جماعة طنجة تصادق على ميزانية 2025 بقيمة تفوق 1،16 مليار درهم    المغرب يعتبر نفسه غير معني بقرار محكمة العدل الأوروبية بخصوص اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري    إقليم تطوان .. حجز واتلاف أزيد من 1470 كلغ من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك خلال 4 أشهر        منتدى الصحراء للحوار والثقافات يشارك في الدورة الثانية من مناظرة الصناعات الثقافية والإبداعية    خطاب خامنئي.. مزايدات فارغة وتجاهل للواقع في مواجهة إسرائيل    التعادل ينصف مباراة المحمدية والسوالم    'دير لاين' و'بوريل' يؤكدان التزام الاتحاد الأوروبي بعلاقاته الوثيقة مع المغرب وتعزيزها انسجاما مع مبدأ 'العقد شريعة المتعاقدين'    مغاربة يحيون ذكرى "طوفان الأقصى"    أساتذة كليات الطب: تقليص مدة التكوين لا يبرر المقاطعة و الطلبة مدعوون لمراجعة موقفهم    هكذا تفاعلت الحكومة الإسبانية مع قرار محكمة العدل الأوروبية    مصدرو الخضر والفواكه جنوب المملكة يعتزمون قصْدَ سوقي روسيا وبريطانيا    قرار محكمة العدل الأوروبية: فرنسا تجدد التأكيد على تشبثها الراسخ بشراكتها الاستثنائية مع المغرب    ثلاثة مستشفيات في لبنان تعلن تعليق خدماتها جراء الغارات الإسرائيلية    إعطاء انطلاقة خدمات مصالح حيوية بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني ودخول 30 مركزا صحيا حضريا وقرويا حيز الخدمة بجهة فاس مكناس    وزير خارجية إسبانيا يجدد دعم سيادة المغرب على صحرائه بعد قرار محكمة العدل الأوربية    ريدوان: رفضت التمثيل في هوليوود.. وفيلم "البطل" تجربة مليئة بالإيجابية    مسؤول فرنسي: الرئيس ماكرون يزور المغرب لتقوية دعامات العلاقات الثنائية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    امزورن.. سيارة ترسل تلميذاً إلى قسم المستعجلات    المحامون يقاطعون جلسات الجنايات وصناديق المحاكم لأسبوعين    مرصد الشمال لحقوق الإنسان يجمد أنشطته بعد رفض السلطات تمكينه من الوصولات القانونية    ابتدائية تطوان تصدر حكمها في حق مواطنة جزائرية حرضت على الهجرة    صرف معاشات ما يناهز 7000 من المتقاعدين الجدد في قطاع التربية والتعليم    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″    بوريس جونسون: اكتشفنا جهاز تنصت بحمامي بعد استخدامه من قبل نتنياهو        باريس تفتتح أشغال "قمة الفرانكفونية" بحضور رئيس الحكومة عزيز أخنوش    فيلا رئيس الكاف السابق واستدعاء آيت منا .. مرافعات ساخنة في محاكمة الناصري    الجماهير العسكرية تطالب إدارة النادي بإنهاء الخلاف مع الحاس بنعبيد وارجاعه للفريق الأول    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    إيقاعات ناس الغيوان والشاب خالد تلهب جمهور مهرجان "الفن" في الدار البيضاء    الاتحاد العام لمقاولات المغرب جهة الجديدة - سيدي بنور CGEM يخلق الحدث بمعرض الفرس    الفيفا تعلن تاريخ تنظيم كأس العالم للسيدات لأقل من 17 سنة بالمغرب    الفيفا يقترح فترة انتقالات ثالثة قبل مونديال الأندية    لحليمي يكشف عن حصيلة المسروقات خلال إحصاء 2024    آسفي: حرق أزيد من 8 أطنان من الشيرا ومواد مخدرة أخرى    اختبار صعب للنادي القنيطري أمام الاتحاد الإسلامي الوجدي    دعوة للمشاركة في دوري كرة القدم العمالية لفرق الإتحاد المغربي للشغل بإقليم الجديدة    الدوري الأوروبي.. تألق الكعبي ونجاة مان يونايتد وانتفاضة توتنهام وتصدر لاتسيو    النادي المكناسي يستنكر حرمانه من جماهيره في مباريات البطولة الإحترافية    ارتفاع أسعار الدواجن يجر وزير الفلاحة للمساءلة البرلمانية    التصعيد الإيراني الإسرائيلي: هل تتجه المنطقة نحو حرب إقليمية مفتوحة؟    