ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيد عبد الرزاق المصدق وزير تأهيل الاقتصاد في حوار شامل مع "التجديد":تأهيل الاقتصاد الوطني ضرورة قصوى سواء أكان توقيع اتفاق التبادل الحر مع أمريكا أم لم يكن
نشر في التجديد يوم 30 - 12 - 2003

قال عبد الرزاق المصدق الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالشؤون الاقتصادية والشؤون العامة وتأهيل الاقتصاد إنه يجب على اقتصادنا أن يكون مؤهلا كانت هنالك اتفاقية التبادل الحر مع مجموعة ما أم لم تكن.
ورأى المصدق أن التأهيل ضرورة قصوى في كل وقت وفي كل مكان، قد لا يستشعر المقاولون أهميته وضرورته لكن التوقيع على اتفاقية التبادل الحر تلزمهم بوضع برامج للتأهيل، بل وترغمهم على ذلك نظرا لمعطيات المحيط الدولي من جهة ومتطلبات السوق الاستهلاكي الوطني من جهة أخرى، مؤكدا أن اتفاق التبادل الحر مع أمريكا سيلزمنا بالحذر والعمل على تأهيل نسيجنا الاقتصادي.
التجديد توجهت بأسئلة عديدة إلى السيد الوزير همت موضوع تأهيل الاقتصاد المغربي، وعلاقته بقرب توقيع المغرب لاتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة الأمريكية، ومستقبل القطاع الفلاحي في ظل ذلك، ووضعية قطاع الصيد البحري، وموضوع تنازع الاختصاصات بين الوزارات، وتقييم مسلسل الخوصصة، وملف الاستثمار بالمغرب، وعلاقة الأبناك بالمقاولات، وطبيعة الأداء الحكومي، وملف الزيادة في ثمن الخبز. وهذا نص الحوار:
كنتم قد أعلنتم الجمعة ما قبل الماضية بطنجة عن انطلاق حملة تأهيل الاقتصاد الوطني المغربي يوم 12 يناير المقبل. ماذا عن هذه الحملة ؟
أفضل العودة إلى هذا الموضوع في حينه، وستكون لنا مقابلة مع الصحافة في هذا الشأن.
أين وصل مسلسل تأهيل الاقتصاد الوطني ؟
تنبثق عملية تأهيل الاقتصاد عن نظرة إرادية لهيكلة الإقتصاد الوطني، تعتمد على مقاربة شمولية تنخرط فيها جميع مكونات الاقتصاد الوطني من إدارة ومقاولة ومجتمع مدني، وعن نظرة تشاركية يساهم فيها مختلف الفاعلين الاقتصاديين في إقتراح الإختيارات المناسبة وعلى الخصوص، عن نهج طرق عملية وبراغماتية. ذلك أن تأهيل الاقتصاد، وأن تطلب وضع تصور عام، فإن تنفيذه يتم عبر اتخاد التدابير الناجعة والمكتملة والتي تساهم لبنة بعد الأخرى في ترجمة هذا التصور إلى واقع عملي.
فعملية تأهيل الاقتصاد في نظرنا، هي عملية متواصلة لايجب أن تخضع للمؤثرات العارضة والمؤقتة كالتفكيك الجمركي أو غيره، بل تستوجب من الجميع العمل باستمرار للخفض من تكاليف تدخلاتهم وتحسين مردوديتهم وتنافسيتهم وكذا مطابقة دالة العرض مع متطلبات السوق.
ولهذا الغرض أسسنا منذ حوالي سنة "اللجنة الوطنية لتأهيل الاقتصاد" والتي تضم حسب نظرة تشاركية ممثلي الإدارة و القطاع الخاص و الجمعيات والغرف المهنية و هي تعقد اجتماعاتها شهريا برئاسة الوزارة التي أشرف عليها.
