سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عبد الرحمن اليزيدي (الكاتب العام للنقابة الوطنية للصيد بأعالي البحار) ل"التجديد": مخطط ''اليوتيس'' يدعو إلى حماية الثروة السمكية و الوزارة تشج ع من يستنزفها
قال عبد الرحمن اليزيدي الكاتب العام للنقابة الوطنية للصيد بأعالي البحار، إن هناك فرقا شاسعا بين الخطاب الرسمي ومنه مخطط اليوتيس والواقع بخصوص تدبير مصاييد السمك من جهة، والحفاظ على الثروة السمكية من جهة ثانية، مضيفا في حوار ل''التجديد'' أن اللجوء المفرط للوزارة المعنية إلى آلية الراحة البيولوجية والتغاضي عن استنزاف الثروة بأشكال أخرى يؤدي إلى تدمير البعد الاقتصادي والبعد الاجتماعي. ومن جانب آخر، أوضح المتحدث نفسه، أن فتح أي نقاش عمومي حول التوجهات الكبرى لمخطط ''اليوتس''، يقابل بسلوك الوزارة الوصية المعتمد على الرفض. بداية نود ان تعطونا لمحة عن واقع وحالة المصايد حاليا بالمغرب وخاصة مصايد الأخطبوط والرخويات؟ حسب مخطط اليوتيس فإن 16 مخزونا من الأسماك في الشواطئ المغربية هي اليوم في حالة الاستغلال المفرط، مما دفع بوزارة الصيد إلى تمديد فترة الراحة البيولوجية الأخيرة شهرا إضافيا بالنسبة لمصايد الأخطبوط، وإقرار راحة بيولوجية لأول مرة لمصايد القمرون. إلى من تحملون مسؤولية ما وصلت إليه هذه المصايد؟ الوزارة الوصية لها وحدها صلاحيات تدبير المصايد، وإذا كانت هذه المصايد في وضعية مستنزفة، فإن هذا ما يؤكد فشلها في أداء صلاحياتها ومسؤولياتها، علما بأن المشرع والدولة وضعت تحت تصرف الوزارة كافة الأدوات القانونية والمادية لإنجاح مهامها. ما تقييمكم لاستراتيجة وزارة الصيد الفلاحة والصيد البحري بخصوص تدبير مصاييد السمك من جهة، والحفاظ على الثرة السمكية من جهة ثانية؟ يجب أن نسجل الفرق الشاسع بين الخطاب الرسمي والواقع، ففي الخطاب الرسمي ومنه مخطط ''اليوتيس''، هناك حديث عن الحرص على حماية الثروة السمكية، والواقع يفضح تشجيع الوزارة من يستنزفها، وإلا فماذا يعني أن تمدد الوزارة فترة الراحة البيولوجية بدعوى حماية المخزون المستنزف، في الوقت الذي تسمح فيه الوزارة لأكثر من 150 باخرة باستعمال شباك ذات عيون أصغر من الحجم القانوني (60 ملم بدل 70ملم) في خرق لظهير سنة 1973 بمثابة قانون الصيد، علما بأن الشباك ذات العيون الصغيرة تصطاد أكثر، وتستهدف صغار الأسماك، فأين هذا الحرص الكاذب على حماية الثروة السمكية. أما في شأن تدبير المصايد بشكل عام، فإن سياسة الوزارة لا زالت مبنية على الارتجال وإهمال البعدين الاقتصادي والاجتماعي، وهما أساسيان في مفهوم التنمية المستدامة والذي لا يتحقق بدونهما، فالوزارة مصرة على اللجوء إلى آلية فترات التوقف عن الصيد بل والإفراط فيها دون استهداف المشكل الحقيقي وهو الصيد السري وتجارة منتوجاته بواسطة وثائق إدارية. ومن جهة أخرى، نلاحظ غياب اهتمام مخطط الوزارة بواقع المصايد المستنزفة، ومنها مصايد الأخطبوط واهتمامها فقط بالمصيدة الغنية الوحيدة المتبقية، وهي مصيدة السمك السطحي الصغير في باقي شواطئ المغرب المستنزفة! ونلاحظ أن الطريقة التي تريد بها الوزارة استغلال هذه المصيدة الغنية هي طريقة لا تحقق التنمية المستدامة لا لهذه المصيدة ولا للمناطق التي توجد فيها هذه المصيدة، كما نلاحظ الإقصاء التام لقطاع الصيد التقليدي من اهتمامات مخطط اليوتيس. ما موقع النداءات التي يرفعها عدد من المنتقدين لهذه الاستراتيجية؟ ولماذا في نظركم لا تلق التجاوب المطلوب من طرف الوزارة الوصية؟ أية استراتيجيه هي نتاج فكري آدمي وهو في حالة مخطط اليوتيس مؤدى عنه. وهو لهذه الدواعي يستحق الدراسة والمناقشة والنقد العمومين، فمصير قطاع كامل من الاقتصاد الوطني مرهون بنجاحه أو فشله. لهذه الأسباب يحاول فاعلون اقتصاديون واجتماعيون وباحثون فتح نقاش عمومي حول التوجهات الكبرى لهذا المخطط من باب المواطنة أولا والمسؤولية ثانيا، إلا أن سلوك الوزارة الوصية المعتمد على رفض كل حوار والتضييق على كل من يشارك فيه، يؤكد خطورة المصير الذي يقودون إليه القطاع. هل يمكن القول إن الراحة البيولوجية ضد مصلحة المشتغلين في القطاع، وإن كان من شأنها الحفاظ على الثروة السمكية؟ الراحة البيولوجية هي آلية من بين آليات أخرى لتدبير وحماية الثروة السمكية. خطأ الوزارة الوصية هو إفراطها في اللجوء إلى استعمال فترات التوقف عن الصيد لمعالجة مشكلة استنزاف المصايد الناتج عن أخطاء الوزارة في التدبير، مثال ذلك السماح باستعمال شباك ذات عيون غير قانونية، وتصدير منتوجات الصيد السري، إن اللجوء المفرط إلى هذه الآلية والتغاضي عن تدمير الثروة بأشكال أخرى يؤدي إلى تدمير البعد الاقتصادي عبر القضاء على وحدات الصيد، كما يؤدي إلى تدمير البعد الاجتماعي عبر تشريد آلاف البحارة وحرمانهم من دخل كريم وتغطية اجتماعية وصحية، وهي أبعاد أساسية في مفهوم التنمية المستدامة. أقدمت وزارة الفلاحة والصيد البحري مؤخرا على التدخل لتحديد الحد الأقصى لثمن الكازوال في هذا القطاع. ما قراءتكم لهذا التدخل؟ ولماذا في هذه الظرفية بالذات؟ وهل يمكن أن ينعكس ذلك إيجابا على المهنيين في القطاع؟ على إثر الارتفاع الأخير لثمن المحروقات تدخلت الحكومة عبر صندوق المقاصة لفائدة الكازوال المستعمل من طرف بواخر الصيد الساحلي، وقد تكرر هذا التدخل كلما ارتفع ثمن المحروقات. وإذا كان هذا محمودا من جهة التخفيف على الصيادين، فإنه لابد من تسجيل الملاحظات التالية من باب المواطنة والمسؤولية وبدون سياسة شعبوية، والملاحظة الأولى، هي أن تدخل الحكومة يؤكد فشل الوزارة الوصية في تدبير مسألة الطاقة على ظهر بواخر الصيد عموما والساحلي خصوصا. والملاحظة الثانية، هي أن الوزارة الوصية فشلت وعجزت أمام مشكلة ثمن المحروقات لأن مخطط ''اليوتيس'' غيب تماما مسألة الطاقة على ظهر البواخر رغم ارتباطها الوثيق بمجهود الصيد والصيد الرشيد، ورغم أن المسألة الطاقية تدخل في البعد الاقتصادي وهو أحد الأبعاد الثلاثة الأساسية في مفهوم التنمية المستدامة الذي يدعو مخطط اليوتيس إلى الالتزام به، أما الملاحظة الثالثة فإن توظيف صندوق المقاصة محدود الموارد خلقته الدولة للتخفيف عن محدودي الدخل وهي المهمة التي تزايدت أهميتها بعد أحداث تونس للتدخل لفائدة نشاط اقتصادي خدمة الأجندة سياسية للوزير. فهل هذه من مهام الصندوق؟ وإلى متى سيستطيع القيام بها في وضع يتميز بالارتفاع المتزايد للمحروقات وضعف موارد الصندوق بل عجزه وتزايد حاجيات المواد الغذائية الأساسية؟ ولماذا لم يعالج مخطط اليوتيس هذه المسألة بواسطة حلول ناجعة وفعالة ودائمة، تجعل نشاط بواخر الصيد الساحلي ذو مردودية اقتصادية؟ ومن كل هذا يتضح أن التأثير الايجابي المفترض سيكون مؤقتا وعلى حساب ضعاف الدخل من المواطنين. تباينت الآراء بخصوص مخطط اليوتيس الذي أعدته الوزارة الوصية. ترى ما خلفية إعداد هذا المخطط؟ وما قراءتكم لأهم بنوده؟ وهل من شأنه الرقي بالقطاع؟ نحن دعونا الجميع وعلى رأسهم الوزير ومديرية الصيد، والطامعين رخص الصيد، والمشاركين في طلبات العروض... دعونا الجميع لندوات حوار ونقاش، وقد امتنعت الوزارات عن المشاركة لسبب بسيط لأنه ليس لديهم ما يدافعون عنه عن مخطط ذي اختيارات إستراتيجية خاطئة. المخطط يهمل المصايد المستنزفة ومنها مصايد الإخطبوط، ويكرر نفس الأخطاء في تدبير مصايد القيمرون عبر اللجوء إلى فترات التوقف عن الصيد كأداة وحيدة لتدبير هذه المصايد، كما أهمل مصايد السمك السطحي الصغير شمال بوجدور. المخطط اهتم فقط بمصيدة السمك السطحي الصغير جنوب بوجدور وتوجه إلى استغلالها الكامل بواسطة بواخر عملاقة مستأجرة، ونقل الكميات المصطادة إلى المنطقة الصناعية وسط البلاد لتصنيعها بدل تجهيز الداخلةوالعيون بوحدات تصبير السمك، مما سيحرم هذه المنطقة من التنمية المستدامة ويحرم شبابها من الاستثمار في القطاع الأول المنتج للثروة، والعمل بالمنطقة في أجواء تعرف مشاكل البطالة وارتفاع كلفة المعيشة، وهو نفس التباين بين من يجرؤ على نقد الشيء من باب المواطنة لخدمة الأجيال القادمة ومن يمدحه، خدمة لمصلحة الشخصية الآنية. ما تقييمكم لتجربة معاهد التكوين لأطر الصيد البحري، وأيضا لبرامجها ومناهجها؟ تجربة المعاهد في قطاع الصيد رائدة مكنت من تكوين الآلاف وتوفير أطر مغربية بدل الأجانب. فاليوم، البواخر المغربية بأعالي البحار هي ذات طاقم مغربي 100 في المائة في أغلب الحالات، وفي باقي الحالات 99 في المائة، وهذا يؤكد جودة برامجها ومناهجها. إلا أن خريجي هذه المعاهد يواجهون صعوبات حقيقية لإيجاد فرص عمل نظرا لتقلص عدد البواخر ولتقلص فترات العمل، أما بالنسبة للخريجات من العنصر النسوي فإن مخطط اليوتيس نسي تماما هذا العنصر، ولم يهتم بتاتا بإدماج المرأة في قطاع الصيد وفي بواخر الصيد، ومن هنا يفرض السؤال التالي نفسه: أي مصير للعنصر النسوي خريج المعاهد؟ ولماذا غيب الوزير المرأة في قطاع الصيد من مخطط ''اليوتيس''؟ وأمام تعنت الوزارة الوصية ورفضها لأي حوار حول مخططها لم يبق سوى التوجه إلى جلالة الملك، حامي الوطن، للتدخل لإعادة النظر في التوجهات الإستراتيجية، أقول التوجهات الإستراتيجية لمخطط اليوتيس حماية لمصلحة البلاد والعباد من الأجيال القادمة. **** مخطط ''أليوتيس'' يشتمل على 16 مشروعا مهيكلا ويتمحور حول ثلاث نقاط أساسية أكدت مؤشرات القانون المالي لسنة 2011 أن الإستراتيجية الجديدة المندمجة لتطوير قطاع الصيد البحري، والتي أطلق عليها إسم مخطط ''أليوتيس''، تشتمل على 16 مشروعا مهيكلا ويتمحور حول ثلاث نقاط أساسية. ومن بين أول محاور هذه الإستراتيجية، الاستدامة التي من شأنها ضمان ديمومة الموارد المستغلة من خلال الاعتماد على تهيئة مصايد الأسماك على أساس حصص من أجل تحقيق مردودية قصوى ومستدامة، وذلك بالنسبة ل 95% من مصايد الأسماك (عوض 5% حاليا). ويتعلق المحور الثاني، وفق المصدر ذاته، بأداء أكثر تميزا للقطاع عن طريق جعله أكثر جاهزية وتنظيما لتحقيق جودة قصوى على طول سلسلة الإنتاج من التفريغ إلى التسويق. ولتحقيق هذه الغاية، يرتقب إنشاء فضاءات مخصصة للصيد على مستوى الموانئ مع تدبير فعال وتتبع للمنتوج. أما بالنسبة للمحور الأخير، فيخص التنافسية التي تهدف إلى تسويق منتوج مثمن وتنافسي على مستوى الأسواق العالمية، مما يستوجب ضمان انتظام تزويد الصناعة المحلية بمادة أولية ذات جودة عالية. ومن خلال هذه الإستراتيجية، يتوخى الرفع من مساهمة القطاع في الناتج الداخلي الخام لتصل إلى 21,9 مليار دولار في أفق سنة 2020 مقابل 8,3 مليار دولار حاليا. كما يرتقب خلق 74ألف و850 منصب شغل مباشر جديد وزيادة قيمة صادرات المنتجات البحرية بنحو 2,6 أضعاف للوصول إلى 3,1 مليار دولار في أفق 2020 . كما يرتقب تحسين حصص السوق المغربية على المستوى العالمي لتنتقل من 3,3 % في سنة 2007 إلى 5,4 % في أفق سنة 2020 وقد تم في إطار هذه الإستراتيجية إعطاء الانطلاقة لمخطط صيد الأسماك السطحية والذي يعتبر من بين أهم عناصر الإستراتيجية نظرا لأهمية هذا الصنف من المصايد الذي يساهم بحوالي 80 % من الإنتاج السمكي، وكذا لتوفرها على فرص هائلة لتطوير القطاع. ويهدف هذا المخطط إلى استغلال مستدام للأسماك السطحية وتثمين أمثل لها عبر الحد من مشكل تزويد الوحدات التحويلية المتواجدة حاليا. وأكد المصدر ذاته، أنه تم تقديم طلب العروض المتعلق بمشاريع جديدة متكاملة للاستثمار في مجال مصايد الأسماك السطحية والتي من شأنها تثمين هذا الصنف من الأسماك على شكل أسماك معلبة وشبه معلبة ومخللة وكذا أطباق جاهزة موازاة مع تطوير شبكة التوزيع للمنتجات البحرية. وفي إطار بلورة إستراتيجية على المستوى الجهوي، تم مؤخرا تسويق القطب التنافسي الجهوي لأْكادير الذي من شأنه خلق ديناميكية أكبر في النسيج الصناعي والمساهمة في التنمية الاقتصادية لجهة سوس - ماسة - درعة. وقد عملت هذه الجهة على تحقيق قيمة مضافة تقدر ب 9,2 مليار درهم أي ما يعادل 6,3 % من الناتج الوطني الخام. وتعد هذه القيمة المسجلة أحسن مساهمة في القيمة المضافة للقطاع على المستوى الوطني ( 38 % ) متبوعة بالمناطق الجنوبية ( 36 %)، وفق المصدر ذاته، موضحا أن هذا القطب الحديث، الذي يستجيب للمعايير الدولية لتثمين المنتجات البحرية، سيمكن من توفير طاقة تحويلية تقدر بنحو 500 ألف طن بامتداده على مساحة 150 هكتار. كما سيمكن من خلق 20 ألف منصب شغل جديد باستثمار يقدر بحوالي 6,6 مليار درهم.