منح إجازة لقراءة القرآن وإقرائه للطالب الناشئ رضوان إبراهيم ايت حسو *تقرير/التجاني بولعوالي في الحقيقة، صار يشكل شهر رمضان المبارك، في الدول الغربية التي تستقر فيها الأقليات المسلمة، حدثا استثنائيا ومتميزا، يكسّر الرتابة التي ترين على حياة المسلمين في الغربة، ويخفف من أعباء الالتزامات اليومية. مما يجعله متنفسا روحيا حقيقيا لمختلف الشرائح الاجتماعية المسلمة، التي تجد ضالتها في مؤسسة المسجد، لكونها أصبحت تشكل مكونا أساسيا في المجتمعات الأوروبية والغربية، حيث لا يخلو أي حي أو مقاطعة أو بلدة صغيرة من بناية المسجد، التي تعتبر محجا للرجال والنساء والأطفال، يوفر لهم مختلف الخدمات الدينية والتعليمية والاجتماعية. ولعل قيمة المسجد تغدو أكثر أهمية وبروزا عند مقدم شهر رمضان الأعظم، الذي يصبح المسجد طوال أيامه ولياليه فضاء إيمانيا مفتوحا للجميع، ينهلون من بركاته الممتدة وخيراته العميمة. وهذا ما ينطبق بشكل كبير على مساجد هولندا على العموم، التي تتنافس في تقديم أفضل الأنشطة الدينية، من محاضرات دينية وندوات فكرية ومسابقات ثقافية وإفطارات جماعية وحملات للتبرع والتصدق، وغير ذلك. وفيما يتعلق بمؤسسة مسجد الإحسان بمدينة أمستردام، يبدو أنها قامت طوال هذا الشهر المبارك بتنظيم سلسلة من الأنشطة الدينية والدعوية المكثفة، نالت استحسان رواد المسجد داخل الحي وخارجه، الذين استفادوا كثيرا من المحاضرات القيمة التي ساهم بها مجموعة من الدعاة والعلماء من هولندا والمغرب، كما استمتعوا أيضا بالتلاوات القرآنية التي كان يشهدها المسجد أثناء صلاة التراويح وخارجها، وكان يتلوها شباب وأطفال ينحدرون من الجيل الأخير، الذي ولد وترعرع في هولندا. إلا أن أهم حدث شهدته مؤسسة الإحسان، ليس على مستوى مدينة أمستردام فحسب، وإنما على المستوى الهولندي كذلك، هو منح إجازة في حفظ القرآن وتلاوته، لأحد القراء الناشئين، وهو القارئ رضوان إبراهيم ايت حسو، الذي قرأ القرآن كله طوال شهر رمضان برواية حفص عن نافع، على إمام مسجد الإحسان وخطيبها، السيد أحمد بن أحمد أحدّوش، الذي أخذ بدوره الإسناد في قراءة الإمام حفص عن شيخه رياض عبد الرحيم جبر البوستانجي، الذي تمتد سلسلة إسناده إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فأجازه وسمح له بأن يجيز غيره من القراء، الذين تتوفر فيهم الشروط العلمية اللازمة. وتعتبر هذه المبادرة من الأهمية الكبرى بمكان، ليس لأنها تعد الأولى من نوعها على الصعيد الهولندي، وإنما لأنها حفزت الكثير من الشباب الحافظين لكتاب الله تعالى، أو لجزء منه، على التفكير الجاد في اتباع هذا النهج، وإعداد أنفسهم لامتحان الإجازة العلمية في قراءة القرآن وإقرائه، كما جعلت الآباء يثمنون هذه المبادرة الطيبة الفريدة من نوعها، التي بادرت بها مؤسسة مسجد الإحسان. وقد شهدت الليلة الأخيرة من شهر رمضان حفلا دينيا متميزا، تابعه العديد من المصلين بإعجاب كبير، افتتح بإفطار جماعي نظمه المسجد، ثم تلاه حدث تتويج القارئ الناشئ رضوان ايت حسو بالإجازة في قراءة القرآن وإقرائه، على رواية الإمام حفص عن عاصم من طريق الشاطبية. وقد تضمن برنامج هذا النشاط كلمة عامة لإمام المسجد السيد أحمد أحدوش، الذي تحدث عن هذه المبادرة المتميزة، التي سنها مسجد الإحسان، على أن تستمر قصد تشجيع الأطفال والشباب المسلم على الإقبال على القرآن الكريم والاهتمام بعلومه، مما سوف يمكن لا محالة من إعداد قراء أكفاء متمكنين من قراءة كتاب الله عز وجل وإقرائه لغيرهم. ثم تلا على مسامع الحضور، سلسلة الإسناد التي أخذها عن شيخه البوستانجي، وهي تمتد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ليفسح المجال، بعدئذ، للطالب المجاز لقراءة الحزب الأخير من القرآن الكريم، وختمه بالدعاء في حضرة المصلين. عقب ذلك، أخذ الكلمة الإمام المجيز مرة ثانية، ليعلن منح الإجازة في قراءة وإقراء القرآن، للطالب المجاز رضوان إبراهيم ايت حسو، على أن يعمل هو كذلك على منحها لغيره من الطلبة والقراء، حتى تستمر سلسلة الإسناد المتناقلة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، طوال أكثر من أربعة عشر قرنا، غير أنه ينبغي أن يراعي الشروط العلمية في إعطائها لغيره، كالحفظ الجيد، واحترام قواعد القراءة التي أخذ إجازتها، وهي قراءة الإمام حفص عن عاصم. وفي نهاية هذا الحفل العلمي الديني، تقدم رئيس مؤسسة مسجد الإحسان، السيد الحسن قوريان، لمنح الإجازة للطالب المجاز، وهدية رمزية باسم مسجد الإحسان، كما قام الحاضرون لتهنئة الطالب على هذا التتويج العلمي، وشكر الإمام المجيز على هذه المبادرة الحسنة، التي من شأنها أن تقدم خدمات جليلة للقرآن الكريم، لاسيما في هذا الواقع غير الإسلامي، الذي يعيشون فيه. إستعمل حساب الفايسبوك للتعليق على الموضوع