أصبحت الهجرة السرية قضية الساعة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وتحول المغرب من مصدر للمهاجرين بالأمس إلى قبلة لآلاف المهاجرين القادمين من بلدان جنوب الصحراء، جاعلين من المغرب محطة استقرار مؤقتة للعبور نحو أوروبا، مما وضع بلادنا في مركز الاهتمام الأوروبي من هذه الناحية. وشكلت قضية الهجرة السرية خلال هذا الأسبوع أحد أهم القضايا التي كانت على طاولة المباحثات بين الوفد البرلماني المغربي في العاصمة الإيطالية روما مع المسؤولين الأوروبيين خلال اجتماع للجنة المكلفة بالعلاقات الثقافية والإنسانية وتحسين الظروف المعيشية التابعة للجنة البرلمانية الأورومتوسطية، حيث تم التركيز على ضرورة قيام تعاون بين المغرب والدول الأوروبية للتغلب على ظاهرة الهجرة السرية. غير أن المغرب، الذي لا يتوفر على الوسائل المادية الكافية للتصدي لهذه الظاهرة التي تقض مضجع الأوروبيين في الوقت نفسه، يجد نفسه معرضا لضغوط بلدان الاتحاد الأوروبي التي تتهرب من مسؤولياتها في مواجهة هذه القضية من خلال طرح اقتراح إنشاء مراكز إيواء للمهاجرين غير القانونيين قبل ترحيلهم إلى بلدانهم، وهو الاقتراح الذي ترفضه مجموعة من البلدان الأعضاء في الاتحاد باعتباره عاجزا عن القضاء على ظاهرة الهجرة، وتعارضه المنظمات الحقوقية الدولية التي ترى فيه شكلا من أشكال العنصرية عبر عزل المهاجرين. وفي هذا الصدد صرح وزير الداخلية الإسباني أول أمس الثلاثاء بمدريد أن المغرب >يتعرض لضغط كبير للهجرة من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء<، داعيا إلى تعزيز التعاون الدولي من أجل محاربة هذه الظاهرة، مضيفا أنه >في حاجة إلى وسائل مادية وتقنية< لمواجهة تدفق المهاجرين المنحدرين من هذه البلدان بشكل فعال، داعيا إلى التنسيق والتعاون الدولي في محاربة الهجرة السرية، مؤكدا في الوقت نفسه أن هذه العملية لا يجب أن تقتصر على سياسة المراقبة واليقظة، ولكن يجب أن تركز على المساعدة على التنمية في البلدان الفقيرة المصدرة للمهاجرين. ويبذل المغرب جهودا حثيثة للتصدي لهذه الظاهرة، التي يتداخل فيها الجانب الإنساني بالجوانب القانونية الدولية، حيث تشهد تقارير صادرة عن الحكومة الإسبانية بأهمية الدور الذي تقوم به الحكومة المغربية للحد من تدفق المهاجرين على أراضيه والحيلولة دون تسللهم إلى الضفة الشمالية من المتوسط، وصرحت كاتبة الدولة الإسبانية في الهجرة، كونسيلو رومي، أول أمس الثلاثاء أمام الندوة الدولية التاسعة حول تهريب البشر، المنعقدة بتروخيلو بإسبانيا، أن التعاون بين مدريد والرباط في مجال محاربة تهريب البشر أعطى ثماره لكنه يجب أن يدعم بالمساعدة اللازمة من الاتحاد الأوربي، واستدلت على جهود المغرب بانخفاض عدد المهاجرين السريين الذين حاولوا الدخول هذا الصيف بواسطة القوارب لإسبانيا عبر سواحل شبه الجزيرة ب37 بالمائة، و51 بالمائة عبر جزر الكناري، مقارنة مع الفترة ذاتها من السنة الماضية، وأوضحت أنه سجل ارتفاع عدد الاعتقالات وسط أفراد شبكات المافيا، بتعاون مع المغرب، مشيرة في هذا السياق إلى أن هذه المعطيات تشهد على حسن سير برامج التعاون مع المغرب في مجال محاربة الهجرة السرية، وقالت إن الأمر لا يتعلق فقط بالمراقبة الصارمة للحدود الإسبانية، ولكن أيضا بمساعدة المغرب بوجه خاص، الذي تحول خلال السنوات الاخيرة إلى بلد مستقبل ومحطة للعبور بالنسبة للمهاجرين من بلدن جنوب الصحراء، وختمت تصريحاتها بالقول إنه >علاوة على التعاون الإسباني المغربي، يجب أن يكون هناك تعاون دولي< في هذا المجال.