يجري هذه الأيام العمل على صياغة دفتر تحملات جديد خاص بالقناة العمومية، "ميدي 1 تيفي" بين إدارة القناة ووزارة الاتصال الوصية والمعنية بالإعداد النهائي لهذه النسخة وإحالتها على الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري للمصادقة عليه، فمع متم السنة الماضية انتهت صلاحية دفتر التحملات القديم الذي ما تزال تشتغل به القناة إلى اليوم. بين يدي هذا الاشتغال يثير عدد من المهتمين والمتتبعين للقناة عدد من الأسئلة التي ينتظرون أن يجدوا لها إجابة في الصياغة النهائية للنسخة الجديدة من هذه الدفاتر خاصة الأسئلة التي يعتبرونها أساسية والتي تهم جانب الحكامة في تدبير القناة، وأيضا ما يهم مساحة الإنتاج الوطني بها، فضلا عن المسألة اللغوية وتدبير تنوعها، وكذا ما يهم عكس القناة لمبادئ الخدمة العمومية، في صلة بالحراك الذي يعرفه مجال الإعلام بالمغرب وأيضا أمام الترسانة القانونية ذات الصلة وعلى رأسها دستوى 2011، بالنظر إلى الملاحظات العدة والمتراكمة على القناة في المستويات الأربع المشار إليها. وفي صلة بهوية القناة يذهب أكثر من رأي إلى ضرورة تقوية الهوية الوطنية بالقناة وتعزيز البعد المغاربي، دون إغفال للمجال الإفريقي في صلة بقضية الصحراء المغربية وما يتطلب ذلك من عمل، وهي ثلاثية يراهن البعض أنها ستعطي للقناة إضافة نوعية في مجال الإعلام العمومي، عوض السقوط في التكرار وإعادة إنتاج ما هو كائن ، يتخوف آخر. ومن بين ما يزكي ما سيأتي من ملاحظات في هذا الصدد ما كشف عنه التقرير الأخير للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري من هيمنة اللغة الفرنسية على البرامج التي توجهها قناة "ميدي 1 تيفي" للأطفال وذلك بنسبة وصلت 82 بالمائة، بالإضافة إلى هيمنة الإنتاج الأجنبي على الإنتاج الوطني بالقناة والذي يصل إلى 91 بالمائة وكلها أعمال أجنبية من صنف الرسوم المتحركة ولا تقدم القناة أي منتوج وطني موجه للأطفال، وهي ذات ملاحظات هيمنة اللغة الفرنسية والإنتاج الخارجي على الداخلي التي يسجلها العديد من المتتبعين على القناة، في مختلف برامجها وفقراتها الأخرى. ويحضر في خضم هذا النقاش كذلك ما أثير ما حملته الرسالة التي وجهها رئيس مجلس النواب إلى المجلس الأعلى للحسابات وأيضا ما حملته شكاية في الموضوع وجهت لوزير العدل والحريات من طرف الشبكة المغربية لحماية المال العام، وقد تناولت كلا الرسالتين حديث عن شبهة اختلالات مالية وتدبيرية تعرفها القناة وذكروا منها ارتباط مسؤول بالقناة بشركات معينة يتم تفويت صفقات بعينها لها، وأيضا استفادة شركات معدودة من صفقات الإنتاج الخارجي فضلا عن ملاحظات جمة دفعت عدد من الموظفين والصحفيين بالقناة التي تبث من طنجة إلى تقديم استقالتهم منها محتجين على اختلالات في التدبير والتسيير كما أسر بذلك بعض المعنيين ل "التجديد" في وقت سابق. في هذا الإطار يرى، محمد عبد الوهاب العلالي، رئيس شعبة السمعي البصري، بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، أن قناة "ميدي 1 تيفي" مطالبة بتعزيز البعد المغاربي والإفريقي، مشيرا إلى أن المجال السياسي والاقتصادي يسبق الإعلامي على هذا المستوى مما يتطلب برمجة ذات الصلة بهذا البعد. مشددا على ضرورة أن تكون القناة حاملا للقضية الوطنية. العلالي يرى أن دفتر تحملات القناة الجديد ينبغي أن يولي عناية خاصة بالفيلم الوثائقي والبرامج الوثائقية عموما، خاصة منها يتابع العلالي تصريحه ل "التجديد" البرامج ذات الصلة بالذاكرة المغربية والمغاربية مع تعميق توجه القرب من المواطنين وهمومهم وانشغالاتهم. العلالي يقترح كذلك أن على خط الانفتاح بالقناة أن يتجه أكثر نحوى حضور مختلف الطاقات والفعاليات السياسية والثقافية ومكونات المجتمع المغربي، تقوية توجه الانفتاح هذا سيساهم حسب أستاذ الإعلام بالمعهد في أن تصبح "ميدي 1 تيفي" قناة للقرب بالنسبة للمغاربة والمغاربيين. العلالي ثمن البرامج الحوارية الموجودة، واستدرك قائلا "لابد من برامج قوية تهم القضايا الكبرى الوطنية والدولية حتى يعود المغاربة من هجرتهم للقنوات الأجنبية". فؤاد بوعلي، رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، سجل ضمن هذا النقاش أن الجانب اللغوي لم يعطاه حقه وأنه حتى عندما يُنص عليه لا يجد طريقه للتطبيق، كما لاحظ بوعلي في تصريحه ل "التجديد" أن عبارة توظيف لغة عربية مبسطة، تقدم بهذه الدفاتر بتوصيف مغلوط، لأنها تحتمل عدة تأويلات، متسائلا هل الدارجة هي المقصود بالتبسيط؟ وذكر في هذا الصدد أن الائتلاف بصدد إعداد تقرير رصدي ومقترحاتي حول الواقع اللغوي بالإعلام العمومي سيتم توجيهه لوزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة. بوعلي الموجود على رأس ائتلاف بأزيد من 100 جمعية، شدد عن أهمية اعتماد الدستور المغربي كخلفية أساسية ومرجعية مؤطرة لدفاتر التحملات بأبعادها المرتبطة بالحكامة وأيضا بتدبير التعدد اللغوي، وأضاف إن اعتماد لغات أجنبية دون ضابط يكرس هيمنتها ويزكي ثقافة الاستلاب كما هو الشأن بالنسبة للغة الفرنسية كنموذج.