ارتفاع طفيف في أسعار النفط في ظل ترقب تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط    وزارة الصحة تكشف حقيقة ما يتم تداوله حول مياه "عين أطلس"    عزيز غالي.. "بَلَحَة" المشهد الإعلامي المغربي    آسفي.. حرق أزيد من 8 أطنان من الشيرا ومواد مخدرة أخرى    محنة النازحين في عاصمة لبنان واحدة    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب 2024    بسبب الحروب .. هل نشهد "سنة بيضاء" في تاريخ جوائز نوبل 2024؟    إطلاق مركز للعلاج الجيني في المملكة المتحدة برئاسة أستاذ من الناظور    الذكاء الاصطناعي والحركات السياسية .. قضايا حيوية بفعاليات موسم أصيلة    مستقبل الصناعات الثقافية والإبداعية يشغل القطاعين العام والخاص بالمغرب    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيد عبد الرزاق المصدق وزير تأهيل الاقتصاد في حوار شامل مع "التجديد":تأهيل الاقتصاد الوطني ضرورة قصوى سواء أكان توقيع اتفاق التبادل الحر مع أمريكا أم لم يكن
نشر في التجديد يوم 30 - 12 - 2003

قال عبد الرزاق المصدق الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالشؤون الاقتصادية والشؤون العامة وتأهيل الاقتصاد إنه يجب على اقتصادنا أن يكون مؤهلا كانت هنالك اتفاقية التبادل الحر مع مجموعة ما أم لم تكن.
ورأى المصدق أن التأهيل ضرورة قصوى في كل وقت وفي كل مكان، قد لا يستشعر المقاولون أهميته وضرورته لكن التوقيع على اتفاقية التبادل الحر تلزمهم بوضع برامج للتأهيل، بل وترغمهم على ذلك نظرا لمعطيات المحيط الدولي من جهة ومتطلبات السوق الاستهلاكي الوطني من جهة أخرى، مؤكدا أن اتفاق التبادل الحر مع أمريكا سيلزمنا بالحذر والعمل على تأهيل نسيجنا الاقتصادي.
التجديد توجهت بأسئلة عديدة إلى السيد الوزير همت موضوع تأهيل الاقتصاد المغربي، وعلاقته بقرب توقيع المغرب لاتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة الأمريكية، ومستقبل القطاع الفلاحي في ظل ذلك، ووضعية قطاع الصيد البحري، وموضوع تنازع الاختصاصات بين الوزارات، وتقييم مسلسل الخوصصة، وملف الاستثمار بالمغرب، وعلاقة الأبناك بالمقاولات، وطبيعة الأداء الحكومي، وملف الزيادة في ثمن الخبز. وهذا نص الحوار:
كنتم قد أعلنتم الجمعة ما قبل الماضية بطنجة عن انطلاق حملة تأهيل الاقتصاد الوطني المغربي يوم 12 يناير المقبل. ماذا عن هذه الحملة ؟
أفضل العودة إلى هذا الموضوع في حينه، وستكون لنا مقابلة مع الصحافة في هذا الشأن.
أين وصل مسلسل تأهيل الاقتصاد الوطني ؟
تنبثق عملية تأهيل الاقتصاد عن نظرة إرادية لهيكلة الإقتصاد الوطني، تعتمد على مقاربة شمولية تنخرط فيها جميع مكونات الاقتصاد الوطني من إدارة ومقاولة ومجتمع مدني، وعن نظرة تشاركية يساهم فيها مختلف الفاعلين الاقتصاديين في إقتراح الإختيارات المناسبة وعلى الخصوص، عن نهج طرق عملية وبراغماتية. ذلك أن تأهيل الاقتصاد، وأن تطلب وضع تصور عام، فإن تنفيذه يتم عبر اتخاد التدابير الناجعة والمكتملة والتي تساهم لبنة بعد الأخرى في ترجمة هذا التصور إلى واقع عملي.
فعملية تأهيل الاقتصاد في نظرنا، هي عملية متواصلة لايجب أن تخضع للمؤثرات العارضة والمؤقتة كالتفكيك الجمركي أو غيره، بل تستوجب من الجميع العمل باستمرار للخفض من تكاليف تدخلاتهم وتحسين مردوديتهم وتنافسيتهم وكذا مطابقة دالة العرض مع متطلبات السوق.
