ينظم المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة يوم الخميس 25 غشت 2011 ابتداء من الساعة العاشرة ليلا بنادي هيئة المحامين حي المحيط بالرباط ، ندوة دراسية حول موضوع "الشباب والتدين في المغرب، الواقع والتحديات" بمشاركة نخبة من الباحثين والمتخصصين في هذا المجال، واللذين سيعمدون إلى تسليط الضوء بالنقاش والتحليل على نتائج الدراسة التي أعدها المركز المذكور حول الشباب المغربي والتدين. وحسب الأرضية النظرية للندوة فإن بروز الظاهرة الدينية في المجتمع المغربي يعد أحد أبرز تمظهرات التحول الذي يعيشه المجتمع في علاقته بمختلف المؤسسات، فقد برزت أشكال من التدين الجديدة مختلفة نوعا عن الأشكال التقليدية، وارتباط ذلك بعدد من العوامل والمحفزات التي ساهمت في بلورة هذه النماذج الجديدة، وهو ما ينتج حسب الورقة، وفي بعض الأحيان بروز أشكال هجينة من التدين نتيجة التداخل بين المرجعيات الثقافية والفكرية، تجعل الإنسان يقوم بنوع من التوفيقية/التلفيقية بين هذه المرجعيات المتناقضة، مما يجعلنا أمام ظاهرة ومعقدة ومركبة تحتاج تأنيا في الوصف والتحليل والإستشراف. واقع من هذا القبيل دفع المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة إلى القيام بهذه الدراسة العلمية حول الشباب والتدين بالمغرب، معتبرا أنه في هذا السياق الدقيق الذي يمر منه المغرب اليوم، تأتي الدراسة الميدانية التي أنجزها المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة لتؤكد عددا من النتائج التي توصلت إليها الدراسات السابقة، وتكتشف نتائج جديدة خاصة بها، مرتبطة بتمثلات ومواقف وسلوكات الشباب المغربي سنة 2011. وأشارت الأرضية إلى عدد من النتائج الأولية التي توصلت إليها الدراسة والتي أبرزت عدة معطيات أولها على مستوى المعتقدات الدينية، حيث أجابت الأغلبية الساحقة من المستجوبين بأنهم مؤمنون، وعبروا عن كون الدين يشكل جزء أساسيا من حياتهم العامة والخاصة. ثم ثانيا على مستوى المعارف، حيث تم لمس توجه عام يتسم بمحدودية المعرفة الدينية في صفوف الشباب، وثالثا على مستوى العبادات، ثمة توجه عام يؤدي الشعائر الدينية (الصلاة بشكل أساسي) بانتظام، ونسبة أقل بغير انتظام، في حين أن نسبة قليلة لا تؤدي الشعائر الدينية، ثم رابعا على مستوى الأخلاق، سجل المركز من خلال الدراسة بروز توتر عند الشباب، بحيث انقست الآراء فيما يتعلق بقضايا مثل الغش في الإمتحانات أو تقديم الرشوة...، وخامسا سجل ضعف عام وثقة محدودة في المبادرات والخطابات الرسمية الخاصة بهيكلة الحقل الديني في المغرب. واوضحت ذات الأرضية أن الدراسة الميدانية اعتمدت على تقنية المجموعات البؤرية وأيضا على المقابلات الفردية نصف موجهة، والهدف من ذلك هو استكشاف التمثلات والمواقف التي يحملها الشباب المغربي حول الدين والتدين والقضايا المرتبطة بهما، والطريقة التي ينظر بها هؤلاء الشباب إلى هذا الموضوع، سواء من حيث طريقة الإستدلال وبناء المفاهيم والتصورات الخاصة بالمعتقدات الدينية أو بممارسة الشعائر والموقف من بعض الممارسات الدينية، أو المواقف والآراء الخاصة بمؤسسات العلماء والحركات الإسلامية والحركات الصوفية، أو القضايا المتعلقة بالأخلاق والقيم، وبالموازاة مع ذلك ، فقد شكل المنهج النسقي ، إحدى المقتربات المنهجية التي سلكلها باحثوا المركز ، لدراسة التدين عند الشباب ، وفي هذا السياق ، فقد توزعت مجالات الدراسة على خمسة مداخل أساسية : 1) دراسة المعتقد ، 2) الشعائر ،3) المعرفة الدينية ، 4) الاخلاق ، 5) الفاعلون الدينيون. أما بالنسبة للعينة، فأكدت الأرضية انه تم اعتماد عينة قصدية، تم بناؤها انطلاقا من مبدأ الحرص على ضمان تمثيلية مختلف فئات مجتمع الدراسة، وليس على أساس مراعاة الوزن العددي للفئات التي تمثلها أو كيفية انتشارها في المجال، كما هو الشأن بالنسبة للعينات العشوائية، وقد تم تشكيل العينة من الجنسين، من خلال التلاميذ والطلبة وأعضاء بعض الجمعيات، وكذا الشباب الذي يعمل في بعض المهن والذي لا يدرس، هذا مع مراعاة مسألة الانسجام في المرجعيات المتعلقة بالسن والنوع ومكان الإقامة، إذ أن البحث الميداني شمل عددا من المدن المغربية تم انتقائها بشكل عقلاني، حتى تعبر عن الإختلافات الثقافية واللغوية والجغرافية، بشكل تسمح بتكوين صورة مصغرة على تدين الشباب في مناطق مختلفة من المجتمع المغربي، وقد تم توزيع العينة كل من الدارالبيضاء، ومكناس، والراشيدية، والحاجب، وطنجة، ووزان، ومراكش، ووجدة، وأكادير، والحسيمة، وفاس.