منَّ الله علينا خلال شهر رمضان لهذه السنة بالبرامج الرائعة التي تبثها قناة "اقرأ" الفضائية وبعض القنوات العربية التي أصبحت تتنافس مثلا في بث محاضرات الداعية المصري عمر خالد وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، ورغم أن ذلك قد عوضنا عن حصص قناتينا الأولى والثانية وخاصة هذه الأخيرة، فإننا كنا نود أن يكون الشعار الذي ترفعه قناة "اقرأ" الفضائية شعارا لقناتينا الوطنيتين وأن تكون برامجهما ترجمة عملية لذلك الشعار، لأن بلدنا المغرب ليس أقل شأنا في عمق تدين أهله وارتباطه بقضاياه المصيرية. لقد كان بودنا نحن أيضا أن نتمتع بمشاهدة مسلسل "فارس بلا جواد" بدل قصفنا يوميا بتفاهات مسلسل "للا فاطمة" وهبوطه الأخلاقي في هذا الشهر الفضيل. وكنا نود أن يكون لنا أيضا برنامج مثل برنامج "منى وأخواتها" بدل أن نقصف ببرامج من قبيل للافاطمة وأخواتها لأننا لنا نحن كذلك عشرات الفنانين والرياضيين الذين يعرفون أن الفن والرياضة التزام كذلك، وأن الرياضيين والفنانين المغاربة يتحرقون كذلك على واقع الأمة ويتألمون لمعاناة الشعوب الإسلامية في العالم وأن فيهم كذلك من يؤمن أن الفن لا يكتمل جماله إلا إذا ارتفع اهتمامه عما فوق الحزام، وأن الرياضة قبل أن تكون عضلات مفتولة وأرقاما قياسية وملايير تكدس في الأبناك وكبرياء وعجرفة فارغتان هي وسيلة من وسائل التعارف الإنساني بين الشعوب وارتقاء بوعي الرياضي وخروج من نرجسية الذات إلى روعة الإحساس بالانتماء إلى الأمة. ذلك هو ما أثبته البطل العالمي هشام الكروج حينما توج أحسن بطل عالمي لهذه السنة، ذلك أنه خلال حفل التتويج الذي كان يتابعه العالم بأكمله ومن أعلى منصته انتصب البطل بلباسه المغربي الأصيل، ولم تنسه نشوة التتويج انتماءه الوطني والقومي والإسلامي كما أنه لم ينس في غمرة الأضواء والكاميرات وأعين ملايين المشاهدين شهر رمضان الفضيل فنطق بكلمات مؤثرة بالمناسبة قائلا: "بمناسبة شهر رمضان المبارك أهدي هذا الفوز إلى جميع المسلمين في العالم وخاصة الشعوب الإسلامية التي تعاني في فلسطين والعراق والشيشان" وبذلك يكون البطل العالمي قد جمع بين الاستحقاق الرياضي والاستحقاق الخلقي وقدم صورة للإنسان العميق الكامن داخل الإنسان المغربي أي غير تلك الصورة التي يسعى الإعلام الرسمي إلى تسويقها أي صورة الإنسان التافه المشغول بشهواته ونزواته والمنقطع عن انتمائه العربي والإسلامي وقضايا أمته الكبرى. فهنيئا لك التتويج يا هشام على عرش أحسن رياضي في السنة، وهنيئا لك التتويج على عرش الالتزام بقضايا الأمة والوعي بها، وهنيئا لك كل سجدة تسجدها وأنت تحطم رقما قياسيا وتجري تحيي الجماهير المغربية والعربية والمسلمة وتحييك وأنت تحمل العلم المغربي. وهنيئا لك جمالك بالجلباب والطربوش والبلغة المغربية تتباهى بكل اعتزاز وبدون مركب نقص.