ولهذا الغرض أسسنا منذ حوالي سنة "اللجنة الوطنية لتأهيل الاقتصاد" والتي تضم حسب نظرة تشاركية ممثلي الإدارة و القطاع الخاص و الجمعيات والغرف المهنية و هي تعقد اجتماعاتها شهريا برئاسة الوزارة التي أشرف عليها.
والهدف الذي رسم لهذه اللجنة منذ انطلاق أشغالها هوأن جميع مركبات الاقتصاد ككل يجب أن تساهم و تواكب عملية التأهيل. ولهذا الغرض انبثقت عنها خمس مجموعات عمل يترأس كل واحدة منها ممثل عن القطاع الخاص بمساعدة كتابة دائمة تحت مسؤولية ممثل عن الوزارة. وبتكوين هذه الأقطاب الخمسة تم تغطية مختلف جوانب إشكالية تأهيل الإقتصاد في إطار منهجية مندمجة ومتكاملة، فكان هنالك قطب المقاولة، قطب الإدارة ، قطب السوق ، قطب الإطار الماكرو إقتصادي وأخيرا قطب السياسات القطاعية ، وقد توصلنا في إطار اللجنة الوطنية إلى عدة قرارات وتدابير ، البعض منها اتخذناه ابتداء من 21 فبراير,2003 أعلن عنها إبان الخرجة الأولى للوزير الأول في الدار البيضاء، في إطار اجتماع مع الفاعلين الاقتصاديين، حيث ثم وضع آليات جديدة لتمويل تأهيل المقاولات عبر صندوقي فورتيكس لتمويل قطاع النسيج ورينوفوتيل لتمويل المشاريع الفندقية، تلاهما في يوليوز2003 إرساء صندوق فومان لتمويل التأهيل بصفة عامة غير قطاعية و كذا خفض تكاليف الإنتاج، إذ في نفس الشهر خفضنا من الضريبة الداخلية لاستهلاك الفيول والفحم الحجري بما يفوق 50%، وخفضنا كذلك من الرسوم الجمركية
على استيراد الفحم الحجري إلى 10%. ثم جاءت التدابير الأخيرة في إطار مشروع القانون المالي لسنة 2004 و نجد من ضمنها الضريبة الداخلية على استهلاك الفحم الحجري بالنسبة لاستعمالات المكتب الوطني للكهرباء أو ما يوازيها، والتي ستنخفض إلى صفر بالمائة وهو ما سيقلل من كلفة إنتاج الكهرباء، والتي ستمكن المكتب الوطني للكهرباء من خفض تكلفة الكهرباء المستعمل في الصناعة. الأمر نفسه بالنسبة للرسوم الجمركية على استيراد الفحم الحجري التي ستنخفض من 10% إلى 5,2% . هناك أيضا الميزانية المخصصة لتمويل فضاءات أنشطة الباعة المتجولين و تمكينهم من محلات تجارية يستقرون فيها، ومن تم العمل على توجيههم نحو الاقتصاد المنظم.
وقد توصلت اللجنة الوطنية للتأهيل إلى وضع تدبير مهم يتعلق بتحديد مدد أداء الإدارة لمستحقات المقاولات في الصفقات العمومية و التطبيق التلقائي لفوائد التأخير في حالة عدم احترام المدة المحددة ووضع مسؤولية التأخير في أداء الصفقات العمومية على عاتق الآمرين بالصرف و المحاسبين. و هنالك بالطبع تدابير أخرى لا يتسع المجال لذكرها .
السيد الوزير في ردكم على إحدى أسئلة الصحفيين بشأن علاقة تأهيل الاقتصاد الوطني بتوقيع اتفاقية التبادل الحر مع أمريكا، قلتم إن هذا المسلسل يرتبط فقط بإرادة داخلية للتأهيل، لكن التقرير الاقتصادي والمالي لمشروع قانون المالية 2004 أشار إلى أن إحداث وزارة تاهيل الاقتصاد التي تشرفون عليها، جاء للتوفيق بين الشروط الاقتصادية للقطاع الخاص الوطني والمتطلبات الدولية ماهو ردكم؟
أريد أن أذكر بما قلته سابقا، هو إنه يجب على اقتصادنا أن يكون مؤهلا كانت هنالك اتفاقية التبادل الحر مع مجموعة ما أم لم تكن. فنحن لا نعتبر أن تأهيل الاقتصاد يرتبط أساسا باتفاقيات التبادل الحر أو منظمة التجارة العالمية ، بل يجب أن يكون دائما وفي كل وقت، وتلك الاتفاقيات لايمكن إلا أن تؤكد وضعية بلد يريد أن ينطلق في التنافسية العالمية.