والهدف الذي رسم لهذه اللجنة منذ انطلاق أشغالها هوأن جميع مركبات الاقتصاد ككل يجب أن تساهم و تواكب عملية التأهيل. ولهذا الغرض انبثقت عنها خمس مجموعات عمل يترأس كل واحدة منها ممثل عن القطاع الخاص بمساعدة كتابة دائمة تحت مسؤولية ممثل عن الوزارة. وبتكوين هذه الأقطاب الخمسة تم تغطية مختلف جوانب إشكالية تأهيل الإقتصاد في إطار منهجية مندمجة ومتكاملة، فكان هنالك قطب المقاولة، قطب الإدارة ، قطب السوق ، قطب الإطار الماكرو إقتصادي وأخيرا قطب السياسات القطاعية ، وقد توصلنا في إطار اللجنة الوطنية إلى عدة قرارات وتدابير ، البعض منها اتخذناه ابتداء من 21 فبراير,2003 أعلن عنها إبان الخرجة الأولى للوزير الأول في الدار البيضاء، في إطار اجتماع مع الفاعلين الاقتصاديين، حيث ثم وضع آليات جديدة لتمويل تأهيل المقاولات عبر صندوقي فورتيكس لتمويل قطاع النسيج ورينوفوتيل لتمويل المشاريع الفندقية، تلاهما في يوليوز2003 إرساء صندوق فومان لتمويل التأهيل بصفة عامة غير قطاعية و كذا خفض تكاليف الإنتاج، إذ في نفس الشهر خفضنا من الضريبة الداخلية لاستهلاك الفيول والفحم الحجري بما يفوق 50%، وخفضنا كذلك من الرسوم الجمركية
على استيراد الفحم الحجري إلى 10%. ثم جاءت التدابير الأخيرة في إطار مشروع القانون المالي لسنة 2004 و نجد من ضمنها الضريبة الداخلية على استهلاك الفحم الحجري بالنسبة لاستعمالات المكتب الوطني للكهرباء أو ما يوازيها، والتي ستنخفض إلى صفر بالمائة وهو ما سيقلل من كلفة إنتاج الكهرباء، والتي ستمكن المكتب الوطني للكهرباء من خفض تكلفة الكهرباء المستعمل في الصناعة. الأمر نفسه بالنسبة للرسوم الجمركية على استيراد الفحم الحجري التي ستنخفض من 10% إلى 5,2% . هناك أيضا الميزانية المخصصة لتمويل فضاءات أنشطة الباعة المتجولين و تمكينهم من محلات تجارية يستقرون فيها، ومن تم العمل على توجيههم نحو الاقتصاد المنظم.
وقد توصلت اللجنة الوطنية للتأهيل إلى وضع تدبير مهم يتعلق بتحديد مدد أداء الإدارة لمستحقات المقاولات في الصفقات العمومية و التطبيق التلقائي لفوائد التأخير في حالة عدم احترام المدة المحددة ووضع مسؤولية التأخير في أداء الصفقات العمومية على عاتق الآمرين بالصرف و المحاسبين. و هنالك بالطبع تدابير أخرى لا يتسع المجال لذكرها .
السيد الوزير في ردكم على إحدى أسئلة الصحفيين بشأن علاقة تأهيل الاقتصاد الوطني بتوقيع اتفاقية التبادل الحر مع أمريكا، قلتم إن هذا المسلسل يرتبط فقط بإرادة داخلية للتأهيل، لكن التقرير الاقتصادي والمالي لمشروع قانون المالية 2004 أشار إلى أن إحداث وزارة تاهيل الاقتصاد التي تشرفون عليها، جاء للتوفيق بين الشروط الاقتصادية للقطاع الخاص الوطني والمتطلبات الدولية ماهو ردكم؟
أريد أن أذكر بما قلته سابقا، هو إنه يجب على اقتصادنا أن يكون مؤهلا كانت هنالك اتفاقية التبادل الحر مع مجموعة ما أم لم تكن. فنحن لا نعتبر أن تأهيل الاقتصاد يرتبط أساسا باتفاقيات التبادل الحر أو منظمة التجارة العالمية ، بل يجب أن يكون دائما وفي كل وقت، وتلك الاتفاقيات لايمكن إلا أن تؤكد وضعية بلد يريد أن ينطلق في التنافسية العالمية.
