يبدو أن مصيرنا كمغاربة، هو نفس مصير الشعب الجزائري، البلاء بنظام همجي، وحشي، فاقد للعقل والإنسانية، ولروح التاريخ، مثل النظام العسكري الذي يحكم الجزائر اليوم، بعد أن أسس عقيدته، منذ ما يزيد عن نصف قرن، محمد إبراهيم بوخروبة (المدعو هواري بومدين) الذي انقلب على أول رئيس جزائري مَدني بعد الاستقلال، أحمد بن بلة، ليؤسس لنظام عسكري مُتخلف، مليء بالعقد التاريخية. مُناسبة هذا الحديث الذي تغذيه الوقائع التاريخية المتراكمة، هو الحقد المتخلف الذي بدا أن النظام الجزائري زرعه في فئة كبيرة من الشعب، وصنع منهم قنابل موقوتة للمستقبل قادرة على صناعة البؤس، والارتضاء به، وتحويله إلى تخلف ميؤوس منه، اتجاه كل ما هو مغربي. هذا النظام، الذي يعيش على بقايا ما دَرَسه جنرالاته في الاتحاد السوفياتي الذي لم يعد في الخريطة، هو من يستغل اليوم، مباراة لأطفال لم يصل سنهم بعد 17 سنة، ليمرر تخلفه السياسي إلى شعبه المقهور منه، وإلى المنطقة التي تعاني من فكره البائس لأزيدمن نصف قرن. استغلال الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، الذي يعتبر واجهة الحكم لنظام عسكري قاسٍ كما وصفه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لمباراة رياضية يلعبها أطفال أعمارهم تقل عن 17، لا هي بحرب عسكرية، ولا باقتتال من أجل غنيمة، من أجل حشو عقل الشعب الجزائري برسائل سياسية وبحقد لكل ما هو مغربي، وصناعة أعداء، وعقدة "المروك"، هو تخلف ما بعده تخلف لنظام حكم لن يَترحم عليه أحد. الرئيس عبد المجيد تبون الذي وصفه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون الذي استعمرت بلاده الجزائر 132 سنة، بأنه "عالق داخل نظام شديد القسوة"، هو نفسه الرئيس المدني لواجهة نظام عسكرية ضيّع على الجزائر ما يزيد عن 400 مليار دولار خلال 15 سنة في قضايا فساد، وشراء أسلحة خردة، وبيع مستقبل الجزائر للشركات الأجنبية، ورهن أجيال من الجزائريين بفكر شمولي غبي جعل حياة الجزائريين قاسية يصطفون لساعات طوال من أجل علبةحليب لأطفالهم، ولكيس دقيق لخبزهم اليومي، ولأيام للحصول على أموال تقاعدهم في مصارف البلاد المتخلفة، ولا حتى قنينة غاز لتدفئة طعامهم بمجمل المناطق الجنوبية للبلاد في دولة تحتل المرتبة العاشرة من حيث الاحتياطي العالمي للغاز. وإن كان النظام الجزائري يحاول أن يصنع تاريخا لأمّة جزائرية، حسب وصف الرئيس الفرنسي حينما تساءل "إن وُجِدت أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي"، من خلال حشو الشعب بحقد "المروك" ومحاولة تقسيم المملكة المغربية التي تشكل تهديدا استراتيجيا لبناء الأمّة الجزائرية، حسب الذهنية المعاقة للنظام العسكري في قصر المرادية، فإن سيرورة التاريخ، والحقائق على الأرض يصعب أن تساند هذا التوجه. هذا المنطق المدمر للنظام العسكري الجزائري، هو نفسه الذي وصفه الرئيس التونسي السابق، منصف المرزوقي، بأنه جعل "متهالك، ومُنقرض بيولوجيا، جعل النظام العسكري الجزائري في وضع لا يحسد عليه". وأضاف أن الآليات التي جربها النظام الجزائري، "غير القابل للإصلاح، والذي انتهى سياسيا وأخلاقيا، وأصبح متجاوزا، منذ استقلال البلاد، أصبحت عديمة الفعالية". وعليه، فإن حشو الشعب ضد أطفال يلعبون كرة القدم، ومحاولة تقديمهم قربانا لنصر لم يتحقق ولن يتحقق على "المروك"، هو استمرار في انتاج بؤس عقول سيلعنها التاريخ كما يُبصق في وجهها الحاضر.