وللتذكير فإن المغرب بدأ تحرير الاقتصاد الوطني منذ 1984 وليس اليوم، وليس مع توقيع اتفاق التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي سنة ,1996 فمنذ ,1985 وعندما شرعنا في إعادة النظر في شكل الحماية الجمركية من حماية إدارية عن طريق رخص استيراد إلى حماية عبر تعريفة جمركية، منذ ذلك الوقت بدأنا الانفتاح على العالم الخارجي. أضف إلى هذا أن المغرب انضم إلى اتفاقية الغات سنة 1987 ، بل أكثر من ذلك فإن بلدنا أكد توجهه نحو الانفتاح باحتضان حدث تحول الغات إلى المنظمة العالمية للتجارة بمراكش سنة .1994
سياسة التحرير تعني بالأساس أنه عندما ننتج مادة أو خدمة كيفما كانت، علينا أن تنتجها بأقل تكلفة. وماهي المرجعية التي ستظهر لنا أننا ننتج بأقل تكلفة؟ المرجعية بالنسبة لذلك كله هي أثمنة السوق الدولية، فالمنتج المغربي يجب أن يكون على استعداد تام لمنافسة المنتوج المستورد. فالانفتاح يشكل دفعا للمنتج لأن يستوعب أنه ليس وحيدا في السوق لتلبية حاجات ورغبات المستهلك. والهدف من الإنتاج ليس هو الانتاج في حد ذاته لكنه تلبية رغبات المستهلك بأقل تكلفة ممكنة، فعلى المنتج المغربي أن يصل إلى مستوى من التنافسية المستوجبة في إطار انفتاح السوق وتحريره.
معنى هذا أن وزارتكم لن تعدل من مسلسل تأهيل الاقتصاد في أفق توقيع اتفاق التبادل الحر مع أمريكاّ ؟
هناك معطيات جعلت الاقتصاد المغربي غير مؤهل الآن في بعض فروعه. فقد كان هناك نقاش مع الولايات المتحدة الأمريكية في سياق الحديث عن توقيع اتفاقية التبادل الحر، و خاصةحول استثناء القطاع الفلاحي لأن وضعية هذا الأخير ببلادنا الآن لا يمكن أن تساير الحالة الراهنة، لكن هذه الوضعية يجب ألا تدفعنا للتلويح بلا بشكل دائم. إنه علينا أن ننكب على تأهيل الاقتصاد المغربي والفلاحة المغربية سواء توصلنا لإرساء عملية التبادل الحر أم لا، حتى تصل فلاحتنا إلى مستوى المنافسة و حتى تنتج أجود و بكلفة أقل و تنتج خيرات أكثر و تخلق فرصا أوسع للعمل.
يروج أن الوزارة طلبت من أمريكا أن تمهلها مدة 15سنة لتأهيل هذا القطاع حتى يكون في مستوى التحدي، مما أدى إلى تأجبل توقيع اتفاق التبادل الحر بين المغرب وأمريكا إلى غاية أبريل المقبل ما هو رأيكم في الموضوع ؟
لا، ما أعرفه هو أن القطاع الفلاحي ليس هو تلك المواد التي تنتج فقط، هناك يد عاملة وموارد بشرية تشتغل بالقطاع الفلاحي، وهي نسبة مهمة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، فالفلاحة تتطلب في الواقع فحصا على حدة، فوراء الفلاحة هناك العالم القروي بحوالي 45 في المائة من الساكنة النشيطة، و نحن لا يمكن أن نعتني بالقطاع الفلاحي بالكامل داخل لجنة التأهيل، فالفلاحة تتطلب تصورا على حدة، فبرنامج تأهيل القطاع الفلاحي يتطلب وقتا طويلا لكن يجب أن يتم الشروع فيه كان التوقيع على الاتفاق أو لم يكن. أما اتفاقية التبادل الحر فقد جاءت كفرصة لنشرع في الانكباب على القطاع بهدف الوقوف على احتياجاته. وأذكر بأن هذا القطاع قد استفاد عبر العالم من وضع خاص، فأوربا لديها السياسة الفلاحية الموحدة، التي هي موضوع مراجعة حاليا. كما أن الولايات المتحدة الأمريكية تولي هي كذلك للفلاحة أهمية و معالجة خاصة.
