قال عبد الحفيظ فهمي الباحث في التشغيل ومدير رئيس المركز المغربي المستقل لأبحاث التشغيل إن المنظومة التعليمية بالمغرب رسخت لدى الشباب الانتظارية، وضعف المبادرة، والتعليم لم يستطع خلق شباب مبادر. وأوضح أن الدولة لم تخلق إطارا فعالا يتناسب وطبيعة الشباب المغربي، من خلال المبادرات والتمويل. وأن أبرز مثال على ضعف البرامج مشروع مقاولتي الذي يتحمل مسؤولية فشله الدول والشباب. وانتقد فهمي الشباب الذين يحملون شعار الوظيفة أو الموت، ويمكن التعامل مع هذه الشريحة عبر 3 مستويات، أولا التعامل مع الشباب التي يريد أن يبادر، على اعتبار أن هناك شباب مبادر، والتعامل معهم سيعطي نموذج للشباب الآخر. والمستوى الثاني هو الاشتغال على جيل جديد المقبل على المدرسة، لأن هذا سيعطي نتائج على مدى 10 سنوات مقبلة، والمستوى الثالث مرتبط بضرورة اعتماد ميثاق خاص يأخذ بعين الاعتبار نقط قوى وضعف الشباب، مؤكدا أن بلورة تشغيل ذاتي مؤطر من طرف الدولة أمر ملح، فلا يعقل أن نطلب من الشاب أن يأتي بفكرة ويقوم ببدء المشروع وينجحه بمفرده، فيجب أن يكون مؤطرا ومواكبا من لدن جهة معينة حتى ينجح. وأكد أن المشكل الأساسي بالمغرب في مناخ الاستثمار هو الفساد، والفساد هنا كمعيق اقتصادي وليس كمعيق أخلاقي أو سياسي، إذ هناك سيطرة لعائلات على بعض القطاعات وبروز المحسوبية. وأضاف فهمي في تصريح ل»التجديد» أن مناخ الاستثمار يتميز بالبيروقراطية والرشوة وصعوبة الولوج إلى المعلومة الاقتصادية وضعف التمويل، مما يجعل مناخ الاستثمار ضعيفا. وأعطى مثال النموذج التركي الذي قطع أشواطا مهمة في تطوير مناخه الاقتصادي. وتجدر الإشارة إلى أن عدد المقاولات التي أنشئت في إطار برنامج مقاولتي سنة 2009 حوالي 1012 مقاولة خلال 2009. وهو ما يعني أن نسبة إنجاز هذا البرنامج لا تتجاوز 3,3 في المائة على اعتبار أن هدف البرنامج الوصول إلى حوالي 30 ألف. وتسهر الوكالة الوطنية لإنعاش الشغل والكفاءات على هذه البرامج، إلا أن المهتمين يرون أن الحكومة لم تأت ببرامج جديدة لمساعدة الشباب في خلق مقاولات. وأكدت وثيقة المؤسسات العامة المرفقة بالقانون المالي لسنة 2011 أنه على الرغم من إنجاز مخطط الانتعاش، فلا زال برنامج مقاولتي يواجه صعوبات من حيث إحداث المقاولات. وهكذا، فإن الإكراهات الجديدة المرتبطة بالجدارة الائتمانية للمقاولات التي أنشأت في إطار هذا البرنامج شكلت عائقًا لدينامية2009. في هذا الصدد، تم تسجيل 326 حالة عدم القدرة على التسديد بما فيها 115 مقاولة في حالة منازعات. ويعتبر برنامج إفلوسي من بين المشاريع التي أثبتت محدوديتها ،إذ وصل الأمر مؤخرا إلى المحاكم، بل إن القضية أوصلت بعض الشباب إلى السجن. وفي ظل هذه الوضعية، يرى فاعلون ضرورة إطلاق مبادرات واقعية من أجل الحد من ارتفاع وتيرة احتجاج الشباب الذي يريد الشغل، ووضع حد لهجرة الشباب المغربي. حيث أكدت دراسة حول الشباب في العالم المنجزة من لدن مؤسسة الإبداع السياسي خلال هذه السنة أن 29 في المائة من الشباب المغربي أعربوا بأنهم يفضلون العيش خارج المغرب، ومن بين 25 دولة شملت الاستطلاع تبقى كل من استونيا واليونان ورومانيا الدول التي لها نسب عاليه في اعتزام الشباب الهجرة. وأفادت الدراسة، أن نسبة الشباب غير الراضين عن عملهم تصل إلى النصف، وتبقى هذه النسبة مرتفعة في العديد من الدول النامية، في الوقت الذي يعتبر ثلث الشباب أن ظروف العمل تشكل لهم أولوية، في حين أن الأجرة والعمل المهم تأتي بعد ظروف العمل.