عقدت الخلية النسوية التابعة للمجلس العلمي بفاس يوم الأحد 5 رمضان الأبرك 1423 ندوة دينية علمية ساهمت في تأطيرها كل من الأستاذة صباح بوعياد (حاصلة على دبلوم الدراسات العليا في العلوم الإسلامية) والدكتورة ربيعة شملال (طبيبة عامة). انطلقت الأستاذة بوعياد من حديث "قد جاءكم المطهر" لتفسر مفهوم التطهير الذي يعني إزالة رواسب الشبع والتبذير وآثار الاستغراق في الشهوات، معتبرة أن رمضان يعود بالخلق للتذكر في سر الوجود، فيتحرر الإنسان من تلك السيطرة البغيضة للمادة. ويعني التطهير أيضا تنقية المعاصي والتدرج بالصائمين إلى مسالك الجنة عبر الجود والصلاة والذكر وقراءة القرآن والاستغفار. في شهر الصيام، تضيف المحاضرة، تهب نفحات إيمانية عالية تسمو بالصائم إلى مرتبتي التقوى والإحسان، وتساهم في بناء توازن نفسي وتكافل اجتماعي. كما أن الصيام سبيل لتجديد الصحة، فبه تتقوى الأجساد ولا تضعف. وهو علاج لبعض الأمراض يوصف حتى عند غير المؤمنين المسلمين: فمن ذلك أن الدكتور لوسياني يقول بأن الصيام يقوي العضلات، ونصح غيره باستعمال الصيام الصحي (أي الذي ينصح الصوم فيه للعلاج دون أن يكون ذلك على أرضية تعبدية) لمدة لا تقل عن 15 يوما. كما ربط بعض المحللين بين إمكانية الصيام الصحي والتخفيض من الإقبال على صناديق الضمان الاجتماعي. أما الدكتورة ربيعة شملال فانطلقت من أن لكل شيء زكاة، وزكاة الجسد هي الصوم. والصوم جنة، أي وقاية ويدخل ضمن الأدوية الروحية. وجددت التذكير بدورها بأن غير المسلمين يتعاملون مع الصيام كعلاج لبعض الأمراض مثل الكوليرا. بعد ذلك انتقلت شملال للحديث عن فيزيولوجية الصوم: فأشارت إلى أن مستوى السكر في الدم يجب أن يبقى ثابتا، وأن الدماغ لا يقبل إلا مادة glucose ، بحيث إذا انخفضت هذه المادة تحت تأثير الانقطاع عن الأكلوالشرب، أرسل المخ رسائل متعددة إلى بعض الغدد والهرمونات التي تحةل مخازن الطاقة إل سكر، وذلك حتى يتمكن الجسم من الحفاظ على مستوى ثابت من السكر، ومن تجديد مخزونات الجسم. ومن ثم تأتي حكمة تشريع الصيام في النهار، أي لاستخدام الطاقة الجسمية عن طريق الحركة والعمل في تجديد المخزونات الدهنية وغيرها. لذلك فمن يقضي صومه في النوم فهو فاقد لفوائد دينية وصحية. هكذا يتضح أن الصوم و آلية لاستصلاح أعطاب الجسم فضلا عن أبعاده الدينية والاجتماعية. ومن الناحية الطبية المحضة، فإن الصوم يساهم كذلك في امتصاص نفايات سامة تضمها الأمعاء، وتسترجع أجهزة التفريغ الهضمي والبولي نشاطها وحيويتها، ويعاد ضبط التوابث البيولوجية (ولذلك تطلب التحليلات الدموية في حالة صيام)، ويكون الجسم بالصوم أكثر صفاء عند إجراء العمليات الجراحية حيث تحقق ظروف أفضل لإجراء الجراحة وبالتالي استشفاء المريض. ويمكن التراوي من بعض أنواع السرطان عن طريق الحمية، وتعاد الحيوية للخلايا والأنسجة، وتتحسن وظائف العقل حيث تطفو لريه الإحساسات الروحية والقدرات الدينية. وقدمت السيدة المحاضرة مجموعة من النصائح الطبية للصائمين: فدعت إلى عدم ملء المعدة كاملة بالطعام، وإلى الإكثار من الخضروات، وتناول أكلات غير دسمة، وأخذ سحور مناسب قبيل الفجر، وتنظيم النوم للاستيفاق في السحور، وشرب ليتر ونصف من الماء لتشغيل الكلي في النهار، والابتعاد عن العجائن. وفي الأخير تناولت الطبيبة علاقة الصوم ببعض الأمراض المزمنة: حيث ألحت على المريض بالسكري الذي يستعمل الحقنة بالإفطار وعدم فدية الصوم بعد رمضان، وذلك لأن المرض مزمن. أما مريض ارتفاع الضغط غير المصاحب بأمراض القلب أو الكلي فيمكنه الصيام، وهو الأمر الذي لا يستحب لصاحب قرحة المعدة لأن بعض الأحماض ترتفع وقد تحدث ثقبا بعضو الهضم هذا. وعلى هامش المحاضرتين طرح الحاضرون الذين غص بهم المدرج أسئلة متعددة لها ارتباطات مباشرة وغير مباشرة بموضوع الندوة. وقد أعرب الجميع عن استحسانه لمقاربة المحاضرتين، داعيا إلى مزيد من الأنشطة المماثلة سواء المتعلقة بركن الصيام أو بباقي أركان الإسلام ومقاصده وأصوله وفروعه. الدكتور سعيد سامي