بالإضافة إلى قطاع الفلاحة هناك قطاع النسيج وقطاع الأدوية اللذان سيواجهان إكراهات مرتبطة بقرب توقيع اتفاقية التبادل الحر مع أمريكا وانضمام بلدان جديدة إلى الاتحاد الأوروبي، وارتفاع حدة تنافسية دولة الصين بخصوص النسيج. ماذا أعدت وزارتكم لتجاوز أزمة قد تكون محققة حسب العديد من الفاعلين في القطاعين؟ هنا أيضا نورد رقم 10 آلاف عامل يتم تسريحهم سنويا من قطاع النسيج ونريد أن نعرف ما حقيقته؟
لا، أولا وزارتنا لا تعد قرارات، وزارتنا تساعد على بلورة بعض الأفكار والاقتراحات والتدابير. أما رقم 10 آلاف عامل فلو كان رقما حقيقيا لتوقف هذا القطاع بشكل كلي، هناك تضخيم للموضوع، لكن ذلك لا ينفي عدم وجود مشاكل. وهنا نؤكد فيما يخص قطاع النسيج أنه عندما تقرر إعادة النظر في الاتفاقية متعددة الألياف على الصعيد الدولي والأوروبي ابتداء من ,2005 كان هذا قرارا لم نملك التحكم فيه. هل سيحتج المغرب على هذا القرار بحجة أنه غير مستعد الآن، أو أنه يحتاج إلى مهملة حتى يكون أكثر تنافسية من الوضع الحالي! ثانيا أنت تحدثت عن الصين الشعبية التي تبيع في المغرب، فالصين ليست لنا معها أية اتفاقية للتبادل الحر، والمصدرون الصينيون يؤدون الرسوم الجمركية قبل إدخال منتوجاتهم إلى المغرب، إذن فالعكس تماما هو الصواب، وهو ما يؤكد أن على المغرب أن يؤهل اقتصاده وأن يرفع من مستوى تنافسيته. وما ذكرناه عن تدابير تخفيض تكلفة الانتاج ووضع وسائل لتمويل القطاعات لكي تؤهل المقاولات نفسها يسير في اتجاه تأهيل الاقتصاد بل المجتمع كله للمنافسة.
بالأمس كان ملف الاقتصاد بين يدي وزارة المالية والآن صار بين يدي وزارة تأهيل الاقتصاد، هل هذا الأمر خلق نوعا من تنازع الاختصاص بين الوزارتين بشكل خاص، ووزارتكم والوزارات الأخرى بشكل عام، إذ أن وزارتكم تمتد، من حيث الملفات التي تعالجها، من وزارة المالية إلى وزارة الوظيفة العمومية مرورا بالعديد من الوزارات الأخرى بمعنى أنها وزارة أفقية..؟
كما قلت، وزارتنا هي وزارة منتدبة لدى الوزير الأول، تشتغل تحت إدارته بحسب الملفات والمعطيات التي يمدنا بها، كما أن الوزير الأول تطرح عليه ملفات اقتصادية وأحيانا مشاكل تحكيم في بعض القضايا، إذن فوزارتنا تساعد الوزير الأول في بعض الملفات ذات الطابع الأفقي. فنحن نقوم بدعوة الأطراف - كما قلت من قبل بخصوص لجنة تأهيل الاقتصاد للحديث و التنسيق فيما بينها بهدف فتح ملفات اقتصادية وجبائية ومالية لمناقشتها، طبعا كل وزارة لها اختصاصاتها. وزارتنا تحاول الجمع بين الآراء لإحداث تقارب فيما بينها، أي أنها تدفع الجميع للاتفاق بشأن الملفات المعروضة ولا أعتقد أن هناك اختلافات أو تضاربات.
