الانضمام إلى النقابات ليس حراما ولا يُلزِم المنخرط بتصرفات النقابة المخالفة للشرع يقول فضيلة الدكتور محمد عز الدين توفيق: النقابة هي هيئة مثلها مثل الهيئات المختلفة في البلاد، تؤسس وفق القانون المنظم لتأسيس الجمعيات والهيئات والأحزاب، لكنها تتخصص في مجال معين، وهو الدفاع عن حقوق العمال والمستأجرين والمستخدمين... وهذا مقبول في الإسلام... ولا بأس أن توجد نقابات ينخرط فيها المستخدمون والموظفون والعمال، وتدافع عنهم وتتكلم باسمهم، وتتصل نيابة عنهم بالحكومة وبأرباب العمل لاستخلاص الحقوق، والاتفاق على قوانين. وهذا من الناحية الشرعية مقبول، لاشيء فيه. لكن ممارسات هذه النقابات إذا كان فيها ما يخالف الديني عند ذلك ترفض تلك المخالفات، وأما الأصل وهو وجود نقابات تعبر عن حقوق المنخرطين فيها، فهذا من حيث الأصل مشروع في دين الإسلام، والمفروض والمطلوب أن تكون هذه النقابات جميعا مسلمة تسود فيها أخلاق الإسلام وتعاليم الدين. فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: >خير الناس أنفعهم للناس< ويقول: >والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه<، والحديث في أوله: >من نفس عن مؤمن كربة في الدنيا نفس عنه الله كربة من كرب يوم القيامة< ومن يسر على معسر يسر الله عنه في الدنيا والآخرة...< وهذه النقابات رغم قصر عمرها، فالمبررات والأسباب التي أدت إلى ظهورها في المجتمع معقولة... والإسلام يساند هذا، فقد حرم استغلال الأجير، وهذا مبدأ عام في دين الإسلام، إذ استغلال الأجير حرام، وفقهاؤنا يتكلمون عن أجرة المثل، فعندما يقع النزاع بين المشَغِل والمشَغَل يحكم القاضي بأجرة المثل، وفكرة أجرة المثل غايتها ألا يظلم العامل ويأخذ حقه. وإذا ما اتخذت هذه المسألة شكلا قانونيا، وهو ما يسمى بقانون الشغل، تتفق عليه الجهات المسؤولة مع النقابات التي تمثل العمال، فهي تنظيم لمسألة مبدئية يقرها دين الإسلام، فأن توضع مسطرة تمنع استغلال الأجير، هذا أمر مقبول، وأيضا فكرة الحد الأدنى للأجور والتعويض عن العطلة السنوية، وعن المرض، وعن التقاعد. نعم الإسلام لا يقول بأن عدد ساعات العمل ينبغي أن يكون كذا وكذا، وأن الحد الأدنى للأجور هو كذا، لأن هذه التفاصيل تتغير بتغير الأزمان والبلدان، لكن المبدأ الذي قرره الإسلام هو عدم استغلال الأجير. حرم الإسلام الغش، والاحتكار، والربا والربح الفاحش، كل ذلك منعا من الاستغلال. واستغلال العامل إما أن يكون بتشغيله ساعات فوق طاقته، أو بعدم إيفائه أجره. ولهذا فعمل النقابات لا يختلف مع تعاليم الإسلام... والانضمام إلى النقابات يكون لهدفين، الأول هو استفادة المنخرط من الخدمات التي تقدمها النقابة، وهذا يجوز، من حيث المبدإ، لكن إذا كانت هناك بعض الخدمات المخالفة للدين، فله رفضها، مثل أن تتفق الشركة والنقابة على التأمين على الحياة، ويعلم أن البنك داخل في هذا التأمين بعملية ربوية، فعليه أن يرفض هذا التأمين... والهدف الثاني هو أن يكون المنخرط في الهيئات المسيرة، أي أن يكون عضوا في المكتب المحلي، أو الجهوي، أو الإدارة الوطنية، أو المكتب الوطني، وهذا مشروع في الإسلامف وهكذا فالانضمام إلى النقابات ليس حراما، والانخراط فيها جائز، ولا يلزم المنخرط بالتصرفات النقابة المخالفة للشرع.