أكد مصطفى الخلفي، مدير جريدة التجديد، أن العلاقة بين الصحفي والأمني هي علاقة استقلالية كاملة، قد يكون بينهما تعاون، لكن لا يمكن أن يكون هناك استعداء، وعلّق الخلفي على مسألة بيع المعلومة من الأمني للصحافي على أنها قد تؤدي إلى تزكية واقع الفساد في القطاع الأمني، من جهة أخرى قال المتحدث في ندوة حول إصلاح القطاع الأمني في العالم العربي، إن تطور تقديم المعلومة من لدن الأجهزة الأمنية وتقوية التواصل مع المجتمع لا تؤدي بالضرورة إلى بناء معرفة علمية حول السياسة الأمنية المنتهجة. وأكد الخلفي أن المعلومات المقدمة من الأجهزة الأمنية لوسائل الإعلام تكاد تنحصر في أربعة ملفات هي: الارهاب، والمخدرات، والتوترات الاجتماعية (صفرو)، والتوترات التي تقع في الصحراء، وأبرز أنه من خلال المعطيات التي قدمت بشأن هذه الملفات، وكذا محاضر الشرطة، إضافة إلى التقرير الذي قدّم في مؤتمر الإرهاب بالرياض في سنة 2005، وكذا ما ينشر في مجلة الشرطة، كل ذلك، يقول الخلفي، يسعف في تكوين معرفة علمية حول السياسة الأمنية. وهي سياسة يقول الخلفي تدور حول خمس إشكاليات: الأولى ترتبط بالمؤسسة الأمنية نفسها وأصنافها، وكيف تتصور التحديات الأمنية القائمة، داخليا أو خارجيا، وسجّل المتحدث غياب استراتيجية أمنية لهذه المؤسسات، بالرغم من وجود سياسات قطاعية. أما الثاني فيتعلق بالمعرفي والأمني، مبرزا أن المتأمل للخطاب الأمني حول ملف الإرهاب يجد أن هناك ضعفا في القدرات التحليلية لدى المسؤولين الأمنيين، بل ومعرفة سطحية حول هذا الملف، مبرزا أنه عند فحص الخطاب الذي يقدم في مناسبات مختلفة، لا نجد أنفسنا إزاء خطاب أمني متماسك وقوي إزاء ظاهرة الارهاب مثلا. أما الملف الثالث فيرتبط بالإشكالية المؤسساتية؛ مسجلا على هذا المستوى غياب إطار قانوني ينسق بين المؤسسات الأمنية، كما سجل أنه خلال 10 سنوات بتحديات صعبة؛ ثمة تغيرات كثيرة داخل هذه المؤسسات، مما يطرح مشكل الفعالية في العلاقة بينها. فيما يرتبط الاشكال الرابع بعلاقة الأمني والسياسي، حيث أكد أن المؤسسة الأمنية بطبيعتها يجب أن تكون خارج الحسابات السياسية، لكن يقول الخلفي ثمة استعمال وتوظيف أحيانا لهذه المؤسسة في تصفية حسابات سياسية، كما يقع مع ملف المعتقلين الستة في ملف بلعيرج. ثم هناك إشكالية خامسة ترتبط بعلاقة الأمني بالمجتمع، وقال الخلفي إن ما كشف عنه ملف سيدي إيفني طرح إشكال كبير على المؤسسة الأمنية ويتعلق الأمر بمصداقيتها لدى المجتمع، وأكد أن المؤسسة الأمنية في المغرب تعاني من ضعف المصداقية لدى المجتمع. من جهته، قال توفيق بوعشرين، مدير جريدة أخبار اليوم، أن ثمة علاقة جدلية بين السياسي والأمني، مبرزا أنه كلما تقلصت المقاربة الأمنية تكون لحساب المقاربة السياسية والعكس صحيح، وأكد بوعشرين أنه بالرغم من أن الحكم في المغرب لم عسكريا، فإن القرار السياسي والأمني كان بيد الملك الحسن الثاني، وأكد أنه بالرغم من العنف والتجاوزات التي حصلت خلال حكمه في ظل التنازع على السلطة والشرعية، فإن حبل السياسة ظل موصول. وأبرز بوعشرين متغيرات طالت المؤسسة والخطاب والسياسة الأمنية خلال السنوات العشر الماضية، منها أن الثقافة العامة لدى المجتمع انتقلت من التركيز على تجريم أجهزة الأمن إلى المطالبة بإصلاحها، خاصة بعد مرحلة التوافق، وتأسيس هيئة الانصاف والمصالحة. أما المتغير الثاني فيرتبط بتضمين أجهزة الأمن لمرجعية حقوق الانسان في خطابها، الذي كان ازدراء لها في الماضي، وبدل الاعتقال والتعنيف حين يقع الصحافي في خطأ كما كان في الماضي، بات اليومن اللجوء إلى التوضيح عبر بيان أو غيره سلوكا ملاحظا، بحيث أصبحت الأجهزة الأمنية تحمي صورتها لدى الرأي العام. أما الثالث فهو أن الخروقات التي ترتكبها لم تعد سياسة منتهجة بقدر ما أصبح يتم تحميل مسؤوليته للذي ارتكبها، ويعاقب لكن بجزاء دون مستوى الجرم المرتكب. أما المتغير الرابع فهو المساءلة التي بات يوجهها الوزراء والبرلمانيين لوزير الداخلية بصفته مسؤول على تلك الأجهزة، مشيرا إلى تقرير لجنة تقصي الحقائق البرلمانية التي سجّل تجاوزات واختلالات.وكان مدير مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية، عبد الله ساعف، قد أبرز أن موضوع إصلاح القطاعات الأمنية، بالمفهوم المتداول عالميا، يعد أحد المواضيع الأكثر راهنية في المغرب وفي باقي الدول العربية، وأوضح ساعف أن المغرب وبحثا عن الفعالية وضمان الأمن، قام بعدة إصلاحات، غير أنها بقيت قاصرة، بالنظر إلى أن المفهوم بات أوسع مما هو متداول، ويأخذ في الاعتبار عوامل عدة اقتصادية واجتماعية وثقافية. هذا، وأبرز ممثل المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج مصطفى حلمي أن المؤسسة السجنية بالمغرب شهدت تحولا إيجابيا في اتجاه تخليق الفضاء السجني وتعزيز حقوق الإنسان، وأكد أن مقاربة المندوبية في مجال إعمال الأمن داخل السجون تتمثل في اعتماد مقاربة وقائية للتحكم في سلوكيات السجناء: تصنيف وتوزيع السجناء، ونظام العزلة، واعتماد تجهيزات متطورة في مجال المراقبة والتفتيش، وكذا اعتماد مقاربة تروم التدخل الفعال والملائم حسب خطورة سلوكات السجناء. وتحدث ممثل الإدارة العامة للأمن الوطني أحمد آيت الطالب من جهته عن ما أسماه بـالتطور النوعي والكيفي الذي شهدته مسألة التعاطي مع الشأن الأمني، وفق منظور المفهوم الجديد للسلطة، الذي يؤسس لتحول من مجرد عمل أمني للأجهزة والقوات العمومية للتدخل، إلى مصالح تقدم خدمات وتعكس في عملها وإجراءاتها طموحات وانتظارات المواطن.