وللتذكير فإن المغرب بدأ تحرير الاقتصاد الوطني منذ 1984 وليس اليوم، وليس مع توقيع اتفاق التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي سنة ,1996 فمنذ ,1985 وعندما شرعنا في إعادة النظر في شكل الحماية الجمركية من حماية إدارية عن طريق رخص استيراد إلى حماية عبر تعريفة جمركية، منذ ذلك الوقت بدأنا الانفتاح على العالم الخارجي. أضف إلى هذا أن المغرب انضم إلى اتفاقية الغات سنة 1987 ، بل أكثر من ذلك فإن بلدنا أكد توجهه نحو الانفتاح باحتضان حدث تحول الغات إلى المنظمة العالمية للتجارة بمراكش سنة .1994
سياسة التحرير تعني بالأساس أنه عندما ننتج مادة أو خدمة كيفما كانت، علينا أن تنتجها بأقل تكلفة. وماهي المرجعية التي ستظهر لنا أننا ننتج بأقل تكلفة؟ المرجعية بالنسبة لذلك كله هي أثمنة السوق الدولية، فالمنتج المغربي يجب أن يكون على استعداد تام لمنافسة المنتوج المستورد. فالانفتاح يشكل دفعا للمنتج لأن يستوعب أنه ليس وحيدا في السوق لتلبية حاجات ورغبات المستهلك. والهدف من الإنتاج ليس هو الانتاج في حد ذاته لكنه تلبية رغبات المستهلك بأقل تكلفة ممكنة، فعلى المنتج المغربي أن يصل إلى مستوى من التنافسية المستوجبة في إطار انفتاح السوق وتحريره.
معنى هذا أن وزارتكم لن تعدل من مسلسل تأهيل الاقتصاد في أفق توقيع اتفاق التبادل الحر مع أمريكاّ ؟
هناك معطيات جعلت الاقتصاد المغربي غير مؤهل الآن في بعض فروعه. فقد كان هناك نقاش مع الولايات المتحدة الأمريكية في سياق الحديث عن توقيع اتفاقية التبادل الحر، و خاصةحول استثناء القطاع الفلاحي لأن وضعية هذا الأخير ببلادنا الآن لا يمكن أن تساير الحالة الراهنة، لكن هذه الوضعية يجب ألا تدفعنا للتلويح بلا بشكل دائم. إنه علينا أن ننكب على تأهيل الاقتصاد المغربي والفلاحة المغربية سواء توصلنا لإرساء عملية التبادل الحر أم لا، حتى تصل فلاحتنا إلى مستوى المنافسة و حتى تنتج أجود و بكلفة أقل و تنتج خيرات أكثر و تخلق فرصا أوسع للعمل.
يروج أن الوزارة طلبت من أمريكا أن تمهلها مدة 15سنة لتأهيل هذا القطاع حتى يكون في مستوى التحدي، مما أدى إلى تأجبل توقيع اتفاق التبادل الحر بين المغرب وأمريكا إلى غاية أبريل المقبل ما هو رأيكم في الموضوع ؟
لا، ما أعرفه هو أن القطاع الفلاحي ليس هو تلك المواد التي تنتج فقط، هناك يد عاملة وموارد بشرية تشتغل بالقطاع الفلاحي، وهي نسبة مهمة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، فالفلاحة تتطلب في الواقع فحصا على حدة، فوراء الفلاحة هناك العالم القروي بحوالي 45 في المائة من الساكنة النشيطة، و نحن لا يمكن أن نعتني بالقطاع الفلاحي بالكامل داخل لجنة التأهيل، فالفلاحة تتطلب تصورا على حدة، فبرنامج تأهيل القطاع الفلاحي يتطلب وقتا طويلا لكن يجب أن يتم الشروع فيه كان التوقيع على الاتفاق أو لم يكن. أما اتفاقية التبادل الحر فقد جاءت كفرصة لنشرع في الانكباب على القطاع بهدف الوقوف على احتياجاته. وأذكر بأن هذا القطاع قد استفاد عبر العالم من وضع خاص، فأوربا لديها السياسة الفلاحية الموحدة، التي هي موضوع مراجعة حاليا. كما أن الولايات المتحدة الأمريكية تولي هي كذلك للفلاحة أهمية و معالجة خاصة.
