يوم 25 من الشهر الجاري يوم لن يجد فيه تلاميذ المؤسسات التعليمية في المغرب مدرسين يلقنونهم دروسا، كما لن يجد المرضى من يخفف عنهم معاناتهم ويحد من آلامهم بكل المؤسسات الصحية، بعدما قررت خمس نقابات عاملة بقطاع الصحة خوض إضراب وطني ثان في اليوم نفسه الذي أعلنته أربع نقابات عاملة في قطاع التعليم يوم إضراب، وهو أيضا الإضراب الثاني في هذا الشهر. لن يفهم المواطنون من هذه الحركات الاحتجاجية سوى أن الدولة أصبحت غير قادرة على الجلوس إلى مائدة المفاوضات من أجل حل مشاكل موظفيها الذين يقولون إنهم يطالبون بحقوق مشروعة، بل إن النقابات حملت الحكومة مسؤولية كل ما سيترتب عن اضطراب العمل بالقطاع من إضرار بصحة المواطنين وتعطيل للدراسة والتحصيل، مستغربة التجاهل التام للحكومة وغياب أي رد فعل منها. وإذا كان إضراب التعليم أعلن من أجل إقرار مطالب عادلة تنصف رجال ونساء التعليم وتضخ في جيوبهم قليلا مما يستحقون من خلال الترقية المشروعة أو التعويضات عن الساعات التطوعية أو إلغائها والحد من معاناة المضربين والمضربات عن الطعام الذين جاؤوا إلى العاصمة الرباط من أجل الدفاع عن لم شمل عائلاتهم والالتحاق بأزواجهم، فإن بيانا صادرا عن نقابات الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والفيدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد المغربي للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب أشار إلى أن الإضراب يومي الثلاثاء 25 والأربعاء 26 أكتوبر 2005 سيشمل كل المؤسسات الصحية الوقائية والاستشفائية والإدارية الخارجية والمركزية في كل التراب الوطني باستثناء أقسام المستعجلات والإنعاش والعناية المركزة والمصالح الحيوية، مع الاستمرار في حمل الشارة طيلة البرنامج النضالي، جاء للمطالبة بالحسم في عدة نقاط حيوية مادية ومعنوية لعل أهمها الرفع من قيمة التعويضات عن التخصص وحل مشاكل الأطباء والممرضين، مع إيقاف أساليب الاستفزاز والتهديد والسخرة من طرف إدارة بعض المراكز الاستشفائية الجامعية وتسوية الوضعية المالية والإدارية العالقة للعديد من الموظفين، والتسوية العاجلة لملفات الانتقالات العالقة، وتعويض مهنيي الصحة الذين يقومون بالتغطية الطبية للتظاهرات على غرار باقي الموظفين واحترام الحريات النقابية، والحماية الأمنية والقانونية والإدارية للعاملين بقطاع الصحة أثناء مزاولتهم لمهامهم وما يتعرضون له من إهانة ومس بالكرامة. ولئن كانت الأسعار قد التهبت بفعل زيادات مستمرة في مواد حيوية، بدءا من الزيادة في ثمن الخبز والحليب، وانتهاء بأسعار الهاتف، مرورا بالزيادة في أسعار المحروقات، مما أثر سلبا على فئة عريضة من الشعب تكون أغلبها القطاعات التي تطالب في الزيادة في الأجور أو التعويضات، فإن بين الحق في الإضراب، الذي تلجأ إليه النقابات من أجل ضخ نفس جديد في فضاء تلبية الحاجيات الاجتماعية، والتعبير عن حضورها من حين إلى حين، وبين حق المواطنين في خدمات أساسية لا مناص منها، وقفت الحكومة المغربية موقف المتفرج تعالج الملفات بروح من التجاهل، وكأن إضراب يوم في قطاع التعليم مثلا لا يعني أن تضيع الملايين من ساعات العمل هباء، المغرب في حاجة إليها من أجل تنمية بشرية حقيقية، أو كأن إضرابا في قطاع الصحة لن يؤثر في الخدمات الصحية، وكأن لسان حالها بهذا التجاهل يصدق ما أصبح رائجا عن مؤسساتها حين يقال عنها إن الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود.