دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إلى إيجاد «حل عاجل» لقضية الصحراء بسبب تنامي عدم الاستقرار وانعدام الأمن في منطقة الساحل، داعيا إلى فتح الحدود بين المغرب والجزائر لما فيه مصلحة المنطقة والمجتمع الدولي، وأكد الأمين العام في تقريره الأخير حول الصحراء أول أمس بنيويورك أن «تنامي عدم الاستقرار وانعدام الأمن داخل وحول منطقة الساحل يستوجب حلا عاجلا لهذا النزاع الذي طال أمده». وعبر الأمين العام، عن انشغاله الكبير بشأن أمن أفراد بعثة «المينورسو»، وأوضح استمرار تعليق الدوريات الليلية للمينورسو لكونها معرضة لمخاطر كبيرة بسبب تسللات محتملة لعناصر مسلحة، ووجود ثغرات في التنسيق على مستوى الأمن إقليميا، وذكر بخطف ثلاثة أوروبيين يعملون في المجال الإنساني بمخيمات تندوف في أكتوبر 2011 واستدعاء 17 من عمال الإغاثة العاملين في هذه المخيمات سنة 2012. وشدد على أهمية معالجة قضية الصحراء في إطار استرتيجية أوسع لمنطقة الساحل، معتبرا أن النزاع هو «في المقام الأول نزاع يهم شمال إفريقيا. «مون» أشار في تقريره، إلى الوضع الإنساني لساكنة المخيمات من خلال تذكير المجتمع الدولي بالخطاب الملكي ليوم 6 نونبر 2012، الذي دعا فيه الملك، «المجموعة الدولية للانخراط القوي لوضع حد للمأساة، التي يعيشها أبناؤنا في تندوف داخل التراب الجزائري حيث يسود القمع والقهر واليأس والحرمان بأبشع تجلياته، في خرق سافر لأبسط حقوق الإنسان». وأكد بان كي مون، في هذا السياق، «تعاون المغرب مع الإجراءات الخاصة» لمجلس حقوق الإنسان، وقال إنه تم «تشجيعه» من خلال التوصيات الأخيرة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان «المؤيدة» من قبل المملكة. المثير، أن تقرير «مون»، يأتي في سياق اعتراف قادة «البوليساريو» بتسلل إرهابيين إلى تندوف، ووجود ثغرات في التنسيق الأمني الإقليمي ونقص الموارد من أجل السيطرة على الحدود بشكل فعال، فيما تتوالى منذ أزمة شمال مالي صدور تقارير استخباراتية تكشف تورط عناصر من «البوليساريو» في أزمة شمال مالي، من خلال تواطئها مع المجموعات المسلحة التي تنشط بالمنطقة، ووصول عدد من مقاتليهم إلى شمال مالي حيث وضعوا خدماتهم رهن إشارة الجهاديين المسلحين. تاج الدين الحسيني أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس، اعتبر التقرير أنه يشكل نقلة نوعية في علاقة الأمم المتحدث بحل نزاع الصحراء، لأن بان كي مون يربط لأول مرة الساحل وضرورة حل نزاع الصحراء المغربية، وقال المتحدث في تصريح ل»التجديد»، إن التقرير يشكل نصرا للمغرب لأن التدهور المتوالي للأوضاع في المنطقة يشكل مصدر قلق للقوى الدولية، مضيفا أن هذا الربط الجدلي في إطار استراتيجية شمولية لا يمكن أن يجد طريقا آخر غير الحكم الذاتي. وأبرز الحسيني، أنه لأول مرة أيضا يتم الربط بين نزاع الصحراء والجزائر، من خلال تركيزه على ضرورة فتح الحدود المغلقة بين الجارين وتأكيده أن التكامل المغاربي يشكل حجر الزاوية الأساس. من جهته، اعتبر خالد شيات أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، أن التقرير الأخير الذي قدمه مون فريد من نوعه بالمقارنة مع التقارير السابقة لأنه يأتي في سياق استراتيجية الأمين العام للأمم المتحدة بخصوص نزاع الصحراء بعد الجولة المكوكية التي قادته إلى عواصم عالمية مؤثرة إضافة إلى زيارته للجهات المعنية، وأكد شيات في تصريح ل»التجديد»، أن هناك اقتناعا اليوم على أن استمرار عدم حل ملف الصحراء سيكون له وضع كارثي على المنطقة برمتها ودول الجوار الأوروبي. المتحدث أبرز أن البعد الإنساني للقضية كان حاضرا في تقرير "كي مون" لأنه قد يساهم في تنامي التطرف داخل مخيمات تندوف مما ينذر ببداية أزمة لا يمكن توقع حلها، وأشار الشيات، إلى أن جزءا كبيرا من الحل السريع بيد الجزائر التي تمر بوضعية اقتصادية أحسن من الدول الأطراف الأخرى، لكن بتوافق مع أطراف إقليمية أخرى كالاتحاد الأوروبي وأمريكا.