من ارتد عن دين الأسلام واعتنق دين النصرانية عن قناعة واختيار غير مكره فهو خارج عن الملة، كما قال الله : وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ، كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ، أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ ، إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ـ سورة آل عمران ايات 85 - 89 وقد نزلت هذه الآيات في جماعة ارتدوا عن الإسلام وكانوا اثني عشر رجلاً وخرجوا من المدينة وأتوا مكة كفاراً ، وكان منهم الحارث بن سويد الأنصاري . الذي تاب ورجع إلى الإسلام بعد ذلك. ومع ذلك فينبغي معاملة هؤلاء الشباب المغرر بهم بالحسنى ودعوتهم بالتي هي أحسن في ظل أزمنة الفتنة هذه، التي انفتحت فيها أبواب الشرور على شباب المسلمين على مصراعيها، ويبقى باب التوبة مفتوحا أمامهم ليرجعوا إلى ظلال الإسلام الوارفة، فإن الله يقبل توبة التائبين . ما حكم من تظاهر بالتنصر للحصول على المال؟ من يدعي انه تنصر بالدين المسيحي، ليس بقلبه ومن خلال عقيدته، وإنما يقول السائل إنني ادعيت تنصري من أجل الحصول على مساعدات مالية مع إمكانية تسوية أوضاعي بالخارج، هل يؤثر ذلك في عقيدتي أم لا مع العلم أني أدين في نفسي بالاسلام. اما من تظاهر بتغيير دينه وادعى أنه نصراني وهو مسلم في الباطن، فهذا لا يحكم بكفره ، لكن ينبغي أن يعلم أنه قد أتى أمرا عظيما بهذا التظاهر بالكفر طمعا في حطام الحياة الدنيا، لا سيما وهو غير مكره على ذلك، ولما في ذلك من التوسل إلى طلب الرزق بمعصية الله، ويخشى عليه أن يدخل مع الذين اتخذوا دينهم هزؤا ولعبا، بما قد يلجأ إليه لنيل عطايا القوم من أفعال ظاهرها الكفر، كلبس الصليب ونحو ذلك، فيقع فيما وصف الله به المنافقين المستهزئين بدين الإسلام . حيث قال سبحانه، : وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ، لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ يُعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ تُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ سورة التوبة .6665 و قد قيل في سبب نزولها أن جَدَّ بنَ قيس، و وديعة بن خذام ، والجُهَير بن خُمَير ، كانوا يسيرون بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم مرجعه من تبوك ، فجعل رجلان منهم يستهزآن برسول الله صلى الله عليه وسلم والثالث يضحك مما يقولان ولا يتكلم بشيء ، فنزل جبريل فأخبره بما يستهزؤون به ويضحكون؛ فقال لعمار بن ياسر : اذهب فسلهم عما كانوا يضحكون منه ، وقل لهم : أحرقكم الله فلما سألهم ، وقال : أحرقكم الله؛ علموا أنه قد نزل فيهم قرآن ، فأقبلوا يعتذرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . وعليه ينصح هذا الشاب بالتوبة والتراجع عن هذا العمل، لما فيه من التحايل أولا على أكل أموال الناس بمعصية أخرى، ولما يخشى عليه من التمادي والانزلاق إلى معمعة الكفر والعياذ بالله . أستاذ الحديث والفكر الإسلامي