كانت أول فتاة تغادر قريتها الصغيرة "تمنوكالت" ضواحي أكدز بداية الثمانينات من القرن الماضي، ومنذ السنوات الأولى من التحاقها بالمدرسة الابتدائية التي كان والدها مدرسا بها، سقطت في حب الفرشاة والألوان وهي لا تتعدى بعد سنة العاشرة من عمرها. رغم عتاب ولوم سكان القرية لأسرتها على السماح لبنتها البكر بمغادرة القرية في وقت لا تزال فيه الفتاة آنذاك تزوج في سن مبكرة ولا تسمح لها بالسفر بعيدا عن الأسرة ولو من أجل التمدرس.. رشيدة أبو السكر، فنانة عصامية، تعشق وتبدع أناملها على لوحات الفن الواقعي والتجريدي ولا يقهرها السوريالي أيضا، رغم أنها ومنذ سنوات خلت التزمت وريشتها الصمت وكأنها لم تكن يوما تبدع وتعرض وتسوق أعمالها في المحافل الثقافية بين أسوار الجامعة وحتى بعد التحاقها بالعمل بجريدة " التجديد" بالرباط.. زوجة المسؤول العسكري الذي يلومها إلى اليوم على عدم اهتمامها وعدم استمرارها في صقل موهبتها والاستثمار أكثر في قدراتها في فن يعشق إبداعاته كل من يحب الجمال ويؤمن بالإبداع.. رشيدة، الفنانة التشكيلية، التي درست العلوم الاقتصادية منذ ولوجها التعليم الثانوي بمدينة ورزازات خلال التسعينات، تؤكد ل"جديد بريس " في لحظة بوح عن علاقتها بالريشة والألوان أنها ومنذ المستوى الابتدائي كانت تساعد زملائها على رسم الخرائط والأشكال الهندسية، وتحب أن ترسم العرائس وتميل إلى الحياة الواقعية من خلال إنجاز لوحات حول الطبيعة من قبل الحقول الوردية وواحات النخيل وكل المناظر الطبيعية بشتى أنواعها.. السفر بعيدا عن الأسرة قدر محتوم في حياة أبو السكر، التي تنحدر من مسقط رأس بل تنتمي إلى جيل المذيع المغربي المختفي فؤاد أيت القايد مقدم برنامج سمير الليل على الإذاعة الوطنية سابقا، فبعد حصولها على البكالوريا في العلوم الاقتصادية حطت الرحال، ومعها كل ما يتطلبه الفن التشكيلي بكلية العلوم الاقتصادية بالمدينة الحمراء، حيث فتحت لها أبواب التواصل أكثر مع فضاءات الإبداع والعرض، قبل أن تحط الرحال من جديدا وهذه المرة بحثا عن العمل قبل أن تستقر بشكل رسمي بمدينة سلا.. رشيدة التي تتذكر وهي تحكي ل"جديد بريس" ثاني منبر يسلط الضوء على تجربتها بعد حوار سبق ان أجرته معها حاورتها منذ سنوات مجلة المنهل العربية، أن من بين الأعمال التي تتذكرها ولا تزال راسخة في ذهنها لوحة أنجزتها وهي تلميذة في السلك الإعدادي في إطار الأيام الثقافية لإعدادية النخيل بأكدز، صورة للملك الراحل محمد الخامس " كتبت عليها عبارة ثورة الملك والشعب "، تضيف رشيدة أنها أنجزت لوحة لطفل فلسطيني في أشهره الأولى يشير بشعار النصر بأصابعه كانت من بين الأعمال التي تثير إعجاب زوار معرضها في رحاب جامعة القاضي عياض بمراكش.. صقل الموهبة عند أبو السكر أتيح لها في مرحلة من عمرها " كان فنان تشكيلي إسباني استقر بأكدز وكان صديقا للعائلة، مكنني من مجموعة من التقنيات والقواعد الأساسية في الفن التشكيلي.. قبل أن التحق بالرباط بعد سنوات بمراكش حيث تابعت دراستي بمعهد للتكوين المهني لمدة سنتيتن بعد الجامعة والعمل بجريدة "التجديد" منذ 1995، تردف أبو السكر الأم لطفلتين والمستخدمة في القسم التجاري بجريدة التجديد. الإبداع والطموح لم ينتهي لذا الفنانة التشكيلية كما لا ينتهي الإبداع لدى محبي الفرشاة والألوان، في محرف الفنان التشكيلي " لحسن أوبازي" بالمستشفى الجامعي إبن سينا بالرباط تلقت أيضا دروسا في المجال، في الوقت الذي جاءت حينئذ إلى المستشفى قصد إجراء فحوصات وتحاليل طبية اكتشف موهبتها أوبازي وهي في قاعة الانتظار وهي تعيد رسم لوحات له كانت معلقة على جدران القاعة، فأبى خريج مدرسة الفنون الجميلة بتطوان إلا أن يمنحها فرصة حصة أسبوعية كل يوم سبت تمكنت خلالها من صقل الموهبة أكثر.. تختم رشيدة حديثها مع " جديد بريس " أن أول أخر معرض أقامته بمقر العمل يعود على مرحلة انتقال جريدة "التجديد" من جريدة أسبوعية إلى يومية " اقتنى مني الأخ محمد يتيم أنذاك بعض أعمالي ..