منحت تحركات رابطة الريف مؤخرا بأوروبا جملة من المؤشرات أهمها في نظر كاتب هذه السطور هي توضيح العلاقة بشكل جيد بين بعض “الأجهزة المغربية ببروكسيل وبأوروبا بصفة عامة” و “نضالات الريفيين بالديار الأوروبية” من جهة ومن جهة ثانية بين الريف كمنطقة جغرافية وسكانية لديها تاريخ طويل من الصراع غير المتكافئ مع الدولة المخزنية المركزية، والدولة المركزية التي تعمل على قدم وساق لأجل كبح التحركات الشجاعة للريفيين بالداخل والخارج مستعينة –أي دولة المخزن المركزية- بجملة من خدامها الأوفياء الذين يتفانون في خدمة مصالح المخزن بالداخل والخارج في محاولة منهم –أي الدولة وخدامها- لإبقاء المغرب على ما هو عليه، بنظام سياسي فاقد للصلاحية، وبنية مجتمعية هشة، وأوضاع اقتصادية مزرية، وحصار ثقافي، وبالتالي استمرار دولة الراعي والرعية ينظمها تعاقد بيعوي رعوي مبني على مفهوم الولاء الأعمى لصاحب السلطة، وهو رهان فاشل بالنظر إلى التغيرات والتحولات التي يعرفها المجتمع المغربي، والريف بصفة خاصة. إن المتتبع لأنشطة رابطة الريف بأوروبا وبياناتها سيلاحظ غياب الحس الريفي لدى هذه الجمعية التي تحركها جهات معروفة للسير في اتجاه الحفاظ على طبيعة الدولة المخزنية الحالية كما شرحنا أعلاه، فهي –أي رابطة الريف- تمثل كلب الحراسة للدولة المخزنية بالخارج إلى جانب كلاب أخرى -ستأتي مناسبة الكشف عنهم ومجابهتهم مع الرأي العام- مما يجعلها في موقع الحارس الدائم لتحركات الريفيين الحرة النابعة من الغيرة الصادقة والعميقة على هذا الريف، لنشرح ذلك بقليل من التفصيل... ولدت رابطة الريف بأوروبا من رحم الصراع القبلي حول العمالة الجديدة بالريف بعملية قيصرية من طرف المخزن المغربي في محاولة منه لإحياء النعرة القبلية وبالتالي هزم المناضلين الريفيين الذين أربكوا حسابات المخزن ليستعين بمثل هؤلاء ونسخهم الموجودة في المغرب (وهي جمعيات مخزنية تأكل الثوم بفم ضحايا سنوات الجمر والرصاص بالريف ومن بينها جمعية أوسان.) ثم اتجهت مباشرة إلى خدمة المصالح المخزنية، والدفاع عن فضائح المخزن وغيرها من “الزبايل” التي جمعتها في قفتها، فقد قامت رفقة بعض الخونة من بينهم أعضاء جمعية أوسان بزيارة خاصة للرباط لأجل اللقاء ب “خليفة ن مريتش” أحد المقربين من إلياس العمري صديق صديق الملك –أنظر الصورة المرفقة التي يظهر فيها أعضاء رابطة الريف وأعضاء جمعية أوسان إلى جانب خليفة ن مريتش-. وبعد أن جمعت الرابطة ما يكفي من “الزبايل” و”الفضائح” في قفتها (بيانات عنصرية، تطبيل للدولة المخزنية، دفاع عن أخطائها، اتهامات باطلة للأشخاص، التهجم على المنابر الإعلامية المحايدة ...الخ) عملت على تنظيم ندوة حول حرب الغازات السامة ببروكسيل تخت عنوان “محمد بن عبد الكريم الخطابي وحرب الغازات السامة” وكانت ندوة فاشلة بكل المقاييس، حيث قامت الرابطة –التي كانت متكونة آنذاك من أربعة أشخاص قبل أن تصبح جمعية لشخصين “ادريس البوجدايني وطارق غاي”- بوضع أسماء العديد من الأساتذة والمحاضرين أمثال سياستيان بلفور، علي الإدريسي، حسن البدوي، عمر لمعلم، الطيب بوتبقالت...وآخرون في الإعلان للمشاركة في الندوة دون علمهم بهدف تلميع صورهم وجلب الدعم المادي الذي بلغ أرقاما قياسية حسب المعطيات التي توصلنا إليها من أكثر من مصدر عليم، فبالإضافة إلى الدعم الذي حصلت عليه من طرف مجلس الجالية والحكومة الفلامانية وبلدية بروكيسل – سننشرها لاحقا بالتفصيل- حصلت على دعم موازي من تحت الطاولة من طرف جهات مخزنية معروفة لتصل المبالغ المالية المحصل عليها إلى ما يفوق كل التصورات، دستها الرابطة في حاسبها دون حسيب ولا رقيب. يقول أحد المصادر المقربة من الرابطة حول عدم حضور الأساتذة للمشاركة في الندوة : “تم استدعاء المارة والجالسين بالمقاهي والإتصال المباشر بالأهل والإخوة للحضور للتغطية على فضيحة الفشل في استمالة المثقفين والطلبة” . الجدير بالذكر في هذا المضمار أن الندوة المذكورة حاول فيها المشاركون التغطية على جريمة استعمال الغازات السامة من طرف التحالف الإمبريالي الفرنسي الإسباني والمغربي، وركزوا على جريمة اسبانيا بمعزل عن المخزن المغربي المشارك في الجريمة – سنعود لاحقا لهذا الموضوع لتوضيح العديد من المعطيات-. بعد هذه الندوة التي كانت أشبه بحفلات تقديم الولاء الأعمى، التزم أعضاء الرابطة الصمت في قضية المعطلين بالناظور، فرغم حملها لإسم كبير وهو اسم ريفنا الغالي إلا أنها التزمت الصمت حول