ترتبط علاقة الشعب الفلسطيني بمقاومته، كارتباط الأم بابنها.. كلاهما حريص على الآخر.. وكما أن الأم لا تبخل على ابنها بالأمومة والابن لا يبخل عن أمه بواجبه نحوها.. تكون العلاقة بين شعب مصمم على الحرية ومقاومه تمتلك الإرادة والبسالة والبطولة.. الساعة الثانية عشرة والنصف بعد منتصف الليل، عشرات الدبابات الحربية والآليات والجرافات العسكرية وجيبات الهامر تخرج من بؤرة الإرهاب في مغتصبة "نتساريم" الجاثمة على الأرض الفلسطينيةجنوبغزة و تقتحم حي الزيتون تحت غطاء كثيف من نيران الرشاشات الثقيلة بمساندة مروحيات عسكرية صنعت في أمريكا . مجموعات الرصد والرباط التابعة للمقاومة الفلسطينية تكشف التحرك الاحتلالي و ترسل بإشاراتها إلى قيادة المقاومة في حي الزيتون المكتظ بالسكان ، و تؤكد الرسالة أن قوات من المستعربين الصهاينة المتنكرين بملابس فلسطينية وسيارات محلية تتقدم الهجوم العسكري الصهيوني. عشرات المجموعات المسلحة تنتشر في حي الزيتون، كتائب القسام، سرايا القدس، كتائب شهداء الأقصى، لجان المقاومة الشعبية، وغيرها بعضهم شرع بزرع العبوات الناسفة، والبعض بدأ باتخاذ سواتر لإطلاق النار، آخرون نصبوا مواقع لإطلاق القذائف المضادة للدبابات . هدف الهجوم الصهيوني كما اتضح لاحقا هو هدم منازل عدد من الشهداء الفلسطينيين لكن مجريات المعركة تؤكد فشل العدو في مراده . قيادة المقاومة درست حالات التوغل الصهيوني السابقة وغدرها في وجود قوات صهيونية خاصة تتمركز على أسطح المباني المرتفعة.. وتم وضع حلول لكل مكر صهيوني . مجموعة من المقاومة تصدت لعناصر القوات الصهيونية الخاصة و اشتبكت معهم بالأسلحة الأوتوماتيكية وأوقعت بحسب مصادر في المقاومة خسائر في صفوفهم . المشكلة التي واجهها المقاومون نفسها تتكرر .. مروحيات الاباتشي الصهيو أمريكية التي فتحت نيران رشاشاتها الثقيلة باتجاه منازل الفلسطينيين الأمر الذي أدى إلى وقوع عشرات الإصابات بين الأهالي، وأكد شهود عيان أنه وعندما اقتربت إحدى الطائرات على علو منخفض أطلق رجال المقاومة النار باتجاهها الأمر الذي اضطرها للهروب والتحليق بعيداً . أما المشكلة الأخرى فقد تمثلت في تمركز عدد من قناصة العدو الصهيوني على أسطح مباني مرتفعة وقيامهم بإطلاق النار باتجاه المقاومين والمدنيين الفلسطينيين . مجموعة من كتائب القسام نصبت كمينا عسكريا لناقلة جند صهيونية استدرجتها وأطلقت صاروخ بتار باتجاهها فتوقفت في مكان زرعه المجاهدون بعدد من العبوات الجانبية، وعند توقف الآلية العسكرية تم تفعيل عدد من العبوات من جانبيها . وأفاد شهود عيان أن الناقلة العسكرية الصهيونية اشتعلت فيها النار بصورة فظيعة، مما أسفر عن سقوط الجنود الصهاينة الذين كانوا فيها ما بين قتيل و جريح.. فجن جنون الصهاينة وفتحت مروحية صهيونية النار عشوائيا وبكثافة باتجاه منازل الفلسطينيين . وأكد الشهود أنهم شاهدوا عربة عسكرية دمرها انفجار كبير، حيث شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من العربة وتغطي سماء المنطقة، وكان قد سمع دوي انفجارين في المدينة ثم سمعت أصوات سيارات الإسعاف وهي تتجه إلى الموقع. من جهتها أكدت كتائب القسام على أن مجاهدي القسام تمكنوا من توثيق العملية بالتصوير، ووعدت بنشرها في أقرب وقت ممكن بإذن الله تعالى، حيث يظهر في التصوير عدد من جثث الصهاينة مشتتة الأعضاء. وأعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام أن مجموعاتها المجاهدة تمكنت من التصدي للاجتياح الصهيوني في حي الزيتون و تمكن مجاهدوها من إعطاب ثلاث دبابات صهيونية حيث تم تفجير