أقدمت جرافات الاحتلال الصهيوني، ليلة أول أمس، وتحت جنح الظلام على تفكيك مخيم «قرية باب الشمس» أقامه قبل أسبوع ناشطون فلسطينيون على أراض فلسطينية سيصادرها الاحتلال الصهيوني لبناء مشروع استيطاني سيكمل تقسيم الضفة الغربية وفصلها عن شرقي القدسالمحتلة. ونقلت وكالة الأناضول للأنباء عن وسائل إعلام فلسطينية قولها إن قوات كبيرة من جيش الاحتلال مصحوبة بالآليات والجرافات، داهمت القرية، وقامت بهدم وتفكيك وإزالة خيام القرية التي أعاد الناشطون الفلسطينيون نصبها، بعد أيام من تفكيكها. وأوضح ناشطون في لجان المقاومة الشعبية الفلسطينية، أن القوات الصهيونية حاصرت منطقة واسعة في محيط القرية، وأغلقت بالأتربة والصخور مختلف الطرق والمسارب المؤدية لها، قبل أن يشرع الجنود والفنيون الصهاينة بتفكيك وهدم الخيام. وكانت ما تسمى ب»المحكمة العليا» الصهيونية، أصدرت مساء أول أمس قرارا يسمح لحكومة الاحتلال بإزالة قرية باب الشمس، ملغية الأمر المؤقت. وادعت المحكمة في قرارها أن إبقاء الخيام في القرية يمكن أن يحرض على المزيد من الاضطرابات، وفق ما نقلت عنها وكالة الأنباء الفرنسية، حيث اعتبرت أن مخاطر حصول «اضطرابات في النظام العام» الناتجة عن هذا المخيم أقوى من «الحجج التي قدمت بشأن حقوق الملكية»، كما جاء في بيان. وقال ميكي روزنفيلد ل»فرانس برس»: «قامت الشرطة بتفكيك الخيم ال24 في هذا المخيم خلال الليل ولم يسجل أي حادث خلال العملية وبعدها»، مضيفا أن «المنطقة بكاملها باتت خالية من الناس والمعدات». وكان مئات من عناصر قوات الأمن الصهيونية قد قاموا صباح الأحد الماضي بإخلاء المخيم من الناشطين المائتين الذين كانوا أقاموه قبل يومين في موقع مشروع «إي 1» الاستيطاني بين الضفة الغربيةوالقدس المحتلتين. ونجح نحو 150 فلسطيني في العودة إلى القرية، وأعادوا نصب الخيام، من جديد قبل أن تهدمها قوات الاحتلال مجدداً. وأطلق الناشطون على الموقع اسم «باب الشمس» نسبة لرواية تحمل الاسم نفسه للكاتب اللبناني الياس خوري وتتحدث عن النكبة واللجوء والمقاومة الفلسطينية. وأدرج الناشطون تحركهم في إطار استراتيجية «خلاقة» للمقاومة السلمية في مواجهة الاستيطان والاحتلال الصهيونيين. وأرادوا بذلك الرد على توسع المستوطنات الصهيونية. وكان الفلسطينيون حصلوا بواسطة محاميهم على أمر من المحكمة يقضي بترك خيمهم في المكان. غير أن رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتينياهو الذي يخوض حملة انتخابية طالب بإلغاء هذا القرار. والمنطقة «إي 1» تؤمن اتصالا بين مستوطنة معاليه ادوميم في الضفة الغربية التي يقيم فيها 35 ألف مستوطن صهيوني والأحياء الاستيطانية في شرقي القدسالمحتلة منذ 1967. وفي حال تنفيذه، سيعرقل مشروع البناء الاستيطاني «إي 1» قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة في المستقبل. وتعتبر الأسرة الدولية جميع المستوطنات الصهيونية غير شرعية ولا تعترف بضم الكيان عام 1967 شرقي القدس التي تعتبرها السلطة الفلسطينية عاصمة الدولة المستقبلية. إبداع فلسطيني وصدمة صهيونية وكان النشطاء الفلسطينيون، ومعهم المتضامنون الأجانب، قد أبدعوا في كسر الحصار المنيع الذي فرضته قوات الاحتلال الصهيوني ومخابراتها والمستوطنون على المنطقة خلال عودتهم إلى مخيم “باب الشمس" قبل قرار المحكمة الأخير، حيث استخدم النشطاء أحد أساليب الانتفاضة الأولى في الثمانينيات، وأقاموا عرساً وهمياً لعروس بكامل حلتها وعريس وسيم يلبس البدلة وكأنه في ليلة زفافه فعلاً. ووفق وكالة (معا) الفلسطينية، فقد سار المشاركون في زفة العروس باتجاه المنطقة وهم يشغلون أضواء السيارات “الفلاشر" وسط تصفيق وطبل وموسيقى وأهازيج، وكانت صدمة مخابرات الاحتلال الصهيوني في ذروتها حين قفز الجميع من السيارات وعلى رأسهم العروس والعريس ورفعوا الأعلام الفلسطينية في القرية. ومرت فترة حتى فهمت شرطة الاحتلال ما يحدث، لا سيما أن كاميرات الصحافيين كانت مرافقة للعرس باعتبار أنهم مصورو حفلات ولم تعرف مخابرات الاحتلال انها كانت كاميرات أهم وكالات الأنباء في العالم. وبعد أن اكتشف جنود الاحتلال أنهم أصبحوا أضحوكة للمتضامنين كانت ردة فعلهم همجية وأطلقوا قنابل الغاز والصوت والرصاص المطاطي وأصابوا العديد منهم، بينهم المصور الصحافي ناصر الشيوخي واعتقلوا 14 مشاركاً وانتشرت قوات الاحتلال من رام الله الى بيت لحم تحسبا لمفاجآت جديدة. رد فعل حكومة «فياض» في غضون ذلك، اتخذت الحكومة الانتقالية الفلسطينية برئاسة سلام فياض، الثلاثاء الماضي، قراراً باستحداث هيئة محلية في محافظة القدس تحمل اسم قرية “باب الشمس"، وكلفت وزير الحكم المحلي بتعيين لجنة لإدارة مجلسها القروي. وقال وزير شؤون القدس، عدنان الحسيني، لصحيفة “الخليج" الإماراتية، إن القرار جاء بعد المبادرة المميزة بإنشاء القرية على الأرض. وأكد أن هذه التجربة ستتكرر في مناطق أخرى بالضفة الغربيةوالقدس خاصة مع تصاعد جرائم المستوطنين. وقالت الناطقة الرسمية باسم الحكومة نور عودة، إن البناء الوحيد الذي لا يتمتع بالشرعية في أرض دولة فلسطينالمحتلة هو كل ما يتصل بالاحتلال والجدار والاستيطان لما يشكله من خرق واضح للقانون الدولي.