هل معنى هذا أن وزارتكم لا تأخذ قرارات بشأن الملفات الكبرى ذات الطابع الاقتصادي رغم أنها وزارة لتأهيل الاقتصاد، بما يحمل التأهيل من معنى، أي تأهيل القطاعات الإنتاجية والإدارة العمومية والمقاولات والمؤسسات العمومية وغيرها ؟
وزارتنا بالفعل لا تأخذ قرارات بل تدفع كما قلت ببعض التدابير وتطرح بعض الاقتراحات وتحاول أن تدافع عن بعض الآراء داخل اللجن، ولكن كل وزارة تأخذ قراراتها بنفسها، خذ مثلا إنشاء صناديق التمويل، لم أوقع على الاتفاقيات بل وقعها وزير المالية مع البنوك، وكذلك الأمر بالنسبة لفوائد التأخير، فالرسوم المرتبطة بها أعدها وزير المالية ولم أقم بإعدادها، لكن وزارة تأهيل الاقتصاد كما قلت تحاول أن تجمع الاقتراحات والأفكار و تبلورها إلى مراسيم أو قرارات أو قوانين. أضف إلى هذا الوكالة الوطنية للمقاولات الصغرى والمتوسطة التي تشتغل معنا في إطار اللجنة الوطنية لتأهيل الاقتصاد، فهي تحت وصاية وزارة الصناعة والتجارة والمواصلات، فنحن اقترحنا في بداية أشغالنا على أن تهتم هذه الوكالة بالمساعدات التقنية للشركات، اقترحنا هذه الفكرة و أعطت أكلها. الأمر نفسه حصل بالنسبة للإدارة الإلكترونية التي ليست من اختصاصاتنا مباشرة، إذ تكلفت وزارة الصناعة والتجارة والمواصلات بالجانب التقني، فيما تكلفت وزارة الشؤون الإدارية بالأمور المتعلقة باختصاصاتها، وهذا هو شكل العمل التشاركي الذي ينصهر فيه الجميع في اتجاه تحقيق الاتفاق
لأجل المصلحة العليا للاقتصاد الوطني وهناك أمثلة أخرى كثيرة.
هل معنى هذا أن وزارة تأهيل الاقتصاد يتم إثقال كاهلها بملفات ضخمة على المستوى الوطني من قبيل ملف الصيد البحري؟ هناك أيضا انتقادات وجهت للسيد غافس وزير الصيد البحري في طريقة مقاربته للملف إثرها اتخذ الوزير الأول قرارا بتشكيل لجن بينية (بين وزارة الصيد البحري ووزارتكم) لمعالجة ملف الصيد البحري هل معنى هذا أن كل وزارة فشلت في معالجتها لملف من ملفاتها يحال الملف على وزارة تأهيل الاقتصاد؟
لا، ليس هناك فشل، كل ما في الأمر هو أن كل شيء يصب عند الوزير الأول في وقت من الأوقات. وهذا الأخير وعندما يتعلق الأمر بالقضايا الاقتصادية يحيلها على وزارته المنتدبة التي هي وزارة تأهيل الاقتصاد، ومن تم فهو لا يحيل ملف وزارة ما على وزارة تأهيل الاقتصاد، بل يطلب من الوزارة أن تشتغل معه لمدة محددة قد تطول أو تقصر بحسب الملف المطروح عليها. خذ مثلا موضوع تأهيل الاقتصاد، كان بإمكان الوزير الأول أن يوكل مهمة التأهيل لكل وزارة على حدة، لكننا وجدنا أنه من الأحسن، وبهدف إعطاء دفعة لتأهيل الاقتصاد، أن تخصص له وزارة إلى جانب الوزير الأول.
بعض الأخبار تفيد بأن وزارة تأهيل الاقتصاد ما تزال غير مهيكلة أي من دون أقسام، هل هذا الوضع يجد مبرراته في كون الوزارة مكلفة بمهام لدى الوزير الأول ليس إلا؟
الوزارة عبارة عن مصالح تابعة للوزير الأول، يوجد على رأسها وزير يتولى مهمة تدبير وتنسيق الملفات الاقتصادية التي لدى الوزير الأول، ومن بينها ملفات تأهيل الاقتصاد، لذا في رأيي فهي لا يجب أن تهيكل ولن أشجع على هيكلتها. فلو انخرطت كل الأطراف في سيرورة تأهيل الاقتصاد وزارات كانت أم قطاعات فهذا معناه أننا لا يجب أن نستمر في تأهيل الاقتصاد كوزارة، حينها يمكن أن يوكل لنا ملف آخر.وزارتنا إذن ليست وزارة قطاعية كوزارة الصناعة مثلا التي لها صناعات النسيج والصناعات الإلكترونية ولديها مواصفات الجودة ولديها مديريات و مصالح.