بالإضافة إلى قطاع الفلاحة هناك قطاع النسيج وقطاع الأدوية اللذان سيواجهان إكراهات مرتبطة بقرب توقيع اتفاقية التبادل الحر مع أمريكا وانضمام بلدان جديدة إلى الاتحاد الأوروبي، وارتفاع حدة تنافسية دولة الصين بخصوص النسيج. ماذا أعدت وزارتكم لتجاوز أزمة قد تكون محققة حسب العديد من الفاعلين في القطاعين؟ هنا أيضا نورد رقم 10 آلاف عامل يتم تسريحهم سنويا من قطاع النسيج ونريد أن نعرف ما حقيقته؟
لا، أولا وزارتنا لا تعد قرارات، وزارتنا تساعد على بلورة بعض الأفكار والاقتراحات والتدابير. أما رقم 10 آلاف عامل فلو كان رقما حقيقيا لتوقف هذا القطاع بشكل كلي، هناك تضخيم للموضوع، لكن ذلك لا ينفي عدم وجود مشاكل. وهنا نؤكد فيما يخص قطاع النسيج أنه عندما تقرر إعادة النظر في الاتفاقية متعددة الألياف على الصعيد الدولي والأوروبي ابتداء من ,2005 كان هذا قرارا لم نملك التحكم فيه. هل سيحتج المغرب على هذا القرار بحجة أنه غير مستعد الآن، أو أنه يحتاج إلى مهملة حتى يكون أكثر تنافسية من الوضع الحالي! ثانيا أنت تحدثت عن الصين الشعبية التي تبيع في المغرب، فالصين ليست لنا معها أية اتفاقية للتبادل الحر، والمصدرون الصينيون يؤدون الرسوم الجمركية قبل إدخال منتوجاتهم إلى المغرب، إذن فالعكس تماما هو الصواب، وهو ما يؤكد أن على المغرب أن يؤهل اقتصاده وأن يرفع من مستوى تنافسيته. وما ذكرناه عن تدابير تخفيض تكلفة الانتاج ووضع وسائل لتمويل القطاعات لكي تؤهل المقاولات نفسها يسير في اتجاه تأهيل الاقتصاد بل المجتمع كله للمنافسة.
بالأمس كان ملف الاقتصاد بين يدي وزارة المالية والآن صار بين يدي وزارة تأهيل الاقتصاد، هل هذا الأمر خلق نوعا من تنازع الاختصاص بين الوزارتين بشكل خاص، ووزارتكم والوزارات الأخرى بشكل عام، إذ أن وزارتكم تمتد، من حيث الملفات التي تعالجها، من وزارة المالية إلى وزارة الوظيفة العمومية مرورا بالعديد من الوزارات الأخرى بمعنى أنها وزارة أفقية..؟
كما قلت، وزارتنا هي وزارة منتدبة لدى الوزير الأول، تشتغل تحت إدارته بحسب الملفات والمعطيات التي يمدنا بها، كما أن الوزير الأول تطرح عليه ملفات اقتصادية وأحيانا مشاكل تحكيم في بعض القضايا، إذن فوزارتنا تساعد الوزير الأول في بعض الملفات ذات الطابع الأفقي. فنحن نقوم بدعوة الأطراف - كما قلت من قبل بخصوص لجنة تأهيل الاقتصاد للحديث و التنسيق فيما بينها بهدف فتح ملفات اقتصادية وجبائية ومالية لمناقشتها، طبعا كل وزارة لها اختصاصاتها. وزارتنا تحاول الجمع بين الآراء لإحداث تقارب فيما بينها، أي أنها تدفع الجميع للاتفاق بشأن الملفات المعروضة ولا أعتقد أن هناك اختلافات أو تضاربات.
