يعيش إقليم ابن سليمان حاليا أياما ساخنة، بالإضافة إلى حرارة الشمس، على إثر الحملة الانتخابية التي تخوضها مجموعة من الأحزاب السياسية للمشاركة في الانتخابات الجزئية البرلمانية المعادة في هذا الإقليم. ويكاد إقليم ابن سليمان يحطم رقما قياسيا في عدد الاستحقاقات الملغاة به، فللمرة الثالثة تعاد الانتخابات به، بسبب التزوير والخروقات القانونية وشيوع المال الحرام التي تشوب عملية الاقتراع. وستكون الهيئة الناخبة على موعد يوم الثلاثاء القادم، السادس من شهر يوليوز، لاختيار المرشحين الفائزين في هذه الاستحقاقات، كما أن حزب العدالة والتنمية يخوض لأول مرة وبشكل موسع هذه التجربة بإقليم ابن سليمان، وقد أجرت "التجديد" حوارا مع محمد القادري، وكيل لائحة الحزب، لتسليط الضوء على برنامج حزبه، والشعبية التي بدأ يكتسبها حزب العدالة والتنمية بهذا الإقليم، بعد سنوات قليلة من عمله السياسي، وفي ما يلي نص الحوار: يشارك حزبكم لأول مرة في الانتخابات البرلمانية بإقليم ابن سليمان، فما هي التقديرات التي دفعتكم للدخول في هذه التجربة؟ بسم الله الرحمان الرحيم، بداية نشكر جريدة التجديد الغراء على إتاحتها لنا هذه الفرصة للتواصل داخليا مع كل أعضاء الحزب، وخارجيا مع ساكنة الاقليم وقراء التجديد. ولتوضيح بعض القضايا المرتبطة بهذه الانتخابات التشريعية الجزئية بدائرة ابن سليمان، وارتباطا بسؤالكم الأول، نود أن نشير إلى أننا شاركنا في الانتخابات التشريعية الجزئية السابقة لسنة ,1997 وشاركنا في دعم اللائحة الوطنية للحزب في الانتخابات التشريعية السابقة، وإن لم نشارك بمرشح امتثالا لقرار الأمانة العامة للحزب القاضي بتقليص المشاركة على المستوى الوطني. أما عن الدوافع التي دفعتنا للمشاركة، فتتمثل في عاملين أساسيين، الأول مبدئي على اعتبار أن المشاركة هي الأصل، والثاني موضوعي يتمثل في قوة الحزب بالإقليم، وشعبيته لدى الناس، والتي توضحت من خلال نتائج الانتخابات الجماعية لسنة ,2003 والتي حصلنا فيها على المرتبة الأولى. هل استطاع حزب العدالة والتنمية أن يتواصل مع سكان الإقليم، خاصة وأنه عرف بعض التضييقات خلال الاستحقاقات الجماعية؟ من الأهداف الأساسية التي سطرها حزب العدالة والتنمية بإقليم ابن سليمان هو التواصل المستمر مع ساكنة الاقليم، ومع كل الفاعلين السياسيين والجمعويين... الشيء الذي انعكس إيجابا على توسع نشاطات الحزب بالإقليم، حيث عمد الحزب إلى فتح ثلاث مكاتب للتواصل مع السكان بابن سليمان، بوزنيقة، وبني يخلف، هذه المكاتب لا تشتغل أثناء الانتخابات فقط إنما هي مفتوحة في وجه العموم. وكان من نتائج ذلك أن حصل الحزب على المرتبة الأولى في الانتخابات الجماعية السابقة بمدينة ابن سليمان ب 5 مقاعد، إلا أن المضايقات التي تلقاها الحزب حالت دون تشكيلهم للمكتب المسير، وجعلت دوره ينحصر في المعارضة البناءة والناصحة، والتي أثمرت حل مجموعة من النزاعات والقضايا. تعتمد الانتخابات بالإقليم على ثلاث معايير الدم والقبلية والمال، فما هو الجديد في خطابكم إلى الهيئة الناخبة؟ يضم إقليم ابن سليمان 17 جماعة قروية وجماعتين حضريتين فقط، وهذا يبرز شساعة الإقليم وقرويته، وهذا أمر يؤثر على الانتخابات بشكل كبير، حيث شيوع مفاهيم تقليدية متحكمة في العملية الانتخابية، وأسبقية اسم الشخص على اسم الحزب وبرنامجه، غير أننا في حزب العدالة والتنمية لا ننساق وراء هذا الاختيار، إيمانا منا بضرورة تخليق الحياة السياسية، والتي تبدأ بالديمقراطية الداخلية، حيث أن وكيل اللائحة اختير بطريقة ديمقراطية وشفافة، شارك كل أعضاء الحزب في اختياره، وهذا ما يجعلنا مطمئنين إذا فزنا بمقعد في البرلمان، أن عملنا سيكون عمل مؤسساتيا لا عمل شخص واحد فقط، فالمتحكم إذن في اختيارنا هو قناعة أعضاء الحزب بمرشحهم، وقدرته على تمثيل المنطقة والحزب على أحسن وجه، غير أن شيوع المال الحرام وتأثير مفاهيم العار، والحلف على القرآن، والزرود... سوف تؤثر لا محالة على نزاهة الانتخابات. ومع ذلك، فإن تجاوب الناس معنا كبير ولله الحمد، بفضل إشعاع الحزب على المستوى الوطني، وأداء نوابه في البرلمان، وبفضل خطابنا الجديد الخالي من الوعود المعسولة، والضمانات الزائفة، الخارجة عن حدود العمل البرلماني، ثم بفضل ثقتهم في نوعية الأشخاص المقدمة لهم في لائحة المصباح. يغلب على إقليم ابن سليمان الطابع البدوي، فما هي استراتيجية الحزب في تكسير هذا الحاجز، علما بأن السلطة تمانع في توغل الحزب داخل البوادي؟ أظن أن الحاجة ماسة إلى حزب العدالة والتنمية في القرى كما في المدن، ما دام أن مناضليه يحملون هم الدفاع عن مصالح الناس وفق معتقداتهم وتقاليدهم وثوابت البلاد، ولا أعتقد أن السلطة تمانع في أن يصل حزب العدالة والتنمية إلى البوادي، وليس من حقها ذلك، خاصة بعد الرسالة المولوية التي بعث بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى الأمين العام لحزب العدالة والتمية الدكتور سعد الدين العثماني، على إثر انتخابه أمينا عاما للحزب، وإذا بقيت هناك بعض الحالات الشاذة من رجال السلطة، فذلك راجع إلى مواقف شخصية لا غير، وعموما، فإن هذه الانتخابات فرصة مناسبة لربط الصلة أكثر بالبوادي الممتدة عبر الاقليم، ونحن سعداء لما لمسناه من تجاوب كبير من سكان البادية مع مشروع الحزب، ووضع ثقتهم فيه أثناء الحملة، وسيكون لذلك أثر كبير على عمل الحزب بعد الانتخابات. بصفة عامة ماهي الخطوط العريضة لبرنامجكم الانتخابي؟ نحن داخل حزب العدالة والتنمية ملتزمين ببرنامج الحزب على المستوى الوطني الساعي إلى الإصلاح من خلال منظومتنا الحضارية، وذلك بخلق نهضة شاملة وتحقيق العدالة والكرامة، وتدعيم الحقوق والحريات والعمل على تشجيع الاستثمار، وإصلاح الإدارة والقضاء، وإصلاح نظام المرتبات،... فوجودنا في البرلمان هو دعم لهذا المشروع الطموح دون إغفال الخصوصيات المحلية لإقليم ابن سليمان، وذلك بالعمل على فك العزلة عن الإقليم، بتشجيع الاستثمارات، مع الاهتمام بالعالم القروي، والدفاع عن حقوق المواطنين الثابتة ومصالحهم المشروعة في البرلمان وأمام الادارات المختصة والسلطات الوصية، والتواصل الدائم مع مواطني الدائرة الانتخابية للنظر في مطالبهم في إطار اختصاصات النائب البرلماني. تعاد الانتخابات بإقليم ابن سليمان للمرة الثالثة، هل ستكون المنافسة حادة بهذه الدائرة ؟ هذه هي المرة الثالثة التي تعاد فيها الانتخابات بالإقليم، على فترات متتالية، وهذا يدعونا إلى التساؤل عن الضمانات الكفيلة بأن تمر هذه الانتخابات في جو نزيه، وإن كنا ننتظر من السلطات الوصية مركزيا أن تشرف بشكل مباشر على الانتخابات بالإقليم، والضرب بيد من حديد على الذين يتخذون الزرود والمال الحرام مطية سهلة للدخول إلى البرلمان، والبحث عن امتيازات شخصية لا علاقة لها بالمناضل المسؤول، الذي يضحي بوقته وماله خدمة للصالح العام. وإن كان التنبؤ بنتائج الانتخابات صعب للغاية نتيجة كثرة المرشحين، فإن أصحاب المال الحرام سيكونون المنهزمين الأوائل في هذه الانتخابات. هل هناك حظوظ لفوز حزب العدالة والتنمية بمقعد أو أكثر في دائرة ابن سليمان؟ لقد لاقينا تجاوبا كبيرا من طرف الناخبين والناخبات بكل فئاتهم العمرية، وهذا استمرار للنتائج الطيبة التي حصلنا عليها في الانتخابات الجماعية السابقة، ونحن متفائلون وسنسعى للحصول على مقعد على الأقل، غير أننا نخشى أكثر من المال الحرام، الذي يروجه بعض منتسبي أحزاب لنضال والشرعية التاريخية على مرأى ومسمع من الناس، وإن كان ذلك لن يفت من عضدنا، بل على العكس سيكون دفعة لنا نحو الأمام، وحسرة عليهم يوم الاقتراع إن شاء الله. بماذا تعدون المواطنين في حالة فوزكم؟ سوف نسعى إلى التواصل المستمر مع السكان من خلال مقرات حزبنا بالإقليم بالسهر على مصالحهم في حدود اختصاصات النائب البرلماني، وتنشيط الحياة الثقافية والتكافل الاجتماعي، وتمثيل المواطن أحسن تمثيل في قبة البرلمان مع الحضور الدائم والمستمر في البرلمان، وإن كنا لا نعتبر ما ذكرته سالفا وعودا بقدر ما هي واجبات ملقاة على كاهل البرلماني كيفما كان نوعه، ولكن نظرا لقلة الملتزمين بواجباتهم البرلمانية بات التأكيد عليها آكد وأوجب. كلمة أخيرة .. أخير أقول لمتعاطفي الحزب ولساكنة الاقليم بابن سليمان أن مساندتهم لمرشحي العدالة والتنمية، هو دعم لمسلسل الإصلاح الذي انخرط فيه حزب العدالة والتنمية على المستوى الوطني وهو دعم أيضا لمشروع الحزب الذي يعتمد الأصالة منطلقا والعدالة منهجا والتنمية هدفا، وهو أيضا خطوة إلى الأمام من أجل فك العزلة عن الإقليم، فبتصويتكم على لائحة المصباح تكونون قد وضعتم الثقة في غد أجمل ومستقبل أفضل. أجرى الحوار: سعيد الحري