كيف تنظرون إلى مسلسل الخوصصة منذ انطلاقته؟
خلافا لما يقال عن أن الخوصصة جاءت لتوفير رؤوس أموال، الخوصصة تسير في اتجاه أن تجعل بعض القطاعات التي كانت تابعة للدولة، أكثر إنتاجية. فالدولة كانت تشرف في الماضي على بعض القطاعات لعدم وجود قطاع خاص، حاليا آن الأوان لأن تصير بين يدي القطاع الخاص، لأن دور الدولة هو إنجاز التجهيزات الأساسية وتوفير الخدمات الأساسية...، أما أن تكون الدولة منتجة فهذا يجب أن يكون استثناءا و ليس قاعدة. فقد أرغمت الدولة في وقت من الأوقات على الدخول في قطاع الإسمنت وغيرها، لكن بعدما صارت قطاعات تخلو من الاحتكارية ودخلت إلى ميدان المنافسة لم يعد مبرر للدولة لكي تستمر في إدارتها. ولله الحمد قد نقول إن أغلب المؤسسات التي تمت خوصصتها تمت إجمالا في ظروف جيدة.
(مقاطعا) هناك بعض الاستثناءات السيد الوزير؟ شركة سيمف مثلا.
الاستثناءات دائما موجودة، وفي جميع الدول، لكن يمكن القول إن عمليات الخوصصة كانت عمليات ناجحة بصفة عامة.
لكن الكثير ينتقد هذا المسلسل على اعتبار تحويل ما يتم تحصيله من أموال لسد عجز ميزانية الدولة عوض توظيفها لدعم الاستثمار؟
مداخيل الخوصصة لا يتم إدخالها إلى ميزانية الدولة بل يتم توجيهها إلى صندوق الحسن الثاني للتنمية، هذا الأخير يتدخل بشكل مهم في ميزانية الاستثمار لدى الدولة، وفي مساعدة المستثمرين الخواص .
إذن هناك اتجاه عام نحو استعمال هذه المداخيل للاستثمار من خلال صندوق الحسن الثاني، لكن يجب أن لا ننسى أنه أحيانا تكون هناك ضرورات قصوى عندما تفوق نسبة عجز الميزانية النسبة المحددة.
(مقاطعا) معنى هذا أن ميزانية الدولة لا تمتص مداخيل الخوصصة؟!
إلا إذا كانت ستوجه للاستثمار، فمداخيل الخوصصة توجه كما أكدت إلى صندوق الحسن الثاني الذي يقرر ما إذا كان سيوظفها في اتجاه دعم الاستثمار أم لا. فمداخيل خوصصة شركة التبغ مثلا لم تذهب إلى الميزانية، وإلا فلن يكون لنا عجز إذا ماتمت إضافة هذه المداخيل إلى الميزانية.في حين أننا ما زلنا نتحدث عن عجز في الميزانية.
لكن باطلاعنا البسيط على مضامين مشروع قانون المالية نجد أن معدل عجز الميزانية بدون احتساب يخالف مداخيل الخوصصة وعجز الميزانية باحتساب الخوصصة؟
نحن على كل حال مع مسألة باحتساب،. فالدول لا توافق كلها على احتساب مداخيل الخوصصة لحساب العجز، إذ البعض يدخلها والآخر لا يدخلها لأنها مجرد حساب. مداخيل الخوصصة بالمغرب إذن توجه نحو صندوق الحسن الثاني. أما عجز الميزانية فيمول بالاقتراضات سواء الداخلية أو الخارجية، ولا يمول من الخوصصة. وأنا مع الذين يقولون بأنه لا يجب احتساب مداخيل الخوصصة لمعرفة معدلات العجز. مثلا عندما تكون هناك مصاريف مكافحة آثار الجفاف يقال إن هذه المصاريف ليست دائمة وأنها استثنائية، لكن البعض يعتبرونها دائمة. إذن هناك نقاشات فقط، أما الحقيقة فهو أنه إذا كانت الخوصصة هي جلب الأموال لإعادة صرفها فلا.
قلتم أخيرا إن المغرب يحتل المرتبة الأولى من حيث جلب الاستثمارات الأجنبية، حوالي 3 مليارات دولار سنة 2003 نقلا عن صندوق الأمم المتحدة للتنمية والتجارة.
