برامج التشغيل الذاتي..الحصيلة والآفاق

استطاعت برامج التشغيل الذاتي المعتمدة من لدن الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات أن تحقق نتائج متفاوتة خلال السنوات القليلة الماضية، بالإضافة إلى مساعدة العديد من الشباب للولوج إلى سوق الشغل.
وتشير المعطيات إلى أن برنامجي «إدماج» و»تأهيل» سجلا نتائج مهمة، إلا أن برنامج «مقاولتي» أفرز إشكالات كبيرة لشباب كانوا يحلمون بإنشاء مشاريع خاصة بهم.
وبلغة المؤشرات، فإن دراسة كشفت أن 75 % من الباحثين عن الشغل والمستفيدين من عقود برنامج «إدماج» ينجحون في الحصول على الإدماج المستدام بنسبة 63 % من العقد ذي المدة غير المحدودة. وبخصوص برنامج «تأهيل «فإن 60 % من المستفيدين يزاولون عملا مأجورا 3 أشهر بعد انتهاء التكوين، هذه النسبة تنتقل من 35% بالنسبة للمستفيدين من التكوين التأهيلي إلى 78 % بالنسبة للمستفيدين من التكوين التعاقدي وإلى قرابة 100 % في القطاعات الواعدة.
أما برنامج «مقاولتي» فإنه حول أحلام شباب إلى كوابيس؛ خصوصا إذا علمنا أنه إلى غاية أبريل من السنة الحالية بلغ مجموع المشاريع الممولة من قبل الأبناك 1862 مشروعا، منها 1533 مشروع وضعت ملفاتها في المتابعات القضائية من قبل الأبناك الممولة أمام المحاكم التجارية، و 500 مشروع منها أصدرت في حقها أحكام بيع الرهون، حسب ما أكده الاتحاد الوطني لجمعيات شباب مقاولتي.
فهل سوف تعتمد الحكومة برامج جديدة لإنعاش التشغيل الذاتي ؟ خصوصا أن سوق الشغل بالمغرب يعرف توافد العديد من الشباب الجدد، أغلبهم من الشباب حاملي الشهادات الذين يواجهون صعوبة في الإدماج، فضلا عن ميول الشباب العاطل نحو العمل بالقطاع العام.
«التجديد» تفتح ملف التشغيل الذاتي بالمغرب وتضع تقييما للبرامج والإكراهات المطروحة واستراتيجية الوزارة في هذا المجال.
أهداف «لانابيك»
أكد تقرير المؤسسات العمومية لوزارة المالية والاقتصاد أن خطة عمل الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات لسنة 2012 ، والتي تعد آخر سنة لثاني خطة تطوير(2009 و2012)؛ ستكرس تعزيز التأهيل المهني لعمل الوكالة و تطوير نوعية خدماتها التي ستفيد الباحثين عن الشغل، على الصعيدين الوطني والدولي، وكذا حاملي المشاريع والعمل الحر وأصحاب العمل. وسيرافق هذا الهدف الاستراتيجي من خلال سياسة منح المكاتب الإقليمية بالقرب مهمة تطوير مهارات الموارد البشرية في المنطقة.
وتهدف خطة العمل لسنة 2012 إلى بلوغ الأهداف التالية :
إدماج 60 ألف باحث عن الشغل لبلوغ 230 ألفا من حاملي الشواهد في أفق 2012.
تحسين قابلية التشغيل من خلال تعزيز التدريب التقني والبحث المنهجي لفائدة 20 ألفا من الشباب حاملي الشواهد.
دعم العمل الحر عن طرق تحسين عملية دعم حاملي مشاريع التشغيل بالتكوين وتقييم المواكبين ووضع آليات الجودة المتكاملة(يضم وضع الملفات بالبنك وانطلاق المشاريع).
تطوير نظام الإعلام : تتبع استغلال نظام «بريد وساطة الشغل» الذي يسمح بالقرب الاتوماتيكي بين بنك المعلومات وفرص الشغل وربط مواقع مختلفة بالوكالة وكذلك إنشاء نظام الدعم واتخاذ القرار .
تطوير التواصل الخارجي.
وما تزال الإنجازات المالية للوكالة برسم سنة 2011 منخفضة وخاصة بالنسبة للاستثمار. فقد بلغت التزامات ميزانية الاستغلال للوكالة ما قدره 149 مليون درهم من التوقعات المقدرة بمبلغ 196 مليون درهم ( 76 %) في حين بلغت قيمة الأداء 125 مليون درهم ( 63 %). أما بالنسبة لميزانية الاستثمار فقد وصلت الانجازات ما قيمته 41 مليون درهم مقارنة مع 43 مليون درهم السنة الفارطة.
ويهدف التقسيم الجغرافي للوكالات وتوسيع شبكتها إلى وكالات جديدة؛ إلى تعزيز تأثير عملها على الصعيد الوطني والدولي، إلا انه لا يزال دور وأنشطة الوكالة مجهولا عند العموم وذلك يرجع أساسا إلى وجود نقص في التعريف بأنشطتها. وبالإضافة إلى ذلك، كشفت دراسة عن أثر برنامج «إدماج» أن 75 % من الباحثين عن الشغل والمستفيدين من عقود الإدماج ينجحون في الحصول على الإدماج المستدام بنسبة 63 % من العقد ذي المدة غير المحدودة.
