يقوم التشريع القانوني بدور هام في ضمان حقوق الأشخاص بصفة عامة وحقوق المعاقين بصفة خاصة، وذلك في ميادين الصحة والتربية والتعليم والتكوين والتشغيل والفن والرياضة والثقافة، وكذلك في حماية مبدإ تكافؤ الفرص وتنشيط آليات الإدماج في الحياة العامة. وهكذا سنعرض لبعض هذه النصوص المتعلقة بوضعية الأشخاص المعاقين بالمغرب. النصوص العامة: إن الإطار العام لحقوق وواجبات المعاقين بالمغرب نجده متضمنا في التشريعات العامة التي تشمل كل المواطنين الذين يخضعون للقانون المغربي. فالمرجع الأول نجده في الحقوق التي تكفلها الشريعة الإسلامية لهذه الشريحة من المجتمع، ثم بعد ذلك نجد الدستور المغربي الذي يسند هذه الفئة حيث يؤكد على الالتزام باحترام حقوق الإنسان ومساواة المواطنين أمام القانون وباقي الحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. بالإضافة إلى ذلك، فالمشرع المغربي نص ضمن تشريعات مختلفة في مجال الأحوال الشخصية والقانون الجنائي وغيرها على عدد من المقتضيات الخاصة بحماية الشخص المعاق. فمدونة الأحوال الشخصية تعرضت مثلا في المواد 131 و133 و134 إلى الإعاقة العقلية، سواء كانت باستمرار أو بصورة متقطعة، ويترتب عن هذه الوضعية فقدان المعاق أهليته لممارسة الحقوق المدنية وإجراء التصرفات القانونية. ويلاحظ أن مدونة الأحوال الشخصية تستعمل كلمة مجنون للدلالة على هذه الإعاقة. وهناك قانون الالتزامات والعقود الذي يتعرض بدوره إلى تنظيم أحكام الأهلية القانونية في هذا المجال، وكذلك فيما يخص المسؤولية المدنية عن الأفعال شبه الجرمية. أما القانون الجنائي فيتحدث عن المسؤولية الجنائية عن الأفعال الجرمية المؤدية إلى إصابة الغير بالأضرار والتسبب له في عجز أو عاهة تعوق عن الحركة والعمل، من قبيل فقدان أو بتر عضو أو استحالة استعماله، أوفقدان البصر كليا (الفصل 410 من القانون الجنائي) ويتجلى أيضا في قانون الشغل الاهتمام بالشخص المعاق، كالوقاية من مسببات الإعاقة وتوفير إمكانيات العلاج في مراكز العمل، ويتضح ذلك في مجموعة من النصوص القانونية كظهير يوليوز 1947 المتعلق بطب الشغل وظهير 15 يونيو 1927 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل المعدل بظهير 6 فبراير 1927، وكل ذلك في إطار التنصيص على التزامات رب العمل في حالة وقوع حوادث الشغل كأداء الصوائر والعناية بأجهزة استبدال أو تقويم الأعضاء التي أصيبت في الحادث والتعويض المستحق في حالة الإصابة بعجز مؤقت، والإيراد الواجب في حالة الإصابة بعجز دائم. وتمكن الإشارة في هذا الصدد إلى الفصل 25 من القانون رقم 71.011 بتاريخ 30 دجنبر 1971 المتعلق بنظام المعاشات المدنية والمعدل بقانون 21 دجنبر 1989 حيث يعتبر المصاب بعاهة الموظف أو العون العمومي الذي يستحيل عليه نهائيا ممارسة وظيفة نتيجة إصابته بعاهات من جراء جروح أو أمراض تعرض لها، أو ازدادت خطورتها خلال ممارسته الوظيفة، أو بقيامه بعمل بطولي أو تعريض حياته للخطر لإنقاذ شخص أو عدة أشخاص شريطة أن يترتب عن هذه العاهة عجز يساوي على الأقل نسبة %25 ويستحق بذلك إيرادا مؤقتا أو نهائيا عن الإمانة. ويمكن الإشارة أيضا إلى النظام الأساسي للوظيفة العمومية الصادر في 24 فبراير 1958 والذي يحدد شروط ولوج الوظيفة العمومية (شرط اللياقة) ونتائج الإصابة بأمانة أثناء الوظيفة أو بمناسبتها أو خارجها ونظام الرواتب.. النصوص الخاصة القانون المغربي يميز بين نوعين من الإعاقة، الإعاقة الجسمية والإعاقة العقلية، وهو ما