قال الدكتور حسن أوريد إن أوروبا ظلت في زمنها القديم تحدد علاقتها بالمسلمين في إطار مرجعيتها المسيحية، وظلت العلاقة مطبوعة بالحروب والصراعات (الحروب الصليبية حروب الاسترداد وسقوط الأندلس حصار فيينا وسقوط القسطنطينية). وأضاف أوريد في محاضرة افتتاح الموسم العلمي لمركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة حول موضوع «الغرب ونحن»، أن أوروبا تبحث عن مرجعية غير سماوية تميزها عن المسلمين، فكانت، يقول أوريد «فلسفة الأنوار»، لكن رغم هذا التوجه بقيت رواسب المسيحية وبقي العامل الديني مؤثرا وقد تجلى ذلك، حسب الباحث، في الاستعمار الفرنسي للجزائر ومحاولته الارتكاز على سان أوغستين ابن مدينة سوق اهراس، إلا انه وعلى الرغم علمانيتها ظلت فرنسا تدافع عن الأقليات المسيحية. كما لامس المفكر أوريد بعض المفاهيم الغربية والإسلامية، حيث يرى أن الإنسان في الفهم الإسلامي «مستخلفا» بينما في الفلسفة الغربية «مالك وسيد» والفرق شاسع بين المفهومين، أما مفهوم «الحرية» فهو كلمة جديدة في العربية ، وهو مفهوم غربي بينما نجد في الإسلام مفهوم «المسؤولية» كمفهوم اكثر عمقا من الحرية التي أفضت إلى الهيمنة. ومن الأسباب التي جعلت الباحث يدعو إلى عدم ارتكاننا إلى الفلسفة الغربية، هي خلفيتها الفلسفية المعرفية، التي تتخذ من برومثيوس رمزا لها، وحسب تأويله يرى قصة موسى عليه السلام، حين رأى نارا وأراد أن يجلب منها قبسا، تمثل قيم التواضع، عكس أسطورة برومثيوس التي تقوم على التحدي والجبروت. وفي سياق تطور الغرب بعد عصر النهضة، تحدد كمفهوم مقابل الشرق (الأنوار مقابل الدين). وفي قراءته للمفاهيم التي أفرزتها فلسفة الأنوار، أشار الباحث إلى السياق والأسباب التي كانت وراء ظهور مفهوم «الحرية» كقيمة من القيم الأساسية في المجتمع الغربي، فالإصرار على مبدأ الحرية كان رد فعل ضد الكنيسة وممارستها ضد الأشخاص، أما مفهوم «المساواة» فقد برز في سياق الهيمنة الطبقية التي سيجتكل طبقة على حدة، ومنعت الحراك الاجتماعي. وبالرغم من نبل هذه القيم، يقول الباحث، فإن الحرية أفضت إلى الهيمنة (هيمنة السوق) التي أشعلت الحرب العالمية الأولى، التي خلفت دمارا كبيرا، وأفرزت اتجاهات مضادة كانت الشيوعية والنازية أبرزها، بالإضافة إلى تيار «المسيحيون الجدد» الذي لم يحالفه النجاح. وكان القاسم المشترك بين هذه الاتجاهات هو رد فعلها الرافض للفلسفة التي جعلت من المال غاية بدل أن يكون وسيلة.