سهيل: وزارة التشغيل تعتزم دعم التشغيل الذاتي في 2013
تعتزم وزارة التشغيل والتكوين المهني دعم التشغيل الذاتي خلال برنامجها لسنة 2013، إذ أكد عبد الواحد سهيل وزير التشغيل والتكوين المهني مؤخرا بالبرلمان؛ أن برنامج عمل 2013 يتمثل في تتبع تنفيذ وتطوير البرامج الجاري بها العمل، واعتماد برامج جديدة في اطار تصور جديد لبرامج انعاش التشغيل، ومتابعة تقييم البرامج الحالية( تأهيل ومقاولتي..)، ووضع الآليات الضرورية للتصور الجديد لنظام الإدماج.
وتتمثل أهداف الإدماج لسنة 2013 بالنسبة لبرامج التشغيل المدعمة في برنامج «إدماج» في هيكلته الجديدة، والهدف هو إدماج 60 ألف باحث عن شغل، وبرنامج «تأهيل»، الذي يهدف إلى تحسين قابلية 20 ألف باحث عن شغل، وبرنامج مقاولتي، ويهدف إلى مواكبة 4000 حامل مشروع. وأكد وزير التشغيل تتبع تنفيذ وتطوير برامج إنعاش التشغيل وتحسين جدواها على ضوء نتائج الدراسة التقييمية، واعتماد برامج جديدة (برامج مبادرة وتأطير واستيعاب). واعتبر سهيل أن الحكومة تهدف إلى خفض نسبة البطالة الى 8 % في أفق 2016، بالإضافة إلى تطوير حكامة سوق الشغل، وتحسين ظروف الإدماج والتشغيل بالقطاع الخاص مع استهداف أمثل لفئات الباحثين عن العمل، ودعم تنافسية المقاولة.
«شباب مقاولتي» يدق ناقوس الخطر
أكد الاتحاد الوطني لجمعيات شباب مقاولتي المغرب أنه بالإضافة إلى ما عرفه البرنامج من مشاكل حقيقية، وما يعانيه مجموعة من الشباب قد وضعوا ثقتهم في الحكومة ووجدوا أنفسهم اليوم أمام ضغط عدم الربح وفائض الديون ومتابعات الأبناك التي تدفع بهم إلى الإفلاس بشكل سريع، مما أجهض هذه التجربة التي تهدف إلى مساعدة الشباب في خلق مقاولات. وأكدت الجمعية، وفق ملف حصلت «التجديد» على نسخة منه، أن الإكراهات الجديدة المرتبطة بالجدارة الائتمانية للمقاولات التي أنشأت في إطار هذا البرنامج شكلت عائقا لدينامية 2009. وفي هذا الصدد ، تم ارتفاع حالة عدم القدرة على التسديد في مختلف المشاريع وبالتالي دخولها في حالة منازعات مع الأبناك الممولة. وتطالب الجمعية بإيقاف المتابعات القضائية في حق شباب مقاولتي وإيجاد حلول تفعيلية واستعجالية لإنقاذ مشاريع برنامج مقاولتي من الإفلاس، خاصة وأن وثيقة المؤسسات العامة المرفقة بالقانون المالي لسنة 2011 أكدت أنه على الرغم من إنجاز مخطط الإنتعاش، فلا زال برنامج مقاولتي يواجه صعوبات من حيث إحداث المقاولات.
1533 مشروع ل«مقاولتي» أمام القضاء
أكد علي العرفاوي رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات شباب مقاولتي، أنه إلى غاية أبريل من السنة الحالية بلغ مجموع المشاريع الممولة من قبل الأبناك 1862 مشروعا، منها 1533 مشروعا وضعت ملفاتها في المتابعات القضائية من قبل الأبناك الممولة أمام المحاكم التجارية، 500 مشروع منها صدرت في حقها أحكام بيع الرهون. وطالب العرفاوي، بإيجاد حلول استعجالية لإنقاذ المشاريع من الإفلاس، وهو ما لا يتأتى إلا بتدخل المسؤولين على البرنامج لتفعيل المواكبة الحقيقية من أجل إدماج مشاريع مقاولتي في التنمية الاقتصادية، وخلق صناديق دعم مباشرة لها. ودعا العرفاوي إلى استفادة مشاريع مقاولتي من برنامج مشاتل المقاولات، وتعويض المشاريع المتضررة، لاسيما أن معظم مشاريع برنامج مقاولتي قد أفلست بعد شهور من تأسيسها، بسبب تماطل الأبناك في تمويلها، حيث عرفت ارتفاع نسبة الديون قبل التمويل (مصاريف الكراء، وفواتر الماء والكهرباء والهاتف والالتزامات الضريبية ومرافقتها في نموها). وطالب المصدر ذاته بضرورة تمويل المشاريع المتضررة؛ بتمويل مباشر أو بإعادة تمويلها أو في إطار الالتقائية مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية حسب تقرير وزارة التشغيل لحصيلة مقاولتي لسنة 2010.