عبوة شديدة الانفجار باتجاه دبابة صهيونية. وأصاب التفجير الدبابة إصابة مباشرة مما أدى إلى تقطيعها لعدة أجزاء، وقد تمكن المجاهدون من الاحتفاظ بأجزاء منها انفصلت عنها، وقاموا بتوثيقها بالتصوير، وسترسل لوسائل الإعلام بإذن الله تعالى. ويظهر من التصوير وقوع قتلى في صفوف الأعداء حيث أن جثة أحدهم ملقاة بجانب الدبابة وتظهر بوضوح ، وفي ذات الإطار فقد تم تفجير دبابة بصاروخ بتار إصابة مباشرة أدى إلى إعطابها بصورة كبيرة وأشعل النار فيها، وأخرى أصابوها بقذيفة R. P. G إصابة مباشرة كذلك. جيش الاحتلال فشل في مهمته وجريمته بكل المقاييس فقد وجد أمامه رجالا أوفياء و صمودا أسطوريا أذهل الجميع، و عزز رجال المقاومة من مناطق مختلفة من مدينة غزة الأداء المقاوم في حي الزيتون و انضموا إلى زملائهم هناك يدافعون عن كرامة الأمة . أربعة شهداء و أكثر من 70 جريحا بينهم ستة في حالة الخطر حصيلة الإرهاب الصهيوني في معركة الزيتون حتى الساعة العاشرة من صباح اليوم الثلاثاء . وأعلنت كتائب الشهيد أبو علي مصطفى الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مسؤوليتها عن قنص جندي صهيوني كان متمركزاً فوق بناية آل خويطر ، الواقع في الحي ، وشوهدت سيارات الإسعاف وهي تنقل الجندي الجريح . و أعلنت سرايا القدس عن تفجير عبوة ناسفة تزن (50كغم)، استهدفت دبابة صهيونية، بالقرب من مسجد الرحمن بحي الزيتون جنوب مدينة غزة مما أدى إلى تدميرها بالكامل بعد استهدافها بشكل مباشر، وإصابة ومقتل من بداخلها من جنود الاحتلال وأكدت السرايا أن أجزاء من الدبابة تطايرت في المكان وعلى أسطح المحلات والمنازل نتيجة قوة الانفجار وشوهدت وهي تحترق وتتصاعد منها ألسنة الدخان . المعركة تركزت في شارع الشيخ أحمد ياسين و شارع صلاح الدين الأيوبي و ربما كان لهذين الاسمين دلالاتهما عند المقاومين و زادا من عزيمتهم و شحذا الهمم في مواجهة الأعداء . و قال مراسلنا إن مقاومين أطلقوا أمامه صاروخين باتجاه جرافة عسكرية صهيونية أوقفت تقدمها . واستخدمت المقاومة الفلسطينية أنواع مختلفة من الأسلحة من العبوات الناسفة و قذائف الآر بي جي و صواريخ البتار و صواريخ البنا و بنادق الكلاشينكوف و غيرها . المجاهد عامر الجرجاوي (27 عاما) من حي الدرج انطلق بعد سماعه نبأ الاجتياح الصهيوني لحي الزيتون إلى المنطقة يحمل سلاحه و أبلى بلاء حسنا لم يوقفه سوى قيام دبابة صهيونية بإطلاق قذيفة باتجاهه حولته إلى أشلاء . قوات الاحتلال لم تتمكن من الانسحاب من حي الزيتون الذي ألحق بهم خسائر فادحة وأعلن الجيش الصهيوني منطقة مغتصبة "نتساريم" منطقة عسكرية مغلقة أمام الصحافة الصهيونية، و أمام التورط الصهيوني في الحي المقاوم دفعت قوات الاحتلال بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى حي الزيتون . وأفادت مصادر طبية أن قوات الاحتلال أطلقت نيران أسلحتها وقذائفها تجاه سيارات الإسعاف والطواقم الطبية، في حي الزيتون. وأضافت المصادر أن كثافة النيران والقصف المدفعي يحول دون وصول هذه السيارات إلى مكان الحدث لإخلاء الجرحى وإسعافهم ونقلهم إلى المستشفيات، مما ينذر بارتفاع عدد الشهداء، بين صفوف الأهالي. ونقل مراسلنا عن شهود عيان أن جرافة عسكرية ردمت جثة شهيد في ساحة المعركة و هالت عليه كومة من التراب . وشوهد عدد من الشبان الفلسطينيين في حي الصبرة الملاصق لحي الزيتون و هم يحملون أجزاء وقطع حديدية من دبابات و آليات الاحتلال التي دمرها رجال المقاومة و يهتفون للمقاومة فرحين . المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام