تعرض الشاب وائل الجرموني (مزداد سنة 1988) ليلة يوم 18 يوليوز المنصرم بساحة محمد السادس بالحسيمة لهجوم مباغت من قبل عصابة تتشكل من تسعة أفراد يتزعمها ابن مسؤول الجمارك بمدينة الحسيمة. فبينما كان الضحية رفقة أحد أصدقائه بصدد متابعة حفل موسيقي بالساحة المذكورة، حصلت مشادة كلامية بين صديقه وأحد الشبان المتفرجين في نفس الحفل. وفي الوقت الذي أعتبر فيه الأمر منتهيا ولا يعدو أن يكون مجرد سوء تفاهم بسيط بين شابين يافعين، تطورت الأمور إلى ما لم يكن في الحسبان، حيث تفاجأ الضحية، وهو الذي لا يد له في هذا النزاع، بعصابة مدججة بالعصي والهراوات انهالت عليه باللكم والضرب المبرح حتى أسقط أرضا مغمى عليه، من دون أن يعرف ما جرى له، إلى أن وجد نفسه بقسم المستعجلات (تم نقله في سيارة إسعاف) في حالة لم يصدق فيها نفسه، نتيجة الكدمات والجروح الخطيرة التي اكتشفها في جميع أنحاء جسمه، بعد أن نصح أحد الأطباء الفاحصين لحالته عائلة الضحية، التي سلمها شهادة طبية تثبت مدة العجز في 28 يوما، بضرورة الإبقاء والاحتفاظ به في قسم الإنعاش مخافة وقوع مضاعفات صحية قد تتخذ طابع الخطورة القصوى.أمام كل ذلك، تقدم الضحية بشكاية في الموضوع وتحرير محضر لدى الدائرة الأمنية الإقليمية بالحسيمة والتي أصدرت مذكرة بحث عدد: 35/د، تطالب بالبحث وإلقاء القبض على سبعة أفراد تبين فيما بعد أن بينهم اسم ابن مسؤول الجمارك على المستوى المحلي. وفي الوقت الذي بذل فيه هذا المسؤول جهدا كبيرا لأجل ثني عائلة الضحية عن متابعة ابنه درءا للفضيحة، أصرت عائلة الضحية على عدم الخضوع للضغوطات التي باشرها المسؤول المعني وأكدت على عدم التنازل وإسقاط المتابعة القضائية عن المعتدين بما فيهم ابن المسؤول المشار إليه. الشيء الذي دفع بهذا المسؤول إلى استغلال نفوذه وإرشاء أحد أطباء المستعجلات الذي أمده بشهادة طبية تثبت مدة العجز لدى ابنه في 30 يوما، علما أن ابنه ظل مختفيا وهاربا من العدالة ولم يلج باب المستشفى إلا بعد ثلاثة أيام من وقوع الحادث، مما نتج عنه اعتقال الضحية "وائل" الذي لم يخرج إلا بكفالة مالية قدرها 2000 درهم، وهكذا تحول الجلاد إلى ضحية. ولعل هذه القضية تعيد إلى الأذهان، من جهة أولى، مدى استشراء داء الفساد في صفوف بعض الأطباء المنعدمي الضمير الذين لا يجدون أي حرج يذكر في مخالفة تعاليم قسم أبو قراط وتزوير الشهادات الطبية مقابل حفنة من الدراهم. ومن جهة ثانية، تكشف القضية عن مدى قدرة بعض المسؤولين على استغلال نفوذهم والتحكم في مجريات الأمور وفق أهوائهم وما يناسب مصالحهم كمسؤولين يخول لهم مقامهم هتك أعراض الناس والاعتداء على المواطنين والتستر على فضائح أبنائهم بتدخلاتهم المنافية لكل القوانين والمعرقلة للسير العادي للعدالة، وإلا كيف نفسر عدم اعتقال ابن هذا المسؤول وهو واحد من السبعة المبحوث عنهم في المذكرة التي أصدرتها الشرطة محليا، علما أن المعتقلين من أفراد عصابته قد اعترفوا جميعهم للشرطة بأن ابن المسؤول المسمى "سعد" هو زعيمهم وهو من كان وراء التنكيل بالضحية؟ أضف إلى ذلك أن رائحة التعفن في هذه القضية صارت تزكم الأنوف لدى الرأي العام المحلي وتثير قلقه ومخاوفه، فما هو القول الفصل للعدالة في هذه النازلة؟ ذلك ما ستكشف عنه الأيام القادمة.