خيم التجاهل والصمت الرسمي على الذكرى المائوية الرابعة لطرد الموريسكيين من إسبانيا التي حلت شهر أبريل الجاري، فباستثناء مقالات نشرها بعض الكتاب والمؤرخين المهتمين بتاريخ الحضارة الأندلسية، ما تزال إسبانيا تنظر بحذر وحيطة إلى ماضيها وترفض الاعتراف بمأساة ملايين المسلمين الذين عانوا جراء محاكم التفتيش، انتهت بتوقيع الملك الإسباني فيليبي الثالث في 6 أبريل 1609 مرسوما لطرد 4,3 في المائة من سكان إسبانيا بما مجموعه سبعة ملايين نسمة من المسلمين، بحسب تصريح مانويل بينيا دياز أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة قرطبة، ومدير مجلة الأندلس في التاريخ المعاصر في مركز الدراسات الأندلسية لصحيفة إلباييس. هذا الصمت انتقده الكاتب خوان غويتصلو الذي يعيش في مراكش في مقال نشره في ذات الجريدة، حيث أشار إلى أن إسبانيا الرسمية والأكاديمية تتجنب تناول المائوية الرابعة، وتلتزم الحذر والصمت إزاء هذه الأحداث لأنها جزء من تاريخنا المشؤوم: ففي 1609 تم طرد الآلاف من المواطنين المسلمين. وشدد على أن طرد الموريسكيين في عهد فيليبي الثالث هو واحدة من الحلقات المحرجة للشعور وطني. وقال غويتصلو في مقاله المعنون بـالموريسكيون.. القصة غير المريحة إن الأحداث التي شهدتها السنوات من 1609 إلى 1614 شكلت سابقة على مستوى التطهير العرقي في أوربا، وحتى تظهر الملكية الإسبانية بأنها بطل العالم المسيحي في أوربا، بحسب ما كتبه برنارد فانسنت واحد من أكبر المتخصصين في هذا الموضوع، ومؤلف عدة كتب عن هذا النزوح الجماعي. وكان حلول الذكرى المائوية موضوع اهتمام عدد كبير من الصحف والمجلات الإسبانية، وأسالت مداد باحثين في التاريخ الإسباني ومؤرخين، هذا النشاط والاهتمام الإعلامي وتحليلات المتخصصين والباحثين، يقابله تجاهل رسمي يطرح علامات استفهام حول الصمت والتجاهل الرسمي إزاء هذا الملف، بالرغم من أن إسبانيا الحديثة قطعت أشواطا مهمة في إطار تصالحها مع ماضيها وتاريخها. وبالرغم من أن إسبانيا اعترفت بخطئها التاريخي الذي ارتكبته تجاه اليهود عندما طردتهم إبان نفس المرحلة التاريخية، وقدم الملك خوان كارلوس اعتذاره لإسرائيل مرتين، إلا أن إسبانيا الرسمية لم تنهج نفس المسار إزاء مأساة سبعة ملايين مسلم شردوا في قارات العالم. هذا وفي سياق تسليط الأضواء على هذا الحدث الذي كان مصيره النسيان والتجاهل طيلة قرون، يعتزم التلفزيون الإسباني إنتاج سلسلة تلفزيونية حول هذه المأساة عنوانها طرد 1609 مأساة الموريسكيين، وهو إنتاج مشترك بين عدة جهات هي قناة شض والقناة الثالثة وقناة أراغون وقناة التاريخ ومؤسسة البيت العربي. كما تستضيف غرناطة من 13 الى 16 ماي المقبل أزيد من 80 باحثا من 12 دولة يشاركون في أشغال المؤتمر الدولي موضوعه الموريسكيون: تاريخ أقلية تنظمه مؤسسة التراث الأندلسي، وذلك بعد أن تعالت أصوات هيئات وجمعيات مدنية تطالب مجلس النواب الإسباني بتقديم الاعتذار لأحفاد الموريسكيين المطرودين من إسبانيا كما تم القيام بذلك سنوات من قبل تجاه اليهود.