ما حدث لإخواننا المعطلين بالناظور، ولم تشارك في الوقفة الإحتجاجية التي دعت إليها الفعاليات الريفية بالخارج تضامنا مع المعطلين، – بإملاءات مخزنية طبعا- لتخرج في الأخير ببيان “توضيحي” على حد تعبيرها، وهو عبارة عن آخر صرخة قبل الموت الإكلينيكي أشبه بصرخات المرضى على فراش الموت عندما يتفوهون بعبارات غير مفهومة تحت تأثير المرض، فهذا البيان “التوضيحي” جاء تهجما على الحركة من أجل الحكم الذاتي للريف التي أربكت حسابات المخزن القومجي العروبي مؤخرا في بلجيكا، بوقفة احتجاجية شاركت فيها القوى اليسارية البلجيكية تضامنا مع المعطلين بالناظور، وبلقاء ناجح بكل المقاييس نظمته الحركة بمدينة لوفن، وعرفت تغطية إعلامية واسعة من طرف المنابر السمعية البصرية والإلكترونية والمكتوبة وخاصة المنابر البلجيكية، الشيء الذي أعطى للحدث دلالته فما كان لكلاب الحراسة بالخارج إلا أن ينبحوا بإيعاز من بعض الأجهزة المعروفة في محاولة منهم للتأثير على الرأي العام بعد الدينامية التي خلقتها تحركات الحركة من أجل الحكم الذاتي للريف بالخارج. بيان الرابطة “التوضيحي” يحمل بين ثناياه المتقابلات والمتناقضات ما لا يعد ولا يحصى، كما هو عبارة عن اعتراف قوي من طرف الرابطة عن عدم قدرتها على النقاش الحضاري وعن مناقشة الأفكار، وبالتالي تتجه إلى التهجم على الآخر، كيف؟ وجه كاتب هذه السطور انتقادات كثيرة لسير الرابطة، وهي انتقادات تنطلق من استقراء الواقع وفهم مغزى التحرك الذي تقوم به الرابطة، فكانت ردة فعل الرابطة هي التهجم على الحركة من أجل الحكم الذاتي للريف وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على ضيق صدر أعضاء الرابطة المتشبعين بالقيم المخزنية العتيقة الأحاذية الرأي. كتب رمسيس بولعيون مقالا في بعض المواقع الالكترونية الريفية حول الوقفة الإحتجاجية التي قامت بها الحركة من أجل الحكم الذاتي أمام السفارة المغربية ببروكسيل وتساءل حول عدم حضور أعضاء الرابطة في الوقفة وهو تساؤل مشروع أملاه عليه تقديره على اعتبار أن الرابطة تحمل اسم الريف وتدعي الدفاع عن الريفيين، وتنشط في بروكسيل والوقفة الإحتجاجية كانت في بروكسيل، فما الذي يمنع مشاركتها في الوقفة الإحتجاجية؟ هل بأمر من السفارة والأجهزة السرية التي تقوم بتوجيه الرابطة أو لسبب آخر؟....؟؟...؟ وفي هذا المضمار وجب توضيح بعض النقط : المقالات التي كتبتها سابقا عن الرابطة وتحركاتها تعبر عن رأيي الشخصي وليس عن رأي الإطار الذي أنتمي إليه وهو الحركة من أجل الحكم الذاتي للريف، وبالتالي فالمنطق يقتضي أن تناقش الرابطة –إن كانت لها الجرأة على ذلك- ما جاء في مقالاتي وليس التهجم على الحركة من أجل الحكم الذاتي للريف، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على تدني المستوى الثقافي والفكري لأعضاء الرابطة الذين نعرف جيدا هشاشتهم كلما تعلق الأمر بمجابهتم مع الرأي العام، كما يدل أيضا على أن البيان “التهجمي” على الحركة هو إملاء من الإملاءات المخزنية المتكررة على الرابطة. رمسيس بولعيون كاتب صحفي مقيم في بروكسيل حركه ضميره لتغطية الوقفة التي قامت بها الحركة من أجل الحكم الذاتي للريف، وتسائل عن عدم حضور أعضاء الرابطة، فكانت ردة فعل هذه الأخيرة هي التهجم على الحركة كما أن الحركة هي التي كتبت التقرير الإخباري وليس الصحفي بولعيون، ولا بد من الإشارة أيضا إلى أن رمسيس لا تربطه أية علاقة مع الحركة من أجل الحكم الذاتي للريف، وهذا معروف لدى الجميع، وعندما تتهجم الرابطة على الحركة وبعض المواقع الالكترونية الريفية على خلفية مقال رمسيس بولعيون فإنها تشير بشكل وضوح إلى خللها المنطقي وهو خلط الأوراق بهدف الإصطياد في الماء العكر وهذه خطة مخزنية عتيقة أكل عليها الدهر وشرب، فآتوا بجديدكم يا أعضاء الرابطة إن لديكم جديد فعلا. هذا البيان في هذا الوقت بالذات الذي شهد تصعيد الأشكال النضالية للريفيين بالداخل والخارج، وفي هذا الوقت الذي طرحت فيه دولة المخزن المغربية “الجهوية الموسعة” هو محاولة من الجهات المخزنية التي تحرك الرابطة لإدخال الحركة في صراع مع الرابطة بهدف تمطيط الوقت لتقوم دولة المخزنية بتمرير مشروعها الجهوي، وهو رهان فاشل لأن الحركة من أجل الحكم الذاتي للريف هي أكبر بكثير من كل الصراعات، وهي حركة متجذرة في المجتمع بفعل نضالات أعضائها، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تؤثر عليها استفزازات المخزن وما أكثرها في الوقت الحالي.