يتضح من الفصل الثاني من القانون 07.92 المتعلق بالرعاية الاجتماعية للأشخاص المعاقين، والذي يعرف الإعاقة بأنها حالة عجز أو عرقلة دائمة أو عارضة أو ناتجة عن نقص أو عدم قدرة تمنع الشخص من أداء وظائفه الحياتية، لا فرق بين من ولد معاقا أو من عرضت له إعاقة بعد ذلك، فالقانون 07.92 صدر سنة 1993، وهي ذات السنة التي صدر فيها القانون رقم 10.89 الذي عدل من قانون رقم 05.81 الصادر سنة 1982 والمتعلق بالرعاية الاجتماعية للمكفوفين وضعاف البصر. وللإشارة فإن المرسوم التطبيقي القاضي بتطبيق القانون رقم 05.81 جاء >استجابة لرغبات ملحة، وبالتالي تلبية لحاجيات أساسية لتمكين هؤلاء الأشخاص من الاندماج بسهولة في الحياة العادية، حيث تضمن مقتضيات تشريعية ملموسة وهامة تهدف في مجملها إلى تمكينهم من حياة أفضل، وفتح آفاق لتنمية قدراتهم ومواهبهم..<. وينقسم هذا المرسوم إلى خمسة أبواب، كلها في غاية الأهمية يتناول الباب الأول تكوين اللجنة المركزية المحدثة لدى المندوبية السامية للأشخاص المعاقين، وكذا طرق عملها، بينما تنظم باقي الأبواب كيفية الحصول على بطاقة شخص معاق، والجهة المكلفة بتسليمها وكذا المعلومات التي يجب أن تتضمنها، إضافة إلى ذلك استهدفت مجالات أخرى كالتعليم والتكوين وإعادة التأهيل والتشغيل والنقل والولوجيات (نشرة الاتصال الصادرة عن المندوبية السامية للأشخاص المعاقين لسنة 1998). وتجدر الإشارة إلى أن هذه النصوص الخاصة في حاجة إلى ملاءمتها مع النصوص التشريعية والتنظيمية الأخرى الجاري بها العمل. وكمثال على ذلك ما قامت به وزارة التشغيل من مراجعة مجموعة من النصوص القانونية المنظمة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. ومن الهام جدا تفعيل هذه النصوص القانونية من أجل ضمان حقوق الأشخاص المعاقين وإدماجهم في المجتمع وفق مبدإ تكافؤ الفرص. الآثار القانونية للإصابة بالإعاقة يميز في هذا المجال بين الإصابة بالإعاقة العقلية والإعاقة البدنية. فبالنسبة للأولى تختلف حسب فروع القانون، وقد تكون الإعاقة ذات آثار مدنية أوجنائية. فالمجنون أو المعتوه في مدونة الأحوال الشخصية لا يمكنه إبرام بعض التصرفات القانونية كالزواج، فهو يحتاج إلى إذن من القاضي وفق شروط معينة. كما أنه إذا أصيب بالإعاقة العقلية أثناء الزواج يمكن للزوجة أن تطلب من المحكمة تطليقها منه (الفصل 54)، وحسب الفصل 98 فإن المجنون أو المعتوه يفقد حضانة أولاده. بصفة عامة فإن فاقد العقل لا يكون أهلا لمباشرة حقوقه المدنية كالصبي غير المميز أو السفيه، وبالتالي يخضع لقواعد الحجر. وبالنسبة للمساءلة الجنائية فإن المجنون، وهو المريض مرضا عقليا تنتفي عنه المسؤولية في حالة ارتكابه لأفعال مجرمة. ويختلف الأمر بالنسبة للإصابة بالإعاقة البدنية، فإنها لا تؤدي إلى المساس بالأهلية القانونية، ولكنها قد ينتج عنها آثار أخرى كعدم ولوج أسلاك الإدارة أو عدم إمكانية الشغل أو فقدانه إذا حدثت هذه الإعاقة أثناء العمل. فالفصل 21 من قانون الوظيفة العمومية يشترط اللياقة البدنية لولوج الوظيفة، كما أنه يحذف من أسلاكها حسب ظهير 30 دجنبر 1971. هذه فقط بعض الأمثلة للدلالة على الآثار المترتبة عن الإعاقة، فالموضوع يقتضي متابعة كل النصوص التشريعية وهذا ما لا يسمح به المجال. وكخلاصة فإن الشخص المعاق مازال يحتاج إلى الرعاية القانونية والاجتماعية، وتوفير فرص الشغل حتى يتم إدماجه في المجتمع بشكل طبيعي. فحاجة الشغل الآن هي أولوية ملحة يعاني منها المعاقون. عمر العمري