"أندرومان" هو اسم شجرة بالأمازيغية في منطقة بولمان بورزازات تستعمل من طرف الساكنة بعد أن يتم تحويلها إلى فحم و"أندرومان" أيضا هو اسم جليلة التي لعبت إحدى الأدوار الرئيسية في الفيلم والتي يراد لها أن تكون ذكرا رغما عنها، "أندرومان من دم وفحم" هو أيضا أول فيلم سينمائي طويل للعلوي لمحرزي عز العرب بعد ثلاث أفلام قصيرة حاز في إحدها 18 جائزة في مختلف الدول العالمية وتجربة تلفزيونية حافلة؟، "أندرومان" هو أيضا قصة غابة يشكل فيها بوغابة مطارد السكان وسارق مجهوداتهم في صناعة "الفاخر" وأيضا هو المتعاطي للكحول والمخدرات، وهو أيضا من لا يعني له أهل "أندرومان" سوى شباب يريدهم للتجنيد الإجباري ووثائق هوية لا تسمن الساكنة ولا تغنيها من جوع، شريط "أندرومان" أحد الأفلام القليلة التي حظيت بتشجيع منقطع النظير. لكل هذا وزيادة "التجديد" التقت مخرج الفيلم وأطلت عليه من النافذة التالية. ❍ كيف تولدت لديكم فكرة عمل شريط سينمائي "أوندرومان" في أحد الأماكن النائية نواحي مدينة ورزازات؟ ● أولا أنا لست من هواة المدينة بشكل كبير، اللهم عندما تفرض علي، فأنا أحبذ الاشتغال على العالم المهمش والعالم العميق، وأحاول دائما أن أنقل صورة مفادها أن هناك مغربا آخرا يجب الانتباه إليه وأنه لسنا وحدنا من يعيش على هذه الأرض، فنحن نتقاسم الأرض لكننا لا نتقاسم الرؤيا ولا نتقاسم الخيرات. وبالتالي فاشتغالي هو على المهمش وفق رؤية سينمائية تحاول أن ترتبط بهموم الشعب وأن تعطينا سينما متوازنة إلى حد تجعل المتلقي يجد فيها ما كان يبحث عنه ولذلك فأنا دائما عندما أشتغل على موضوع سينمائي أحاول أن أضع نفسي مكان الملتقي وأحاول أن أبحث عن أشياء أجد نفسي بداخلها، هكذا أطرني هم إخراج فيلم يلامس الجميع دون أن تجعل المتلقي يغادر القاعة فنحن في حاجة لكي نعيد الجمهور ونعيد العائلات إلى القاعات السينمائية، فعندما أشعر بأن العائلات ممنوعة من دخول السينما أشعر بالحيف اتجاهها وعلينا أن نستحضرها دائما حتى لا نمارس على الأسر ديكتاتورية غير مفكر فيها وهذا ما يجعلني أبحث عن الأفلام المتوازنة والتي تصل إلى الجميع. ❍ تعرض فيلم "أندرومان من دم وفحم" لصعوبات جمة كادت لأكثر من مرة أن توقفه وسط الطريق، فهل يمكن أن نعتبر خروجه جاء عن طريق ولادة قيصرية؟ ● الفيلم ولد ولادة عادية لكنها ولادة متعسرة، لأننا تعبنا وناضلنا كثيرا لكي يخرج هذا الفيلم إلى الوجود، وذلك لأنني وفقط، لا أتقن عملية البحث عن التمويل وعندما محاولة لقائي بأي من المسؤولين أجعل كرامتي فوق كل اعتبار ، وأبعث له بداية طلب موعد فإن استجاب فبسم الله وإن لم يرد فالله سبحانه وتعالى يرد على كل الطلبات، فهذا الأمر جعل الأبواب شبه موصدة في وجهي، وحتى الآن فلا أتوفر سوى على وعد بالدعم من القناة الثانية، ففيلمي الأقل دعما إلى جانب الأفلام الأخرى التي تتوفر على دعم متعدد المصادر. ❍ شيء أزعج عز العرب كثيرا طيلة فترة تأليفك الفيلم إلى حين تصويره وتركيبه؟ ● الذي أزعجني كثيرا هو ضيق ذات اليد، فحينما يكون التمويل ضعيفا فإنك تعيش حياة كئيبة، فحينما يتعذر علينا دفع الرواتب للمشتغلين في الفيلم فإننا نعيش في جحيم، وحينما يتعذر علينا الاستمرار ونفكر في التوقف فهذا جحيم أيضا، إذن فضيق ذات اليد في السينما والحياة عموما هي التي تصنع المشاكل، وما زلت أتذكر وأنا ابن المغرب العميق أيضا انه حينما تشتد الضائقة الاجتماعية بالبيت أو القرية فإننا نقول للنساء "طلبوا الشتا" لأن الجميع يعرف أن المطر هو مفتاح كل خير "فالله يجيب الشتا". ❍ اشتغلتم في السينما أولا بثلاث أفلام قصيرة ثم انتقلتم إلى التلفزيون ثم أنتم الآن في السينما وبأول عمل روائي طويل، أين وجدت ذاتك أكثر وما الذي يميز السينما عن التلفزيون في نظرك؟ ● بدأت بالاشتغال في السينما سنة 2004 وصورت أول عمل تلفزيوني سنة 2008، وفي تقديري ليس هناك فرق بين الاشتغال الحقيقي سواء كان في السينما أو في التلفزيون فإذا كانت هناك نية لإخراج عمل جيد ومتميز فالمطلوب الاشتغال بنفس الطريقة في الفضائين، ففيلم مسحوق الشيطان مثلا لقى إقبالا منقطع النظير وقد كان من إنتاج القناة الأولى. ❍ لماذا اختار عز العرب ألا يركب موجة الجنس وما يسمى "بأفلام الجرأة" واتجهت إلى قضية اجتماعية وفي هامش الجغرافي للمغرب؟ ● أنا لدي دكتوراة في الخطاب البصري، وأقول دائما أننا ينبغي أن نبحث عن خطاب سينمائي مغربي متميز بدون اعتماد جسد المرأة كسلعة، وهذا رهان أخذته منذ زمان، ولذلك فاشتغالي هو على الهوية المغربية وعلى المكون المغربي والهامش المغربي ولا أشتغل على الجسد. ❍ الفيلم لقي إقبالا وتشجيعا كبيرين ألا يمكن أن يخلق هذا نوع من الغرور لدى عز العرب، وهل ترى في نفسك القدرة على الاستمرار في هذا المستوى دون تراجع؟ ● لا أظن أنه سيخلق غرورا لأنني ودائما أضع فرقا بين عز العرب المخرج وعز العرب الإنسان وأحرص ألا يكون هناك تماهي لأنه إن حدث سيكون مشكل، وأذكر بهذا الصدد أنه في سنة 1998 عينت مستشارا في ديوان الوزير عبد الله ساعف فقالت لي والدتي اسمع يابني "هادشي لي دبا نتا فيه بحال إلا عطاوك شي "عود" (حصان) فإذا ركبت عليه وسرت به ويوم يطلب منك أن تنزل سيكون الأمر صعبا عليك، فقلت لها هل أرد لهم فرسهم، فقالت لي لا، أمسكه من لجامه فيوم يطلبونه منك ستمنحه لهم "ونتا موالف تمشي على رجليك"، ولذلك فعز العرب لن يتغير لأنه إنسان بسيط والمعجزة كلها في البساطة.