هل معنى هذا أن وزارتكم لا تأخذ قرارات بشأن الملفات الكبرى ذات الطابع الاقتصادي رغم أنها وزارة لتأهيل الاقتصاد، بما يحمل التأهيل من معنى، أي تأهيل القطاعات الإنتاجية والإدارة العمومية والمقاولات والمؤسسات العمومية وغيرها ؟
وزارتنا بالفعل لا تأخذ قرارات بل تدفع كما قلت ببعض التدابير وتطرح بعض الاقتراحات وتحاول أن تدافع عن بعض الآراء داخل اللجن، ولكن كل وزارة تأخذ قراراتها بنفسها، خذ مثلا إنشاء صناديق التمويل، لم أوقع على الاتفاقيات بل وقعها وزير المالية مع البنوك، وكذلك الأمر بالنسبة لفوائد التأخير، فالرسوم المرتبطة بها أعدها وزير المالية ولم أقم بإعدادها، لكن وزارة تأهيل الاقتصاد كما قلت تحاول أن تجمع الاقتراحات والأفكار و تبلورها إلى مراسيم أو قرارات أو قوانين. أضف إلى هذا الوكالة الوطنية للمقاولات الصغرى والمتوسطة التي تشتغل معنا في إطار اللجنة الوطنية لتأهيل الاقتصاد، فهي تحت وصاية وزارة الصناعة والتجارة والمواصلات، فنحن اقترحنا في بداية أشغالنا على أن تهتم هذه الوكالة بالمساعدات التقنية للشركات، اقترحنا هذه الفكرة و أعطت أكلها. الأمر نفسه حصل بالنسبة للإدارة الإلكترونية التي ليست من اختصاصاتنا مباشرة، إذ تكلفت وزارة الصناعة والتجارة والمواصلات بالجانب التقني، فيما تكلفت وزارة الشؤون الإدارية بالأمور المتعلقة باختصاصاتها، وهذا هو شكل العمل التشاركي الذي ينصهر فيه الجميع في اتجاه تحقيق الاتفاق
لأجل المصلحة العليا للاقتصاد الوطني وهناك أمثلة أخرى كثيرة.
هل معنى هذا أن وزارة تأهيل الاقتصاد يتم إثقال كاهلها بملفات ضخمة على المستوى الوطني من قبيل ملف الصيد البحري؟ هناك أيضا انتقادات وجهت للسيد غافس وزير الصيد البحري في طريقة مقاربته للملف إثرها اتخذ الوزير الأول قرارا بتشكيل لجن بينية (بين وزارة الصيد البحري ووزارتكم) لمعالجة ملف الصيد البحري هل معنى هذا أن كل وزارة فشلت في معالجتها لملف من ملفاتها يحال الملف على وزارة تأهيل الاقتصاد؟
لا، ليس هناك فشل، كل ما في الأمر هو أن كل شيء يصب عند الوزير الأول في وقت من الأوقات. وهذا الأخير وعندما يتعلق الأمر بالقضايا الاقتصادية يحيلها على وزارته المنتدبة التي هي وزارة تأهيل الاقتصاد، ومن تم فهو لا يحيل ملف وزارة ما على وزارة تأهيل الاقتصاد، بل يطلب من الوزارة أن تشتغل معه لمدة محددة قد تطول أو تقصر بحسب الملف المطروح عليها. خذ مثلا موضوع تأهيل الاقتصاد، كان بإمكان الوزير الأول أن يوكل مهمة التأهيل لكل وزارة على حدة، لكننا وجدنا أنه من الأحسن، وبهدف إعطاء دفعة لتأهيل الاقتصاد، أن تخصص له وزارة إلى جانب الوزير الأول.
بعض الأخبار تفيد بأن وزارة تأهيل الاقتصاد ما تزال غير مهيكلة أي من دون أقسام، هل هذا الوضع يجد مبرراته في كون الوزارة مكلفة بمهام لدى الوزير الأول ليس إلا؟
الوزارة عبارة عن مصالح تابعة للوزير الأول، يوجد على رأسها وزير يتولى مهمة تدبير وتنسيق الملفات الاقتصادية التي لدى الوزير الأول، ومن بينها ملفات تأهيل الاقتصاد، لذا في رأيي فهي لا يجب أن تهيكل ولن أشجع على هيكلتها. فلو انخرطت كل الأطراف في سيرورة تأهيل الاقتصاد وزارات كانت أم قطاعات فهذا معناه أننا لا يجب أن نستمر في تأهيل الاقتصاد كوزارة، حينها يمكن أن يوكل لنا ملف آخر.وزارتنا إذن ليست وزارة قطاعية كوزارة الصناعة مثلا التي لها صناعات النسيج والصناعات الإلكترونية ولديها مواصفات الجودة ولديها مديريات و مصالح.
كيف تنظرون إلى مسلسل الخوصصة منذ انطلاقته؟
خلافا لما يقال عن أن الخوصصة جاءت لتوفير رؤوس أموال، الخوصصة تسير في اتجاه أن تجعل بعض القطاعات التي كانت تابعة للدولة، أكثر إنتاجية. فالدولة كانت تشرف في الماضي على بعض القطاعات لعدم وجود قطاع خاص، حاليا آن الأوان لأن تصير بين يدي القطاع الخاص، لأن دور الدولة هو إنجاز التجهيزات الأساسية وتوفير الخدمات الأساسية...، أما أن تكون الدولة منتجة فهذا يجب أن يكون استثناءا و ليس قاعدة. فقد أرغمت الدولة في وقت من الأوقات على الدخول في قطاع الإسمنت وغيرها، لكن بعدما صارت قطاعات تخلو من الاحتكارية ودخلت إلى ميدان المنافسة لم يعد مبرر للدولة لكي تستمر في إدارتها. ولله الحمد قد نقول إن أغلب المؤسسات التي تمت خوصصتها تمت إجمالا في ظروف جيدة.
(مقاطعا) هناك بعض الاستثناءات السيد الوزير؟ شركة سيمف مثلا.
الاستثناءات دائما موجودة، وفي جميع الدول، لكن يمكن القول إن عمليات الخوصصة كانت عمليات ناجحة بصفة عامة.
لكن الكثير ينتقد هذا المسلسل على اعتبار تحويل ما يتم تحصيله من أموال لسد عجز ميزانية الدولة عوض توظيفها لدعم الاستثمار؟
مداخيل الخوصصة لا يتم إدخالها إلى ميزانية الدولة بل يتم توجيهها إلى صندوق الحسن الثاني للتنمية، هذا الأخير يتدخل بشكل مهم في ميزانية الاستثمار لدى الدولة، وفي مساعدة المستثمرين الخواص .
إذن هناك اتجاه عام نحو استعمال هذه المداخيل للاستثمار من خلال صندوق الحسن الثاني، لكن يجب أن لا ننسى أنه أحيانا تكون هناك ضرورات قصوى عندما تفوق نسبة عجز الميزانية النسبة المحددة.
(مقاطعا) معنى هذا أن ميزانية الدولة لا تمتص مداخيل الخوصصة؟!
إلا إذا كانت ستوجه للاستثمار، فمداخيل الخوصصة توجه كما أكدت إلى صندوق الحسن الثاني الذي يقرر ما إذا كان سيوظفها في اتجاه دعم الاستثمار أم لا. فمداخيل خوصصة شركة التبغ مثلا لم تذهب إلى الميزانية، وإلا فلن يكون لنا عجز إذا ماتمت إضافة هذه المداخيل إلى الميزانية.في حين أننا ما زلنا نتحدث عن عجز في الميزانية.
لكن باطلاعنا البسيط على مضامين مشروع قانون المالية نجد أن معدل عجز الميزانية بدون احتساب يخالف مداخيل الخوصصة وعجز الميزانية باحتساب الخوصصة؟
نحن على كل حال مع مسألة باحتساب،. فالدول لا توافق كلها على احتساب مداخيل الخوصصة لحساب العجز، إذ البعض يدخلها والآخر لا يدخلها لأنها مجرد حساب. مداخيل الخوصصة بالمغرب إذن توجه نحو صندوق الحسن الثاني. أما عجز الميزانية فيمول بالاقتراضات سواء الداخلية أو الخارجية، ولا يمول من الخوصصة. وأنا مع الذين يقولون بأنه لا يجب احتساب مداخيل الخوصصة لمعرفة معدلات العجز. مثلا عندما تكون هناك مصاريف مكافحة آثار الجفاف يقال إن هذه المصاريف ليست دائمة وأنها استثنائية، لكن البعض يعتبرونها دائمة. إذن هناك نقاشات فقط، أما الحقيقة فهو أنه إذا كانت الخوصصة هي جلب الأموال لإعادة صرفها فلا.
قلتم أخيرا إن المغرب يحتل المرتبة الأولى من حيث جلب الاستثمارات الأجنبية، حوالي 3 مليارات دولار سنة 2003 نقلا عن صندوق الأمم المتحدة للتنمية والتجارة.
(مقاطعا) إحصائيات صندوق الأمم المتحدة للتنمية والتجارة أعطت إحصائيات واقعية عن المرحلة مابين 1997 2002 تؤكد أن المغرب يأتي في المرتبة الأولى قبل مصر و تونس.
