يحلم أحمد ب. بالرغم من دخله غير المنتظم والديون التي تراكمت عليه بسبب مصاريف أولاده الثلاثة باقتناء شقة تأويه وأسرته الصغيرة، آملا أن يجد ضالته في خطة الحكومة المغربية لدعم الإسكان الاجتماعي. لكن أحمد الذي فضل عدم نشر اسمه كاملا ويعمل موظفا بالقطاع الخاص يقول: السكن الاجتماعي والاقتصادي ومخططات الحكومة مجرد شعارات، والواقع شيء آخر. ويضيف عندما يريد أصحاب الأجور البسيطة اقتناء شقة يصطدمون بغول أسعار العقار يلتهمهم وممارسات لا ترحم المواطن البسيط، من بينها المضاربة ولونوار، ويقصد بلونوار أو اللون الأسود بالفرنسية عندما يعطي مقتني العقار للبائع جزءا من المبلغ المالي المتفق عليه من سعر البيع في الظل دون التصريح به في الأوراق الرسمية للتهرب من الضرائب. ويقول أحمد إن الدولة تعلن عن أسعار معينة للإسكان الاجتماعي أو الاقتصادي؛ ليفاجأ المواطن بسعر آخر بعد أن تجري المضاربة فيها. وشهدت أسعار العقارات في المغرب في السنوات الأخيرة ارتفاعا مهولا بسبب المضاربات العقارية وارتفاع الطلب ونقص المعروض. وتفيد إحصاءات رسمية أن أسعار العقارات انخفضت بنسبة2,2 في المائة في السنة الماضية، بعدما ارتفعت ب4,8 في المائة في 2007 واستقرت دون تغير في .2008 ووضع المغرب سياسة في مجال الإسكان لخفض العجز وتوفير المنازل للشرائح المتوسطة والمحدودة الدخل، وكذلك الفقيرة أو المعدمة من خلال برنامج مدن بدون صفيح؛ في إشارة إلى المساكن العشوائية الفقيرة التي تنتشر على أطراف المدن. ويقول المسؤولون المغاربة إن القطاع العقاري لم يتأثر بالأزمة العالمية بسبب عدم ارتباط الاقتصاد المغربي بالنظام المالي العالمي، عدا شريحة الإسكان الراقي الذي شهد تراجعا لتوقف الاستثمارات الأجنبية في هذا النوع في عدد من المدن السياحية مثل مراكش وفاس وطنجة. لكن الإسكان الراقي لا يسهم سوى بخمسة في المائة من الناتج الإجمالي للقطاع؛ بينما يمثل الإسكان الاجتماعي 60 في المائة. ويعزو المطورون العقاريون المغاربة من القطاع الخاص تراجع الإسكان الاجتماعي إلى انتهاء الامتيازات الضريبية الخاصة بهذا النوع من السكن مع مطلع عام ,2008 مما أدى إلى تراجعه، إذ لم توقع أي اتفاقية بين شركات التنمية العقارية والدولة. وبدأت انفراجة بالنسبة للمطورين مع التصويت على قانون ميزانية 2010 الذي تضمن إجراءات جديدة فيما يخص الإسكان الاجتماعي، منها تعديل القيمة الشاملة للمنزل دون حساب الضرائب بالنسبة للمساكن التي مساحتها بين 50 و100 متر مربع، وخفض سقف الإنتاج إلى 500 وحدة من 1500 وحدة، وذلك إلى عام 2020 لمنح القطاع رؤية بعيدة المدى. ويقول يوسف بنمنصور رئيس الفدرالية الوطنية للمنعشين (المطورين) العقاريين: الإجراءات التي جاء بها قانون المالية لعام 2010 جاءت بعد حوار وتفاوض مسترسل مع الأوساط الحكومية، وهي إجراءات تشجع وتعطي إنطلاقة جديدة لصنف السكن الاجتماعي". وأضاف في مقابلة مع رويترز: "السكن الاجتماعي يشكل 60 في المئة من القطاع، مما يجعلني أقر بأن تطور أو انطلاقة السكن الاجتماعي سيعطي للقطاع في العشر سنوات المقبلة دفعة قوية وحيوي". لكن تفاؤل المطورين العقاريين لا يجد صداه عند عامة المواطنين مثل طه المحمودي (39 عاما)، وهو موظف متوسط الدخل في القطاع العام لم يتمكن من إقتناء منزل يأويه وأسرته الصغيرة المكونة من زوجة وطفلة، وبما يلائم دخله المتوسط. ويقول لا أدري كيف تصنف الدولة أمثالي من الطبقة الوسطى مع أنني لا أستطيع اقتناء منزل مخصص للطبقة المتواضعة إلا بالتقسيط المريح، وأضاف صحيح لا أستطيع اقتناء منزل مخصص لمحدودي الدخل إلا بالتقسيط المريح لأنني لو اشتغلت عشرين سنة أخرى لن أتمكن من توفير ماله دفعة واحدة بسبب غلاء المعيشة والتضخم.