من المقرر أن يلتقي الوزير الأول إدريس جطو مع النقابات الصحية يوم غد الخميس لتدارس الإجراءات العملية اللازمة لتطبيق مدونة التغطية الصحية في بداية سنة ,2005 كما وعدت بذلك الحكومة. وقالت مصادر نقابية لالتجديد إن «اللقاء سيكون فرصة لتبدي النقابات الصحية آراءها في اقتراحات الحكومة، وتبدي الحكومة بدورها رأيها في اقتراحاتنا، بعد أن كانت هناك لقاءات سابقة تلقى فيها كل طرف اقتراحات الآخر، وأخذنا مهلة لدراستها وإبداء الرأي حولها. وتضم الاقتراحات المذكورة، حسب المصادر ذاتها، ما تقدم به الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وكذا الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الجماعي. وتؤكد مصادرنا أن التغطية الصحية، بالنظر إلى الاقتراحات الحكومية، ستنطلق ناقصة وهزيلة، خصوصا في القطاع الخاص، لأن سلة الخدمات التي تقدم بها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ضعيفة جدا، ولا تغطي إلا نسبة ضئيلة من العاملين في هذا القطاع، حيث اقترح الصندوق، في موضوع الأمراض المكلفة وطويلة الأمد مثلا، أن يغطي 16 منها فقط، وهي نسبة قليلة جدا حتى بالمقارنة مع النسبة التي اقترحها الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (40 مرضا). وبالإضافة إلى التقليص من عدد الأمراض التي ستتم تغطيتها، هناك أيضا نقص كبير في نسبة العاملين المقترح أن يستفيدوا من التغطية الصحية، ويبدو ذلك أكثر خطورة في القطاع الخاص، حيث لا يتعدى عدد الذين سيستفيدون 60 بالمائة، وهي نسبة الذين يتقاضون الحد الأدنى من الأجور على الأقل، وهو ما يعني حرمان الغالبية العظمى من شغيلة القطاع الخاص من حق التغطية الصحية، في حين أنها الفئة التي تحتاج في الواقع إلى هذه التغطية، بسبب هزالة مدخولها المادي، كما استبعدت الحكومة في اقتراحاتها تطبيق نظام المساعدة الطبية في الظروف الحالية، وهو ما سيزيد الأمر تعقيدا، تقول مصادر صحية. واقترحت الحكومة سيناريوهين لتمويل التغطية الصحية الإجبارية في القطاع الخاص، يرتكز أحدهما على المستوى الحالي للتغطية، في حين يقوم الثاني على فرضية الزيادة وتحيين التعرفة الجزافية. وخلصت دراسة اكتوارية حينتها الوزارة إلى العمل ابتداء من سنة 2005 على تحديد نسبة اشتراك تساوي 9,4 بالمائة في حالة اعتماد السيناريو الذي يقوم على المستوى الحالي للتغطية، ونسبة أخرى تساوي 6,5 بالمائة في حالة اعتماد السيناريو الثاني. وربطت اقتراحات الحكومة استمرارية نظام التغطية الصحية والحفاظ على توازنه المالي في السنوات القادمة بمدى قدرته على مواجهة عدة تحديات، منها ظاهرة الشيخوخة التي تعني تناقص الفئة النشيطة وازدياد عدد المتقاعدين، ومن ثم تراجع مداخيل الانخراط في منظمات الاحتياط الاجتماعي، وهو ما سيجعل التغطية الصحية تفقد موردا من موارد تمويلها، ومن التحديات أيضا، تزايد العبء المالي للأمراض المزمنة والمكلفة. محمد أعماري