لم تمر سوى أقل من 24 ساعة على عرض خدماتها للمشاركة في "الجهد الدولي" لإثبات "تورط" في قضية التجسس بواسطة استعمال برنامج "بيغاسوس"، حتى وجدت الجزائر نفسها مُجبرة على إبعاد التهمة التي باتت تلاحقها هي أيضا، حيث أعلنت عن مقاضاة مؤسسة "مراسلون بلا حدود" الدولية التي وضعتها ضمن قائمة الدول التي اقتنت البرنامج الذي طورته شركة NSO الإسرائيلية. وأصدرت السفارة الجزائرية في باريس، اليوم الجمعة، بيانا يعلن قيامها برفع دعوى قضائية باسم حكومة بلادها ضد منظمة "مراسلون بلا حدود"، ردا على ما اعتبرته "تشهيرا" ضدها بعد أن نشرت المنظمة بيانا على موقعها الرسمي وضع الجزائر ضمن الدول التي تحوز برنامج التجسس الإسرائيلي "بيغاسوس" وأنها تستخدمه للتجسس على جهات أخرى. وجاء في بيان السفارة الجزائرية أن "هذه المزاعم المرفوضة علاوة على طابعها التشهيري والمضلل إنما تندرج في إطار تلاعبات المنظمة "مراسلون بلا حدود" المعروفة بتكالبها على الجزائر"، وتابع أن "الجزائر وانطلاقا من احترامها للحريات الأساسية، الفردية والجماعية، التي يكرسها دستورها ووفاء منها للمبادئ التي تحكم العلاقات الدولية تنفي قطعيا هذه الاتهامات". وأوردت الوثيقة أن "الجزائر تؤكد أنها لا تمتلك إطلاقا هذا البرنامج ولم تلجأ يوما لاستخدامه أو للتعامل أو التعاون بأي شكل من الأشكال مع أطراف لديها هذه التكنولوجيا ذات الأهداف التجسسية من أجل المساس بشرف وسمعة بلد يحترم الشرعية الدولية". والمثير في الأمر هو أن البيان الجزائري يأتي في مضمونه قريبا من التكذيبات الصادرة عن الحكومة المغربية، التي نفت أن تكون قد اقتنت أو استخدمت برنامج "بيغاسوس" للتجسس على مواطنيها أو على مسؤولي دول أخرى، معتبرة أنها مستهدفة من طرف منظمة العفو الدولية ومؤسسة "فوربيدن ستوريز"، اللتان دعتهما، بلغة التحدي، للكشف عن دليل مادي يؤكد ما نُشر. غير أن الجزائر سارعت لإدانة المغرب، عبر وزارة خارجيتها يوم أمس الخميس، حين أصدرت بيانا تعلن فيه عن "قلقها العميق بعد كشف مجموعة من المؤسسات الاعلامية ذات السمعة المهنية العالية، عن قيام سلطات بعض الدول، وعلى وجه الخصوص المملكة المغربية، باستخدام واسع النطاق لبرنامج التجسس المسمى "بيغاسوس" ضد مسؤولين ومواطنين جزائريين، إلى جانب صحفيين ومدافعين عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم". ووضعت الجزائر نفسها في موقف حرج بعد أن أصبحت طرفا متهما أيضا، وذلك بعدما اعتبرت يوم أمس "تبقى مستعدة للمشاركة في أي جهد دولي يهدف إلى إثبات الحقائق بشكل جماعي وتسليط الضوء على مدى وحجم هذه الجرائم التي تهدد السلم والأمن الدوليين، فضلا عن الأمن الإنساني"، بل شددت على أن "أي إفلات من العقاب من شأنه أن يشكل سابقة ذات عواقب وخيمة على سير العلاقات الودية والتعاون بين الدول وفقا للقانون الدولي".