هو التدمير والتخريب الثالث للفلوجة، فقد جرت عمليتا تخريب وتدمير سابقة للفلوجة خلال مرحلة وحكم الاحتلال العسكري الأمريكي المباشر، واليوم تجري معركة التدمير الثالثة على أيدي الجيشين الأمريكي والإيراني والميلشيات التابعة لهما، ولذا هو العدوان الأشد تدميرا وتخريبا وكشفا من كل ما سبق. للأمريكان ثأر معها أو لنقل ثأران، بل قل ما شئت من العدد، فهي التي هزمت القوات الأمريكية في المعركة الأولى، وكانت الهزيمة مدوية ومذلة سمع صداها عند جيوش العالم بقدر ما وصل صداها عند البيت الأبيض.. وجرت دراسة المعركة عسكريا؛ إذ كانت المدينة الأولى التي أذلت الجيش الأقوى في العالم. وفى المعركة الثانية حشد الجيش الأمريكي قوته وانسحب حتى من مناطق قرب بغداد لتحل هناك قوات بريطانية جرى سحبها من البصرة والجنوب لحماية خطوط حركة التموين والإمداد، وجرى القصف بالأسلحة المحرمة دوليا وبكل أسلحة التدمير، وحين دخول القوات الأمريكية جرى التعامل مع من في المدينة وفق أساليب نازية أشد ترويعا؛ إذ هي النسخة الأمريكية للنازية. وهكذا كانت معركة تخريب وتدمير شامل وثأر بلا حدود لطمس حقيقة أن الفلوجة هي المدينة التي هزمت الجيش الأمريكي.. وحدها. بعدها انسحب الجيش الأمريكي وجرت محاولات من سلطة الاحتلال الباقية، اقتحام المدينة فكان أن صمدت المدينة وانكسرت كل المحاولات، وكم من مرة حاول أو فكر المالكي فكان الإذلال من نصيبه. والآن تحل المعركة الثالثة تحت عنوان حرب الإرهاب أو حرب طرد تنظيم الدولة من الفلوجة، لتكون ثأرا لكل الأطراف دفعة واحدة، فالمعركة الجارية هي معركة الطائفيين الذين شكلت الفلوجة عنوانا للصمود في مواجهة مشروعهم التدميري، وهي معركة للثأر الإيراني المتقد منذ الحرب العراقيةالإيرانية، ففي الفلوجة أحياء تذكر الإيرانيين بالهزائم التي لاقاها جيشهم خلال تلك الحرب، وهي معركة الرد الأمريكي على ما تحقق للفلوجة من عز انتصار، إذ ارتبط الخروج الأمريكي من العراق بمعارك الفلوجة وما وقع فيها من قتلى وجرحى أمريكيين خلال حرب المقاومة. والأهم الآن أن إرادة الثأر والتخريب تجري لوأد الثورة السلمية العراقية، وتجري لتحقيق حالة التغيير الديموغرافي الذي تقوده إيران في العراق، إذ قررت إيران وميلشياتها تخريب حضارة السنة وبيوتهم وعمرانهم وإجبارهم على ترك مدنهم لإحلال الإيرانيين محلهم، وإننا أمام معركة يمتد صداها وتتحكم نتائجها في كل أوضاع العراق. تلك المعركة كاشفة، أو يمكن القول بأن الفلوجة تأبى إلا أن تكون عنوانا كاشفا عبر تاريخ الصراع العراقي من أجل الاستقلال من الاحتلال الأمريكي أو الإيراني وحرب إعلاء كلمة شعب العراق في مواجهة الطائفية. فإذ يبدو الأمريكان أصحاب قوة القصف من الجو، فاللافت الآن أن إيران قررت أن لا تخفى عمامتها في تلك المعركة. إيران تعلن الآن أنها على أسوار الفلوجة، ليس فقط عبر قاسم سليماني الذى يجلس الآن في غرفة إدارة العدوان والتدمير والنهب والسلب الجاري للفلوجة، بل عبر وجود قوات إيرانية معدة بأحدث الأسلحة. إيران تعلن الآن أنها لم تعد تكتفي بخط القتال السابق في بغداد ودمشق، وأنها تقدمت إلى النطاق الثاني الممتد من حلب إلى الفلوجة. هو التخريب الثالث للفلوجة، التي جسدت بصمودها عنوانا للوعي العربي والإسلامي، وإذ يظن المخربون والنهابون وحفار القبور الأمريكان والإيرانيون والطائفيون أن بإمكانهم تحقيق النصر عبر التخريب والتدمير والإبادة، فالمؤكد أن الفلوجة ستظل هي الصمود وعنوان المقاومة ورمز الوطنية العراقية وراية الاستقلال.