(مقاطعا) إحصائيات صندوق الأمم المتحدة للتنمية والتجارة أعطت إحصائيات واقعية عن المرحلة مابين 1997 2002 تؤكد أن المغرب يأتي في المرتبة الأولى قبل مصر و تونس.
ماذا أعدت الوزارة بشكل خاص والحكومة بشكل عام لتحسين صورة الاستثمار بالمغرب وجلب أكبر قدر من الاستثمارات؟
نعم نظمنا موعد الاستثمار العربي في فبراير، و قمنا بجولات في فرنسا وإيطاليا واسبانيا للترويج للاستثمار، ناهيك عن تنظيم تكاملات الاستثمار في الصخيرات في 11 و 12 دجنبر الحالي والتي حضرها أزيد من 170 مستثمر أجنبي بالإضافة إلى حوالي 350 مستثمر مغربي ومؤسسات وطنية ودولية متخصصة. وتنشيط الاستثمارات بالنسبة لي لا يقتصر على هذه التظاهرات، بل إن توقيع اتفاقية التبادل الحر مع أمريكا مثلا سيساعد على جلب الاستثمارات حيث سيكون للمستثمر انطلاقا من المغرب سوق أوروبية وأخرى أمريكية وسوق عربية التي لنا في سياقها اتفاقات مع العديد من البلدان العربية، كل هذا يظهر أن المغرب لا يراهن على رؤوس الأموال الداخلية فحسب.
ماذا عن جلب رؤوس الأموال العربية التي هاجرت السوق الأمريكية والسوق الأوروبية بعد تشديد الولايات المتحدة الأمريكية المراقبة على الأرصدة العربية في سياق حربها على الإرهاب؟
من الإجراءات التي قمنا بها لجلب هذه الأموال كما ذكرت تنظيمنا لموعد الاستثمار العربي. ويجب ألا ننسى أن المغرب من الدول العربية الأولى التي استقطبت رؤوس الأموال العربية كالشركة المغربية الكويتية التي أنشئت منذ نهاية الستينات وشركة ساليما هولدينغ مع لافيكو الليبية، وشركة أسماء مع رؤوس أموال سعودية، وسوميد مع الإماراتيين، بالإضافة إلى استثمارات عربية من جهات أخرى، مثل شركة كورال التي يديرها سعوديون و التي كان مصدر رؤوس أموالها من السويد.
قلتم في إحدى الندوات بطنجة أنه على الأبناك والمقاولات أن تتجاوز في علاقتهما مع بعضها البعض علاقة الشك والريبة إلى علاقة الثقة. أين تتجلى علاقة الشك هذه؟
أنا لم أقل علاقة شك أو ريبة، بل قلت إن هناك علاقة حذر و حيطة وأن قاعدة العلاقات هذه بين الطرفين، هي كذلك في سائر دول المعمور وليس فقط في المغرب. بالفعل فالبنك يقول إن المقاول لا يكشف عن الأرقام الحقيقية، والمقاول يقول إن المؤسسة البنكية لا تريد تمويل مشروعه لأنها لا تثق فيه وتفرض عليه ضمانات كبيرة، وكل طرف يريد أن يظهر أنه هو الذي على حق. بالنسبة لنا نحن، يجب على الطرفين أن يجالسا بعضيهما ويقاربا وجهات نظرهما، حتى لا تبقى العلاقة في هذا المستوى من ضعف الثقة، والمؤكد هو أن التواصل يظل ضعيفا سواء داخل البنوك أوداخل المقاولات كل على حدة أوفيما يخص التواصل فيما بينهما.
ما هو تقييمكم للأداء الحكومي، خاصة وأن الحكومة تضم وزارء تكنوقراطيين وآخرين متحزبين؟
الفريق الحكومي يشتغل وفق خطة وتصريح حكومي، وزراء استقلاليون كانوا أم اتحاديون أم حركيون أم أحرار، أم غيرهم، هناك انسجام وتكامل.
نريد أن نعرف حقيقة موضوع الخبز؟ ألا تتخوفون من اندلاع انتفاضة شبيهة بانتفاضة الخبز التي عرفها المغرب سنة 1981 في حال زيادة ثمن الخبز؟
ليست هناك أي أزمة، إذ الخبز يباع ويشترى وما أود قوله في هذا الموضوع قد قلته في البرلمان.
حاوره: محمد أفزاز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.