أذن رمضان شهر المكرمات بالرحيل، والمسلم بين مقتصد وسابق بالخيرات، ولم تبق منه إلا ليال عشرة فكيف يتم استثمارها واغتنام ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، ألا تستحق هذه الليلة المباركة أن نضحي من أجلها بعشر ليال فقط. فالأيام المتبقية تكتسب أهمية وفضلا من وجوه: أحدها: إنه صلى الله عليه وسلم كان إذا دخلت العشر شد المئزر، وهذا قيل إنه كناية عن الجد والاجتهاد في العبادة. وثانيها: أنه صلى الله عليه وسلم يحيي فيها الليل بالذكر والصلاة وقراءة القرآن وسائر القربات. وثالثها: أنه يوقظ أهله فيها للصلاة والذكر حرصاً على اغتنام هذه الأوقات الفاضلة. ورابعها: أنه كان يجتهد فيها بالعبادة والطاعة أكثر مما يجتهد فيما سواها من ليالي الشهر. وخامسها: أنها فيها يتحرى المسلمون ليلة القدر ، التي هي: (خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ). يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان) متفق عليه. وفي رواية أخرى: (تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان) رواه البخاري. وقال أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال: (والله إني لأعلم أي ليلة هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها هي ليلة سبع وعشرين) رواه مسلم. وتأتي أهمية قيام ليلة القدر أنها ليلة يحدد فيها مصير مستقبل الأفراد لعام قادم، ففيها، كما يروي ذلك بعض المفسرين، تنسخ الآجال، وفيها يفرق كل أمر حكيم. فاحرص، أخي المسلم، أن تكون فيها ذاكرا لله ومسبحا له، أو قارئا للقرآن أو قانتا لله، تسأله السعادة في الدنيا والآخرة، والابتعاد عن مواطن الغفلة ومجالس اللغو حتى لا يفوتك خير كثير. إعداد: ع. لخلافة