغير حق، تجده يعفو ويصفح؛ لأنه يعلم أن ذلك مقدر، وهذا إنما يحسن إذا كان في حق نفسه، أما في حق الله فلا يجوز العفو ولا التعلل بالقدر؛ لأن القدر إنما يحتج به في المصائب لا في المعايب. 7. والإيمان بالقدر يغرس في نفس المؤمن حقائق الإيمان المتعددة، فهو دائم الاستعانة بالله، يعتمد على الله ويتوكل عليه مع فعل الأسباب، وهو أيضًا دائم الافتقار إلى ربه تعالى يستمد منه العون على الثبات، ويطلب منه المزيد، وهو أيضًا كريم يحب الإحسان إلى الآخرين، فتجده يعطف عليهم . 8. ومن آثار الإيمان بالقدر أن الداعي إلى الله يصدع بدعوته، ويجهر بها أمام الكافرين والظالمين، لا يخاف في الله لومة لائم، يبين للناس حقيقة الإيمان ويوضح لهم مقتضياته، وواجباتهم تجاه ربهم تبارك وتعالى، كما يبين لهم حقائق الكفر والشرك والنفاق ويحذرهم منها، ويكشف الباطل وزيفه. إن المؤمن الصادق لا يذل إلا لله، ولا يخضع إلا له، ولا يخاف إلا منه، وحين يكون كذلك تجده يسلك الطريق المستقيم، ويثبت عليه، ويدعو إليه بالحكمة والموعظة الحسنة، ويصبر على ما يلقاه في سبيل الدعوة من عداء المعتدين، وحرب الظالمين، ومكر الماكرين، ولا يصده شيء من ذلك؛ لأن هؤلاء لا يملكون من أمر الحياة ولا أمر الأرزاق شيئًا، وإذا كان الأمر هكذا فكيف يبقي في نفس المؤمن الداعية ذرة من خوف وهو يؤمن بقضاء الله وقدره؟ فما قدر سيكون، وما لم يقدر لن يكون، وهذا كله مرجعه إلى الله، والعباد لا يملكون من ذلك شيئًا.