ألقى الدكتور سعد الدين العثماني، القيادي البارز في حزب العدالة والتنمية، محاضرةً تحت عنوان «الرهان السياسي المغربي والاستحقاقات المقبلة»، من تنظيم الكتابة الإقليمية للحزب بالناظور، وذلك يوم الأحد 9 أكتوبر الجاري، ابتداءً من الساعة العاشرة صباحاً، بقاعة الحفلات «ثسغناس» بالناظور. في البدء، ركز الدكتور سعد الدين العثماني على المرحلة الراهنة من تاريخ المغرب المعاصر، حيث اعتبرها مرحلةً حساسةً تحتاج إلى تعبئة وحوار ونقاش وطني لتجاوز الصعاب والإشكالات التي نعيشها في بلدنا خصوصاً، وفي المنطقة عموماً ومعها أوربا التي يرى العثماني أن عدة دول فيها مهددة بالانشقاق وتعيش إشكالات تستوجب على الجميع المساهمة في النقاش والحوار لمواجهتها. بعدها انتقل الدكتور المحاضر إلى الحديث عن منطقة الريف التي اعتبرها ذات مكانةً خاصة مستشهداً في ذلك بثورة الأمير عبد الكريم الخطابي التي كان لها إشعاع عالمي، وقال العثماني أنه إذا كانت في المغرب منطقة يجب أن تتوفر على نظام الحكم الذاتي فهما منطقتا الريف والصحراء، ولكن تأسف رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية كون مشاريع تنموية كبرى تمت عرقلتها بمنطقة الريف في إطار ما يسمى بالمغرب «المنتفع» حسب قوله، والمغرب غير النافع. وفي حديثه عن الثورات الذي تعرفها عدة دول عربية، اعتبرها العثماني ثورات عرب-أمازيغية، كون الأمازيغ ساهموا فيها، ولابد من تثمين هذه الثورات والتظاهرات، يضيف العثماني، كونها كسرت عدة طابوهات وحواجز وأزالت حكاماً مستبدين، وأشار إلى أن منطق هذه الثورات يتمثل في جلاء عصر الاستبداد وانتهاء عصر الدولة الشمولية حيث أصبح المجتمع المدني هو الفاعل. والمهم، يضيف العثماني، هو أن يسترد المجتمع المدني فعاليته وأن يكون هناك حوار داخلي لنلتمس الإصلاح. وقد اعتبر الدكتور المحاضر أن الحراك الاجتماعي في المغرب تجاوز الأحزاب السياسية على أساس أنه استطاع أن يرفع من سقف النقاش، وطالب بضرورة استمرارية هذا الحراك من أجل القضاء على الفساد. حيث اعتبر العثماني أنه ما تزال هناك لوبيات لا تريد تطبيق الدستور وتنزيله، لذا حسب رأيه، فإن استمرار الحراك الاجتماعي هو ضمان لاستمرار الإصلاح. ونبه الدكتور العثماني إلى وجود نزوعات لدى هذه اللوبيات للتحكم في الدولة وهي لا تريد التخلي عن ذلك. معتبراً أن المعركة طويلة ضد ما أسماه بالفساد واللوبيات التي تتوفر على امتيازات غير مشروعة. كما تطرق رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، في محاضرته إلى القضاء في المغرب، معتبراً إياه قضاءً أصم وأعمى لا يرى إلى ما يريده البعض له أن يرى، مستثنياً في ذلك القضاة المخلصين والنزهاء. وشدد العثماني على ضرورة استقلال القضاة عن لوبيات الفساد التي تؤمن بمنطق التحكم واستغلال الدولة لأغراض شخصية وحزبية. ونبه إلى أن أول ملف يجب محاربته هو ملف الفساد المستشري كالسرطان والذي يؤذي البلاد والعباد سواءً على حد تعبيره. وقد استشهد الدكتور المحاضر في ذلك، بالتقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات الذي سلط الضوء على عدة ملفات فساد تهم عدة مؤسسات تابعة للدولة، ذكر منها: «القرض العقاري والسياحي»، «قناة 2M»، «وزارة التنمية الاجتماعية»، «شركات التدبير المفوض (الماء والكهرباء)». وقد استنكر العثماني الاختلالات الكثيرة التي تعرفها عدة مؤسسات تابعة للدولة، فيما يتعلق بالرشوة والمحسوبية والحزبية، وأعطى مثالاً في ذلك، على وزارة الصحة التي تنتشر فيها الرشوة بنسبة 65% حسب آخر الإحصائيات الرسمية. لذا يقول العثماني بأن شعار «الشعب يريد إسقاط الفساد» يجب أن يستمر، وهو يحيي كافة المتظاهرين الذين ينادون بهذا الشعار، وأشار إلى أن العنف ضد التظاهر قد يؤدي بالمغرب إلى اللامجهول. وأنه ما دامت التظاهرات سلمية ومحترمة للنظام العام ومساندة لعملية الإصلاح فإن المتظاهرين في نظره، سوف يصنعون مغرباً جديداً. ولم يفت الأمين العام السابق لحزب المصباح، الإشارة إلى حزب الأصالة والمعاصرة، واصفاً إياه ب «الوافد الجديد»، وأكد على أن هذا النموذج فشل في المغرب بمجرد سقوط نظام بنعلي في تونس. وانتقل بعد ذلك إلى الحديث عن المشهد السياسي والحزبي بالمغرب، مشدداً على محاربة ما يسمى بالبلقنة داخل الجماعات والبرلمان، ومؤكداً على ضرورة النضال داخل المؤسسات كونه جزء من النضال ضد الفساد والاستبداد، وقد اعتبر العثماني مقاطعة الانتخابات قراراً خاطئاً وليس بالحل الناجع. بل دعا الجميع إلى المشاركة في الانتخابات المقبلة وكذا إلى تخليق الحياة السياسية والإصلاح من داخل المؤسسات… ولإقرار هذه الإصلاحات التي يرديها الجميع، ختم الدكتور العثماني قوله بأن حزب العدالة والتنمية سوف يناضل على هذه الواجهة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وبعد انتهاء المحاضرة وفتح باب النقاش تميزت العديد من التدخلات وخاصة تلك المخالفة لتوجهات حزب المصباح بتوجيه انتقادات لاذعة لبعض مواقف الحزب، خصوصاً موقف الأمين العام للحزب من حركة 20 فبراير، إلا أن أجوبة الدكتور سعد الدين العثماني كانت مفحمةً وأقنعت جل الحاضرين. إستعمل حساب الفايسبوك للتعليق على الموضوع