ماذا أعدت الوزارة بشكل خاص والحكومة بشكل عام لتحسين صورة الاستثمار بالمغرب وجلب أكبر قدر من الاستثمارات؟
نعم نظمنا موعد الاستثمار العربي في فبراير، و قمنا بجولات في فرنسا وإيطاليا واسبانيا للترويج للاستثمار، ناهيك عن تنظيم تكاملات الاستثمار في الصخيرات في 11 و 12 دجنبر الحالي والتي حضرها أزيد من 170 مستثمر أجنبي بالإضافة إلى حوالي 350 مستثمر مغربي ومؤسسات وطنية ودولية متخصصة. وتنشيط الاستثمارات بالنسبة لي لا يقتصر على هذه التظاهرات، بل إن توقيع اتفاقية التبادل الحر مع أمريكا مثلا سيساعد على جلب الاستثمارات حيث سيكون للمستثمر انطلاقا من المغرب سوق أوروبية وأخرى أمريكية وسوق عربية التي لنا في سياقها اتفاقات مع العديد من البلدان العربية، كل هذا يظهر أن المغرب لا يراهن على رؤوس الأموال الداخلية فحسب.
ماذا عن جلب رؤوس الأموال العربية التي هاجرت السوق الأمريكية والسوق الأوروبية بعد تشديد الولايات المتحدة الأمريكية المراقبة على الأرصدة العربية في سياق حربها على الإرهاب؟
من الإجراءات التي قمنا بها لجلب هذه الأموال كما ذكرت تنظيمنا لموعد الاستثمار العربي. ويجب ألا ننسى أن المغرب من الدول العربية الأولى التي استقطبت رؤوس الأموال العربية كالشركة المغربية الكويتية التي أنشئت منذ نهاية الستينات وشركة ساليما هولدينغ مع لافيكو الليبية، وشركة أسماء مع رؤوس أموال سعودية، وسوميد مع الإماراتيين، بالإضافة إلى استثمارات عربية من جهات أخرى، مثل شركة كورال التي يديرها سعوديون و التي كان مصدر رؤوس أموالها من السويد.
قلتم في إحدى الندوات بطنجة أنه على الأبناك والمقاولات أن تتجاوز في علاقتهما مع بعضها البعض علاقة الشك والريبة إلى علاقة الثقة. أين تتجلى علاقة الشك هذه؟
أنا لم أقل علاقة شك أو ريبة، بل قلت إن هناك علاقة حذر و حيطة وأن قاعدة العلاقات هذه بين الطرفين، هي كذلك في سائر دول المعمور وليس فقط في المغرب. بالفعل فالبنك يقول إن المقاول لا يكشف عن الأرقام الحقيقية، والمقاول يقول إن المؤسسة البنكية لا تريد تمويل مشروعه لأنها لا تثق فيه وتفرض عليه ضمانات كبيرة، وكل طرف يريد أن يظهر أنه هو الذي على حق. بالنسبة لنا نحن، يجب على الطرفين أن يجالسا بعضيهما ويقاربا وجهات نظرهما، حتى لا تبقى العلاقة في هذا المستوى من ضعف الثقة، والمؤكد هو أن التواصل يظل ضعيفا سواء داخل البنوك أوداخل المقاولات كل على حدة أوفيما يخص التواصل فيما بينهما.
ما هو تقييمكم للأداء الحكومي، خاصة وأن الحكومة تضم وزارء تكنوقراطيين وآخرين متحزبين؟
الفريق الحكومي يشتغل وفق خطة وتصريح حكومي، وزراء استقلاليون كانوا أم اتحاديون أم حركيون أم أحرار، أم غيرهم، هناك انسجام وتكامل.
نريد أن نعرف حقيقة موضوع الخبز؟ ألا تتخوفون من اندلاع انتفاضة شبيهة بانتفاضة الخبز التي عرفها المغرب سنة 1981 في حال زيادة ثمن الخبز؟
ليست هناك أي أزمة، إذ الخبز يباع ويشترى وما أود قوله في هذا الموضوع قد قلته في البرلمان.
حاوره: محمد أفزاز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.